🎞️ Netflix

لماذا يضع الجزار المرايا؟

لماذا يضع الجزار المرايا؟
ولاء الحايك
ولاء الحايك

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

الجزّار في مصر والقصّاب في العراق واللّحام في بلاد الشام، هذه هي التسميات المتعارف إطلاقها على الشخص الذي يعمل في ذبح الحيوانات وتقطيع لحومها وبيعها، وبشكلٍ خاصّ اللحوم الحمراء سواء بقر أو غنم بالإضافة للحم الدواجن، فتُعدّ من أقدم المهن المعروفة عبر التاريخ، والتي بدأت مع بداية استئناس البشر للحيوانات وتدجينها، مُستخدمين لحومها وألبانها وجلودها.

وتعتبر مهنة اللحام أو الجزّار من أكثر المهن المتداولة اليوم. يقوم اللحام أو الجزار بتقطيع اللحوم وبيعها بكافة أصنافها وأنواعها وبالأخصّ لحوم الأبقار والأغنام والماعز. ومن هذا المنطلق أطلق لقب الجزّار على الشخص الذي يقوم بذبح الحيوانات ونحرها وسلخ جلدها وتقطيع لحومها، وذلك من أجل بيعها في محلّات اللحوم.

وفي اللغة الإنجليزية تعني كلمة الجزار أو اللحام (Butcher)، كما نجدها تأتي بمعنى (Meat Cutter). وتختلف تسمية كلمة الملحمة في الوطن العربي، إذ يطلق عليها اسم “الجزّارة” في مصر، بينما يطلق عليها اسم “القصّابة” في العراق.


لماذا يضع الجزار المرايا؟

ولكن ما يثير الغرابة والدهشة، هو وضع الجزّارين للمرايا ضمن محالّهم التجاريّة. إذ نجد المرايا المتوزعة في كلّ زاويةٍ من زوايا محالّ الجزارين.

فهناك كمية كبيرة من الدماء التي من الممكن مشاهدتها لدى اللحام، وهو ما قد يكون مُرعبًا ومخيفًا للبعض، ومن الممكن أن تحمل الإجابة على سؤالك، فإليك هذه المجموعة من فوائد استخدام المرايا لدى الجزارين:

  • توارثت مجتمعاتنا العديد من الاعتقادات وأكثرها ما يتعلق بالجنّ، الذي كان ومازال محطّ فضول العديد، ومصدر رعبٍ للبعض. وكما هو معتقد فإنّ الجن يتواجد أينما وجدت الدماء واللحوم، وفي حين أنّ لبني الإنس انعكاسٌ على المرآة فإنّه ليس للجن انعكاسٌ عليها، وبالتالي من الممكن استخدامه لتمييز الجن عن الإنس في محيط الجزار.
  • هناك قسم من الجزارين ممن لا يؤمن بالجن، ويعتبرها محض خرافاتٍ وقصصٍ تروى للأطفال، وهم ممن يستخدم المرايا في محالهم كخطةٍ تسويقيةٍ، للإيهام بالوفرة والكثرة في المعروضات والمنتجات وتنوع الأدوات، فانعكاس صورتها على المرايا يمنح الزبون شعورًا بوجود كميّةٍ فائضةٍ ووفرةٍ في اللحوم بمختلف أنواعها، ممّا يلعب دورًا في التأثير على قرار المشتري، بلفت نظره لما قد يكون غاب عن باله حاجته إليه أو ما لم يكن يعلم بوجوده فيمنحه الرغبة بشراء كميةٍ أكبر وأنواعٍ مختلفة من المنتجات، الأمر الذي يعود بالربح الوفير على الجزار. وعمومًا تتبع هذه الإستراتيجية في كثيرٍ من المحال، ويعتمدها العديد من الباعة بالإضافة للجزارين، كبائعي الخضار والفاكهة.
  • ومن الفوائد الأخرى للمرايا المستخدمة في محال الجزارة هي الوهم البصري والإيحاء باتساع المكان، مما يمنح الزبون شعورًا يبعث على الراحة وقد يجد البعض فيها متعةً وجماليّةً، فتزداد رغبته في الشراء، ويمنح نفسه وقتًا أطول في التسوق ليعيد النظر في احتياجاته ورغباته من اللحوم، الأمر الذي يساهم في تجربةٍ تسويقيةٍ أفضل للمشتري.
  • هذا بالإضافة لما تضفيه المرايا في محال الجزارة من لمسةٍ أنيقةٍ وجميلةٍ، مما يخفّف من هول منظر الدماء واللحوم الذي قد يكون مزعجًا لبعض الزبائن، وممّا يدفعهم إلى البقاء فترةً أطول ويمنحهم الرغبة في الشراء.

