لماذا الحوت الازرق مهدد بالانقراض؟
يُعد الحوت الأزرق من أضخم الحيوانات البحرية على الإطلاق، وعلى الرغم من قوّته وضخامته هو مهدد بالانقراض، فما السبب في ذلك؟
أدرج الحوت الأزرق ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض في غضون القرن التاسع عشر وحتى مطلع القرن العشرين نتيجة الصيد التجاري الجائر للحيتان، إلا أنه في عام 1966م لجأت الدول إلى وضع الحيتان تحت الحماية من هذا النوع من الصيد بموجبِ الاتفاقية الدولية لتنظيم صيد الحيتان، وقد عاودت الظهور مجددًا في قائمة الأنواع المهددة بالانقراض سنة 1970م نتيجة العديد من الممارسات الجائرة بحقه، وقد ألزم قانون الأنواع المهددة بالإنقراض بضرورة حماية الحيتان الزرقاء، كما جاء قانون حماية الثدييات البحرية ليتصدى لانقراضها وحمايتها.
كما لعبت التكنولوجيا وتقدمها أيضًا دورًا في تعرض الحوت الأزرق للتهديد بالانقراض؛ وتمثل دورها بتحفيز الإنسان على ابتكار طرق جديدة وذكية للإيقاع بالحوت الأزرق وصيده بكل سهولة، بالإضافة لصنع السفن ووجود المصانع المتنقلة عليها، هذا وقد أثرت ضوضاء السفن وما يترتب عليها من تلوث من حدوث اضطراب في أعداد الحيتان في المناطق المأهولة بالنشاط البشري، وما زالت مسألة تأثر أعداد الحيتان الزرقاء وبقائها مجهولة تحتاج إلى أدلة بتأثرها بتغير المناخ.
جهود حماية الحوت الأزرق
حرصت العديد من الجهات المختصة بما فيها NOAA Fisheries وشركاؤها على بذل قصارى جهودها للحفاظِ على بقاء أكبر عدد من الحيتان الزرقاء وإعادة نشر وجودها مجددًا في كافة أرجاء المحيطات، فقد لجأت إلى استحداثِ مجموعة من التنقنيات المبتكرة التي من شأنها إنقاذ الحوت الأزرق وحمايته من الانقراض، وذلك من خلال التقليل من مخاطر التصادم وتوفير مصائد الأسماك الصحية، بالإضافة إلى التخلص من ضوضاء المحيطات وتوفير ممارسات نقل آمنة للحيتان من مكان إلى آخر.
ويستذكر التاريخ وجود أعدادًا وفيرة من الحيتان الزرقاء قبل بدء مرحلة صيدها، إذ كانت هناك أعداد تتفاوت ما بين 150-200 ألف حوت أزرق، وقد لوحظ وجودها في كافة المحيطات الرئيسية.
أما في الوقت الحالي فقد تراجعت أعدادها لتصبح 1500-2500 حوت أزرق. وقد كانت هذه الحيتان محط أنظار الصيادين للاستفادة منها في الحصول على الغذاء والملابس والزيوت والصابون والعطور والشموع وغيرها.
لماذا انقراض الحوت الأزرق هو الأكثر غرابة؟
يزداد سنويًا انقراض العشرات من أصناف الحيوانات على وجه الأرض لأسبابٍ عديدةٍ. ولعلَّ انقراض الحوت الأزرق أحد أكثر حالات الانقراض غرابةً. فالحيتان الزرقاء بحدِّ ذاتها تساهم في انقراض نوعها من خلال ما يعرف بظاهرة “انتحار الحيتان“. حيث تظهر العشرات من الحيتان سنويًا مستلقيةً على شواطئ البحار، وهي في حالةٍ يرثى لها. وغالبًا تموت قبل أن يستطيع البشر إعادتها إلى المياه. هذه الظاهرة حيرت العلماء الذين لم يستطيعوا إلى حدّ الآن من وضع تفسيرٍ نهائيٍ لهذه الظاهرة. من ناحية أخرى، فإن ممارسات الإنسان التعسفيَّة بحق هذا الكائن أدت إلى انخفاض أعداده بشكلٍ مخيف.
