كيف تتكون الجبال البركانية

هل سبق ووقفت أمام جبلٍ وشعرت بحضور عظيم، وروحانية عميقة؟ لطالما ارتبطت الجبال في معتقدات الثقافات والحضارات القديمة بالعظمة الإلهية، فهي إما موطن الآلهة أو عينها على الأرض، أو مكان لتعبدها، ولحسن الحظ جاءت الجيولوجيا الحديثة لنعرف أصل الجبال وقصة تشكلها، مع محافظتها على تلك الهالة من العظمة، فما هي الجبال وأنواعها وعلاقتها بالبراكين وكيف تتكون الجبال البركانية؟

الجبال هي تكوينات أرضية تعلو ما يحيطها بالارتفاع، تتكوّن من قمّةٍ ضيقةٍ، وقاعدةٍ أكثر عرضًا، فتظهر فيها المنحدرات الشديدة، ونادرًا ما تكون منفردةً، فمنذ ملايين السنين تشكلت الجبال ضمن سلاسل ونطاقات طويلة، يصل طولها إلى بضع مئات الكيلومترات، وتربط بينها بعض الهضاب، وتقطعها الوديان.

عندما ترتبط عدة نطاقات أو سلاسل مع بعضها تشكل ما يسمى بالأحزمة الجبلية التي يتجاوز طولها آلاف الكيلومترات، ويتراوح عرضها بين عشرات الكيلومترات وحتى المئات، وقد تُحاط إما بالسهول مثلما نشاهد في جبال الأنديز الغربية في شمال تشيلي، أو تحيط بها الهضاب مثل هضبة التبت في جنوبي غرب الصين.

لفهم الآلية التي تحافظ فيها الجبال على ارتفاعها في مواجهة جميع عوامل التعرية، انظر إلى تكوينها، فتمتلك الصخور خاصيتين أساسيتين تزيد من قوتها هي القساوة والكثافة، فالصخور الصلبة في طبقة القشرة الأرضية والتي تمتد حتى بضعة كيلومترات نزولًا أكثر قدرةً على حمل الجبال، تمامًا كما تستطيع قطع الجليد القاسي على حملك أكثر من الجليد الرقيق، وبما أن القشرة الأرضية أقل كثافة من الوشاح، فتطفو الجبال فوق الوشاح بجذور قشرية سميكة.

لتوضيح الطريقة التي تتكون بها الجبال البركانية وسائر أنواع الجبال عمومًا دعنا نتخيل قشرة الأرض كلعبة أحجية الصورة المركبة، فهي تتألف من قطع متراكبة مع بعضها، وكذلك القشرة الأرضية تتكون مما يسمى بالصفائح التكتونية المتجاورة، ويصل عددها إلى ست قطع ألواح عملاقة، ولكنها قد تتعرض لقوى داخلية تجبرها على التحرك، ونتيجة هذا الحركة وما تتعرض له من مقاومة تتشكل معنا الجبال، فهي عبارة عن تكاثف وتشوهات في القشرة الأرضة، وهذا ما حدث منذ ملايين السنين على سطح الأرض وتشكّلت معها الجبال والسلاسل الجبلية المعروفة حاليًّا، وما زالت تتحرك حتى الآن بضعة سنتميترات سنويًّا.

وفقًا لطبيعة حركة الصفائح التكتونية تتحدد نوعية الجبال، فهي إما أن تنثني أو تتصدع أو تتكسر، أو تنتج عن نشاط بركاني، وبجميع الأحوال ترتفع مساحاتٌ كبيرةٌ من سطح الأرض عند حدود الصفائح نحو الأعلى مُشكلةً الجبال بأنواعها المختلفة، فما هي هذه الأنواع وكيف تشكل كل منها؟

أقرب تشبيه لطريقة تشكلها هو ثني ورقةٍ من طرفيها، هذا بالضبط ما يحدث عند تصادم صفيحتين تكتونيتين بصفيحة أخرى متقاربة، مما يدفعها نحو الأعلى، حيث تطفو طبقة القشرة الأرضية الأقل كثافةً فوق طبقة الوشاح الأكثر كثافةً مُشكلة جبلًا مطويًّا، أو هضابًا وتلال.

ومن الأمثلة على الجبال المطوية:

عند اصطدام الصفائح التكتونية تتكسر بدل أن تنثني، فيتشكّل تصدع تتحرك بسببه صخور الصفائح فوق بعضها، ليرتفع أحد جانبي الصفيحة عاليًا، فتشكل الكتل المرتفعة جبلًا كتليًّا، وتعرف أيضا باسم الهورست، في حين يطلق على الكتل المُزاحة للأسفل باسم غاربين (Graben).

من الأمثلة على الجبال المطوية:

يتشكل هذا النوع من الجبال عندما لا تستطيع الصهارة من الوصول إلى سطح الأرض، فتتحرك للأعلى باحثةً عن طريقٍ للوصول إلى السطح دافعةً معها سطح القشرة الأرضية، ولكنها تتجمد وتتصلّب قبل أن تنفجر، وتساعد عوامل التعرية من أمطار ورياح على تشكيل قببها ووديانها لتأخذ شكلها.

ومن الأمثلة عليها:

تتكون الجبال البركانية نتيجة تفجّر حمم الصهارة على سطح الأرض وتراكمها، فكيف يحدث ذلك؟ تطفو الصفائح التكتونية الستة فوق طبقة من الصخور المنصهرة والغازات الذائبة والمتجمعة والتي تعرف باسم الصهارة، وبسبب ارتفاع درجة الحرارة إلى ما يتجاوز الألف درجة ضمن ما يسمى بغرف الصهارة، ولانخفاض كثافتها مقارنةً بما يعلوها من صخورٍ فهي تبحث عن أيّ شق أو فتحةٍ في الأرض لتتسرب منها للأعلى، وهذا ما يحدث في التصدعات الناتجة عن تصادم الصفائح، فتشق الصهارة طريقها عبر الصدوع والشقوق حتى تصل إلى السطح على شكل انفجارات للحمم المنصهرة والغازات والرماد؛ وبذلك يكون قد تشكل الجبل البركاني.

فيمكن القول أنه فتحةٌ أو صدع بسيط في الأرض يصل عبر قناة إلى الصهارة الذائبة، يتشكل بتدفق الحمم والأبخرة خلال القناة، وبتراكمها حول الفتحة حتى تأخذ الشكل المخروطي.

وفقًا لنشاطها يمكن تقسيم الجبال البركانية إلى: