لماذا يدور كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب
كوكب الزهرة هو أحد كواكب المجموعة الشمسية وثاني أقرب كوكب للشمس خلف عطارد، يطلق على كوكب الزهرة اسم توأم الأرض، لتشابه الكوكبين في الحجم والكتلة، كما يسمى بفينوس تيمنًا بآلهة الحب والجمال عند اليونان. شغل العلماء لعقودٍ طويلةٍ في محاولةٍ لمعرفة لماذا يدور كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب.
دوران كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب
يتميز الزهرة ببطء حركة دورانه حول نفسه، حيث يستغرق الكوكب 243 يومًا أرضيًّا حتى يُتمّ دورةً حول نفسه، بينما تحتاج دورته الكاملة حول الشمس لوقتٍ أقصر؛ أي أن السنة الواحدة على سطح الزهرة أقصر من اليوم الواحد على الأرض. كما يدور كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب في المجموعة الشمسية؛ حيث تشرق الشمس على الزهرة من جهة الغرب وتغرب من جهة الشرق.
يُعتبر الزهرة أكثر الكواكب سخونةً في المجموعة الشمسية؛ نتيجةً لقربه من الشمس وتغطية سطحه بشكلٍ كاملٍ بغيومٍ كربونيةٍ كثيفة، ويعتقد العلماء أن المناخ على كوكب الزهرة منذ ملايين السنين كان مشابهًا للمناخ على كوكب الأرض، وأن المحيطات والبحار شكلت أجزاءًا كبيرةً من سطحه.
إلا أن الحرارة العالية الناتجة عن طبقة الغيوم الكثيفة التي أحاطت به؛ كانت السبب في تبخّر هذه المياه، وتحول سطح كوكب الزهرة إلى وضعه الحالي الخالي من أي تواجدٍ للمياه، وفقًا للمعلومات التي وصلت من العديد من المركبات الفضائية، التي أطلقتها كلٌ من وكالة ناسا والاتحاد السوفيتي السابق خلال النصف الثاني من القرن الماضي لاكتشاف سبب دوران كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب.
الغلاف الجوي لـ كوكب الزهرة
يدفعنا البحث عن سبب دوران كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب، إلى الرغبة بالتعرف على غلافه الجوي؛ الذي يتضمن غاز ثنائي أوكسيد الكربون كمكونٍ أساسيٍّ، بالإضافة إلى كمياتٍ صغيرةٍ من النيتروجين والأحماض، كما يتصف بكثافته العالية جدًا؛ فكمية النيتروجين الموجودة في غلافه الجوي -على الرغم من قلتها مقارنةً بكمية ثاني أوكسيد الكربون- تفوق تلك الموجودة في الغلاف الجوي للأرض، مع العلم أن النيتروجين يشكل ثلاث أرباع الغلاف الجوي للأرض.
تتسبب هذه الكثافة الكبيرة في تسخين سطح الكوكب بشكلٍ كبيرٍ، حيث تصبح درجات الحرارة على سطح الكوكب أعلى من مثيلاتها على سطح كوكب عطارد الأقرب للشمس، وتشكل السحابة الكربونية التي تغطي الكوكب حاجزًا يمنع رؤية السطح بشكلٍ مباشرٍ، كما يحمي الكوكب من المذنبات الصغيرة التي تدخل مجاله الجوي.
كيف اكتسبت الكواكب دورانها
يُعتقد بأن كواكب المجموعة الشمسية اكتسبت سرعة وجهة دورانها أثناء تشكلها منذ ما يقارب الـ 4 مليار سنة، عندما كان نظامنا الشمسي عبارةً عن سحابةٍ من الغبار الكوني والغازات، لتتسبب بعدها موجات الطاقة الهائلة الناتجة عن انفجارٍ عظيمٍ لنجمٍ قريبٍ بتداعي هذه السحابة، قبل أن تجذب قوى الجاذبية الخاصة بمكونات تلك السحابة القطع المتناثرة ضمن قرصٍ دائريٍّ مسطحٍ يدور حول نفسه، تشكلت منه لاحقًا كواكب النظام الشمسي الحالية، التي حافظت على نفس جهة دوران القرص، بينما يدور كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب.
وما تزال الكواكب تدور حتى يومنا هذا نتيجةً لانعدام قوى المقاومة في الفراغ الذي تدور فيه، ويعتقد أن بعض المؤثرات الخارجية في وقتٍ لاحقٍ، كانت سببًا في انعكاس دوران كوكب الزهرة.
سبب دوران كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب
تعددت الفرضيات حول سبب دوران كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب في المجموعة الشمسية؛ ومنها افتراض بعض العلماء أن كوكب الزهرة يدور بنفس جهة دوران باقي الكواكب، إلا أن الكوكب مقلوبٌ رأسًا على عقبٍ، لذلك تبدو حركة دورانه للناظر إليه كأنها بعكس دوران باقي الكواكب.
بينما يستند البعض إلى أن أعدادًا كبيرةً من الكويكبات والجسيمات الصغيرة تشكلت نتيجة الإنفجار الكبير، الذي نتج عنه النظام الشمسي بشكله الحالي، لتتوزع بعدها هذه الكويكبات بين الكواكب وتتخذ لنفسها مداراتٍ حول الشمس.
إلا أن المدارات تقاطعت في كثيرٍ من المرات مع مدارات الكواكب الكبيرة؛ ما أدى الى اصطدام تلك الكويكبات بالكواكب التي كانت تُكمل دورانها ضمن محورها حول الشمس، وانطلاقًا من هذه المعلومات اقترحت إحدى الفرضيات، أن كوكب الزهرة يدور حول محوره عكس بقية الكواكب؛ نتيجةً لاصطدام بعض تلك الكويكبات بالكوكب نفسه أثناء دورانه حول الشمس ،مُسببًا تغير جهة الدوران.
لإثبات صحة هذه الفرضية على كوكب الزهرة قام الباحثان "Alex Alemi" و"David Stevenson "من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، بإجراء تجاربَ لدراسة وتحليل سبب دوران كوكب الزهرة حول محوره عكس بقية الكواكب المجاورة، ولاحظوا نتيجة هذه المراقبة حدوث اصطدامين كبيرين في تاريخ كوكب الزهرة.