وكل هذا بسبب الإفراط في الصيد. وقد تم قتل الحيتان بشكلٍ رئيسي، بسبب حجمها الضخم؛ حيث تعدُّ أجسادها العملاقة إمدادات ضخمة من النفط واللحوم. ولذلك أصبحوا معرضين للخطر، ففي كل يوم يتم اصطياد الآلاف منهم. كمثال، تم قتل 29649 من الحيتان الزرقاء في عام 1931، وهو أكثر مما هو عليه الآن. كما تتعرض هذه الحيتان أحيانًا للأذى بواسطة السفن، والتلوث الناجم عن رمي النفايات في البحار والمحيطات. كما أن الاحتباس الحراري أحد أهم عوامل انقراض الحيتان الزرقاء حيث أن ذوبان الثلوج من الجبال، وتدفق المياه العذبة إلى البحار يخفّض من درجة المياه، ويدفع الحيتان إلى الهجرة أحيانًا في أوقاتٍ خاطئةٍ، مما يؤثر على امداداتها بالطعام وبالتالي تغذيتها. يوجد في الوقت الحالي حوالي 14000 حوت أزرق على قيد الحياة وأعدادها تتزايد بالتدريج.
السمات الرئيسية للحوت الأزرق
الحوت الأزرق أضخم الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض، يتراوح طوله بين 23-27 متر، بل وسجّل أحد هذه الحيتان طول 30 مترًا، كما يبلغ وزن الحوت الأزرق 100-150 طن. وأما عن سبب تسميته بالحوت الأزرق ذلك بسبب لونه الأزرق المائل للرمادي.
تُعدُّ الحيتان الزرقاء اطول الحيوانات عمرًا على سطح الأرض؛ إذ أنها تعيش لفترة زمنية قد تصل إلى 80-90 عام، ومن جهة أخرى، يُعتبر الحوت الأزرق من أكثر الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، ذلك بسبب عدة عوامل:
وتعد الإناث أكبر حجمًا من الذكور، ولتتخيل ضخامة الرقم اعلم أن وزن الفيل البالغ يصل إلى 4.5 طن فقط، أي أن وزن الحوت 33 مرة مثل وزن الفيل.
ويعيش الحوت الأزرق في كافة المحيطات عدا المناطق المتجمدة شمال الكرة الأرضية، ويهاجر عادة بين فصلي الشتاء والصيف في سبيل البحث عن الغذاء. تقضي الحيتان شهور الصيف في المناطق الباردة وتتحرك في الشتاء باتجاه دائرة الاستواء حيث المياه أقل برودة. تتحرك عادة إما مفردة أو كأزواج، وفي أحيان قليلة تتحرك في مجموعات.
يعد الكريل (Krill) -حيوان بحري صغير شبيه بالجمبري- غذاء الحيتان الزرقاء المفضل، بل يكاد يكون غذاءها الحصري. يستهلك الحوت البالغ الواحد في بعض أوقات السنة قرابة 4 طن من الكريل يوميًا. كذلك تدخل الأسماك وأنواع من القشريات في قائمة غذاء الحيتان الزرقاء.
وهكذا تعرفنا على السبب الأساسي الذي دفع الحيتان الزرقاء إلى حافة الانقراض ألا وهو الصيد، وذلك في سبيل الزيت المستخلص منها. في الفترة بين بداية القرن العشرين وستينياته ذُبح نحو 360,000 حوت أزرق، حتى أصبحت تحت حماية الوكالة الدولية لصيد الحيتان (International Whaling Commission) التي تأسست بغرض تنظيم صيد الحيتان وحمايتها من الصيد الجائر.
تشمل الأخطار الأخرى التي تتعرض لها الحيتان الزرقاء الصدمات التي تتعرض لها من السفن أو ما يعرف بـ (Vessel strikes). كذلك يمكن أن تقع الحيتان ضحايا لشبكات ومعدات الصيد بحيث تعلق بها وتسحبها لمسافة طويلة مما ينتج عنه أخيرًا إرهاق الحيتان أو حتى موتها. نضيف إلى ذلك مجموعة أشياء أخرى تشمل التلوث والضوضاء المنتشرة عبر المحيط وتغيرات المناخ والأضرار الحادثة لمواطنها الطبيعية.