فهناك العديد من المعتقدات السائدة لسبب وضع الجزار للمرايا ضمن محلّه، فالبعض يضعها من أجل الزينة فقط، أما البعض الآخر فيضعها من أجل المراقبة بحيث تظهر له أكبر مساحةٍ في المحل تجنبًا للسرقة، لتكون المرآة بمثابة كاميرا مراقبة.

ولكن الأغرب أن بعض المعتقدات السائدة والتي لا يؤمن بها الكثير تقول بأن كثرة الدماء واللحوم تجذب الجنّ، ولهذا إن أتى الجنّ إلى اللحام ولم يره في المرآة، سيعرف حينها بأن هذا ليس من بني الإنس بل من بني الجنّ، لأن الجن لا يظهر في المرآة، ويعتبر هذا التفسير من أشهر المعتقدات المتداولة منذ القدم، ولكنّ أغلب الجزّارين لا يؤمنون بهذه المقولة إطلاقًا.


هل تعتبر مهنة الجزّار خطيرة؟

لطالما صُوِّر الجزّار لك وللمجتمع على أنه ذلك الشخص القوي والمتجمد المشاعر والأحاسيس، نظرًا لما تطلّبه عملية الذبح من قوةٍ في القلب وصلابةٍ وإتقانٍ، فأي تردّدٍ أو خوفٍ قد تكون له نتائج وخيمة على الجزار الذي يستخدم أدوات مثل كالساطور وهو الأشهر بينها، والسكاكين بأحجامها وأنواعها المختلفة والتي يشترط فيها الحدّة خلال عملية الذبح وخاصة لدى المسلمين، وآلة فرم اللحم وقص الدجاج، ومعدات تجهيز لحم النقانق والسجق.

وتعدّ مهنة الجزّار من أخطر المهن على الإطلاق، وذلك بسبب تعامل اللحام مع العديد من الأدوات الحادّة مثل السّاطور، والسكاكين بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى المقصّات وآلات إعداد النقانق وفرم اللحوم.

ويلقى على عاتق الجزّار العديد من المهام ومنها:

  • أخذ قطع اللحوم الكبيرة من الحيوانات، وتقطيعها إلى أجزاءٍ ناعمةٍ أو فرمها.
  • الفحص اليومي لجودة اللحوم المراد بيعها، وتسعيرها.
  • طحن وفرم وتقطيع اللحوم، وتغليفها بشكلٍ جيدٍ.
  • تنظيف وتعقيم الأدوات المستخدمة بشكلٍ يوميّ.
  • تخزين الفائض من اللحوم ضمن البرّادات والثلاجات لمنع تلفها.
  • استلام الطلبيات وتنسيقها لضمان تسليمها على الموعد المحدد.
  • ارتداء اللباس المناسب، نظرًا لكثرة تعامله مع الدماء.

فلا تعدّ مهنة الجزار من المهن السهلة على الإطلاق! فعلى الرغم من عدم حاجة الجزّار إلى الشهادة الدراسيّة، إلا أنه يحتاج إلى التحلّي بالعديد من الصفات مثل الصبر، والتيقظ والانتباه بسبب التعامل مع العديد من الأدوات الحادّة، بالإضافة إلى القدرة على كسب الزبائن عبر استخدام العديد من أساليب الترحيب والترغيب، فضلًا عن المعرفة المطلقة بجميع أنواع اللحوم وكيفية تغليفها وتنظيفها، وامتلاكه القدرة على التنظيم لخدمة العملاء بشكلٍ جيد وضمان عدم التأخر عليهم.

كما ينبغي على الجزّار التمتع بصحةٍ جسديةٍ قويةٍ، بسبب اضطراره إلى الوقوف لمدةٍ طويلةٍ ومتواصلةٍ، والحاجة إلى حمل العديد من الأوزان الثقيلة بمفرده، والعمل ضمن جوّ باردٍ في أغلب الأحيان. ولكن مع الأيام، سيصبح الشخص قادرًا على اكتساب الخبرات والمهارات اللازمة للعمل عبر التدريب والبيع المستمرّ.

هل أعجبك المقال؟