كيف ينتقل الصوت في الماء؟
الصوت هو أمواج تنتج عن اهتزازات الهواء، وهذه الأمواج تنقسم إلى قسمين منها أمواج طولية يكون فيها اهتزاز الهواء بشكل موازي للاتجاه أو أمواج عرضية تتكون بإنشاء زاوية قائمة بين اهتزاز الهواء وبين اتجاه سير الموجه.
إن مصدر الصوت ينشأ موجات في ضغط في الهواء وهذا الضغط هي الأصوات التي نسمعها والتي تنتقل إلى الأذن الخارجية عبر القناة السمعية مما يسبب اهتزاز غشاء الطبل الذي بدوره يسهم بتحريك العظيمات السمعية الصغيرة الثلاث الموجودة في الأذن الوسطى ثم تنتقل إلى السائل والدهليز الموجودين في الأذن الداخلية مما يحفز الخلايا الشعرية الصغيرة ثم تتحول هذه الموجات والاهتزازات إلى نبضات كهربائية تنقلها إلى المخ الذي بدوره يفسر هذا الصوت.
وسرعة الصوت ليست ثابتة لأن الصوت عبارة عن طاقة حركية تنتقل من جزء إلى أخر فتقترب الجزيئات من بعضها البعض وبحسب شدة الربط بين هذه الجزيئات تكون سرعة انتقال الصوت. كما تختلف سرعة الصوت بين السوائل والأجسام الصلبة، والغازات حيث تعتبر كثافة الوسط هو العامل الثاني الذي يؤثر على سرعة انتقال الصوت فكلما كانت الكثافة أكبر انتقل الصوت بسرعة أقل فهي معادلة عكسية.
ولا يوجد اختلاف كبير في الطريقة التي من خلالها ينتقل الصوت في الماء أو في الهواء، وإن كان الصوت واضحًا أكثر ومرتفعًا في الماء وينتقل بشكل أسرع 5 مرات عنه في الهواء. فيلحظ الغواصون والسباحون عادة أن كل شيء يبدو غريبًا بمجرد أن تضع أذنيك في الماء، فلا يمكن معرفة الاتجاه الذي يأتي منه الصوت أو مدى بعده.
موجات الصوت في الماء
الصوت في الماء وفي الهواء واحد من حيث الموجات فهي متشابهه إلا أن الطريقة تختلف، قال العلماء إن الصوت له سعة أي شدة عالية أو منخفضة لهذا نقول إن الصوت عال أو منخفض فترتبط الموجه بكمية الطاقة التي تحملها فالموجه العالية السعة تحمل كمية كبيرة، والموجه المنخفضة السعة تحمل كمية صغيرة من الطاقة، فكلما زاد اتساع الموجه زادت شدة الصوت، فإن شدة الموجه الصوتية هي مقدار الطاقة المرسلة في الاتجاه الذي يسير فيه الصوت، ويمكن مقارنة شدة الصوت بالواط لكل متر مربع.
إن مستويات الصوت المعطاة بالديسيبل (وحدة قياس) في الماء ليست نفسها مستويات الصوت المعطاة بالديسيبل في الهواء.
كيفية انتقال الصوت في الماء
إن سرعة انتقال الصوت في الوسط المائي أسرع من انتقالها خلال الغاز والهواء، حيث تبلغ سرعة الصوت في الماء 1500 متراً في الثانية الواحدة في حين أن سرعته في الهواء 340 متراً في الثانية بسبب ترابط الجزيئات في الماء أكثر من ترابطها في الهواء؛ وعند إصدار صوت ما في الماء يولد اهتزازات بشكل موجات كروية تترابط فيما بينها لتشكل سلسلة تبدأ بالاانتشار عبر الماء، وعندما تنتشر الموجات الصوتية فإنها تصبح أضعف لأن الطاقة في كل موجه تنتشر على مساحة أكبر بطريقة رسم خطوط الضغط والمسافة بين هذه الخطوط تسمى (الطول الموجي)، والأمواج هي التي تحمل الصوت إلى سطح الماء فالهواء ثم ينعكس الصوت ليرتد إلى الماء مرة أخرى.
فالاختلاف كبير بين سرعة الصوت في البحر والمحيط عن سرعته في الهواء بسبب درجة الماء والضغط. ولنأخذ مثال الحوت وهو يسبح في المحيط يصدر موجات صوتية تتحرك مثل تموجات في الماء هذه الموجات الصوتية تنتقل إلى الحيتان الأخرى وتنخفض السرعة بزيادة العمق ومع انخفاض في درجة الحرارة، مما يسبب في انكسار الموجات الصوتية إلى أسفل ومجرد وصول الموجات إلى القاع تصل سرعة الصوت إلى الحد الأدنى فالضغط ودرجة الحرارة التي تحدث في أعماق المحيط كبيرة واستمرار الضغط يؤدي إلى زيادة سرعة الصوت ويجعل انكسار الموجات الصوتية إلى الأعلى.
هذه المنطقة من المحيط التي تنكسر فيها الموجات الصوتية إلى أعلى وأسفل تعرف باسم (قناة الصوت) مما يسمح انتقال الموجات الصوتية إلى ألاف الأميال دون أن تفقد الإشارة طاقة كبيرة.
سبب اختلاف الطريقة التي فيها ينتقل الصوت في الماء عن انتقاله في الهواء للجسم البشري
هذا الاختلاف في طريقة انتقال الصوت في الماء عنه في الهواء يعيدنا إلى حقيقة أن الجسم البشري مكوَّن في معظمه من الماء، فعندما نكون على أرض جافة فإن الصوت ينتقل عبر الهواء ويضرب الأذن ذات الطبيعة اللحمية الرقيقة، ولأن الهواء تركيبه يختلف تمامًا عن لحم الأذن فتكون للموجات الصوتية القدرة في التأثير عليها ونقل الصوت لها.
أما أسفل الماء فإن هذه الأجزاء اللحمية لا تعدو إلا أن تكون جزءًا من الماء وقريبة التشابه معه لذا لا يشكل الأمر فارقًا كثيرًا بالنسبة للموجات الصوتية بين الماء وبين الأجزاء اللحمية، ولكن يكون الفارق أكبر بين الماء وبين عظام الجمجمة فينتقل الصوت من خلال اللحم حتى يصطدم بشيء مختلف بما يكفي لانتقال الصوت ويستمر في طريقه حتى يصل إلى عظام الجمجمة السميكة.
لذا فتلك النسبة الضئيلة من الإنسان غير المصنوعة من الماء والتي تساوي تقريبًا 35% منه هي المسؤولة عن نقل الصوت أسفل الماء إليك وليس الأذن والتي تم تجهيزها لتنقل الصوت في الهواء الطلق وليس أسفل الماء لتساعد على تكيف الإنسان أكثر.
نشاط بسيط لتجربة كيف ينتقل الصوت في الماء
إذا رغبت في تجربة بسيطة لانتقال الصوت عبر الماء فيمكن أن تملأ حوض الاستحمام أو دلو كبير وتضع أذنًا واحدة أسفل الماء وتطرق بملعقة على حافة الحوض وتختبر الفارق بين ما تسمعه أسفل الماء وما تسمعه بالأذن الأخرى فوق الماء.
كما يمكنك الاستعانة بشخص آخر ليطرق بشيء فولاذي مقاوم للصدأ في منطقة أبعد من حوض الاستحمام أو حمَام السباحة وستجد فارقًا كبيرًا مما تسمعه سواء كنت بكامل رأسك أسفل الماء أو كنت أعلى الماء والصوت قادم من داخل الماء.
وهكذا يمكن القول أن الصوت ينتقل عن طريق موجات منتشرة في الهواء، وعندما تصل هذه الموجات إلى الأذن فإنها تؤذي إلى اهتزاز عظام الصوت الصغيرة الموجودة في الأذن الداخلية. كما ينتقل الصوت في الماء عبر موجات صوتية تتفاعل أسرع مع الموجات المائية وتؤدي ليس إلى اهتزاز العظام الداخلية في الأذن ولكن تؤثر في عظام الجمجمة مباشرة حيث تكون قادرة على تحريك العظمة الصغيرة التي يمكن لمسها خلف الأّذن مباشرة.
ولهذا السبب يمكنك سماع الأصوات ذات الترددات العالية في الماء وفقدان الترددات المنخفضة كما لا يمكنك تحديد الاتجاه لأنها لا تؤثر في الأذن وإنما في عظام الجمجمة.