ما الفرق بين الشعاب المرجانية والنبات البحري – رحلة تحت الأعماق
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
تسحرُنا جميعًا نباتات الدوح اليانعة، وأشجار الغاب الباسقة، ونهيم بطيف ألوانٍ زاهية لأوراقٍ من أشكالٍ شتّى، وألوانٍ لزهورٍ آسرة، ولكن هل تساءل أحدنا عن الغابات القابعة في أعماق بحارنا الشاسعة؟ وعن مخلوقاتها الفريدة وظواهرها الغريبة، والتي تتطلّب الشجاعة الكافية لخوض المغامرات الساحرة، بهدف استكشاف الحياة القائمة في أعماق البحار والمحيطات الهائلة. سنتعرّف في مقالِنا هذا عن الشعاب المرجانية، وبعض أنواع النباتات البحرية، وما الفرق بين الشعاب المرجانية والنبات البحري يا تُرى؟! تابعوا معي.
الشعاب المرجانية
تعتبر الشعاب المرجانية من أكثر الأنظمة البيئيّة تنوعًا في العالم، والتي تعيش بشكلٍ رئيسيٍّ في البحار الاستوائيّة الضحلة الدافئة، كما تسكن بعض الأنواع الأخرى في أعماق المحيطات الباردة والمظلمة. تتكوّن الشعاب المرجانية من هياكلَ كبيرةٍ من مستعمراتٍ من اللافقاريات البحرية والتي تُدعى المرجان (Coral)، وللمرجان أنواعٌ عديدةٌ وشتّى، ولكن يُدعى النوع المسؤول عن بناء المستعمرات (Hermatypic coral) أو المرجان الصلب؛ نظرًا لاستخراجه كربونات الكالسيوم من الماء لتشكيل هيكلٍ صلبٍ ومتينٍ، بغرض حماية جسم المرجان الناعم الشبيه بالأكياس من العوامل الخارجيّة.
يشار إلى كل مرجانٍ بشكلٍ منفردٍ على أنّه ورمٌ حميدٌ، ومع مرور الوقت تتجمّع الأورام المرجانيّة الحميدة الجديدة على السطح الخارجي للهياكل القديمة، وتبني هياكلها الخاصة، ممّا يجعل الشعاب المرجانية تنمو بشكلٍ تدريجيٍّ على مدار عقودٍ أو قرونٍ من الزمن لتصبح هياكلَ بحريّةً ضخمةً..
تنوّع الشعاب المرجانية
غالبًا ما يطلق على الشعاب المرجانية اسم غابات البحر المطيرة، إشارةً إلى دورها الكبير في تطوّر البيئة المائيّة والمخلوقات البحرية؛ حيث أنّ 25% من أسماك المحيطات تعتمد على الشعاب المرجانية كمأوىً آمنٍ لها وكمصدرٍ جيدٍ للعثور على الغذاء. بالرغم من أنّ الشعاب المرجانية لا تغطي سوى مساحة 1% من سطح الأرض، وحوالي 2% من أعماق المحيطات والبحار، إلا أنّها تُعتبر مكانًا مناسبًا لتكاثر الكائنات البحرية، حيث تضع الأسماك وغيرها من المخلوقات البحرية بيوضها ضمن الشعاب المرجانية المحميّة من المفترسات..
تُعتبر عائلة المرجان معقّدةً ومتشعّبةً للغاية؛ إذ يوجد العديد من الأنواع المختلفة والتي قد تعيش في مجموعاتٍ منفصلةٍ عن بعضها، ولعلّ أبرز الأنواع المعروفة بين الناس هي المرجان الأحمر والمرجان الأزرق ومرجان دم الأخوين (organ pipe coral)..
النبات البحري
يوجد آلاف الأنواع المختلفة للنباتات التي تعيش في البحار والمحيطات، ولكلّ نوعٍ منها بيئةٌ مفضّلةٌ للنمو، فمنها ما يعيش في المياه العميقة ومنها ما يعيش في المياه الضحلة، كما أنّ لدرجة حرارة المياه ودرجة ملوحته وكمية الإشعاع الشمسيّ دورًا هامًّا في تحديد البيئة المناسبة لكل نباتٍ، وبشكلٍ عام، تتشابه النباتات البحرية مع أقرانها التي تعيش على اليابسة، حيث تعتمد على عمليّة التركيب الضوئيّ للحصول على الغذاء، كما تلعب النباتات المائيّة دورًا حيويًّا هامًّا وهو إنتاج الأوكسجين اللازم للكائنات البحريّة الأخرى، وتُعتبر المصدر الرئيسيّ للغذاء بالنسبة للعديد من الكائنات البحريّة.
إذن، تصنيف النباتات البحرية ضمن فئتين رئيسيتين، وتشملان:
- النباتات الطافية: وهي النباتات التي تعوم على سطح الماء.
- النباتات المغمورة كليًّا بالماء: وهي النباتات التي تنمو داخل المياه على الصخور أو في قاع البحار..
أنواع النباتات البحرية
تتنوّع النباتات البحرية من حيث الأحجام والأشكال، والألوان أيضًا، فمنها الأعشاب البحرية المجهريّة مثل العوالق النباتيّة التي تشكّل قاعدة الهرم الغذائيّ بالنسبة للكائنات البحرية، ومنها بأحجامٍ كبيرةٍ وعملاقةٍ مثل عشب البحر العملاق الذي ينمو في قاع البحر..
الفرق بين الشعاب المرجانية والنبات البحري
وفقًا لعلم التصنيف الحديث، تُرتّب الكائنات الحيّة في مجموعاتٍ مختلفةٍ، تبعًا لخصائصها المختلفة وصفاتها المورفولوجيّة والسلوكيّة، والوراثيّة والكيميائيّة الحيويّة، ويتم ذلك وفقًا لتسلسلٍ هرميٍّ، وبشكلٍ عام، وبدون التطرّق إلى تاريخ علم التنصيف وتطوّره مع مرور الزمن، يوجد لدينا مملكتان مشهورتان وهما المملكة الحيوانيّة والمملكة النباتيّة..
يندرج تصنيف الشعاب المرجانية تحت المملكة الحيوانيّة؛ إذ تُعتبر مخلوقات المرجان حيوانات، بينما النباتات البحرية على مختلف أنواعها تتبع لمملكة النباتات، وهذا ما يُشكل جوهر الاختلاف بينهما، على الرغم من أنّ للطحالب صلةً وثيقةً بالشعاب المرجانية، وقد يكون ذلك هو السبب الكامن وراء الاعتقاد الشائع بين الناس على أنّ الشعب المرجانية نوعٌ من أنواع النباتات البحرية.
العلاقة بين الشعاب المرجانية والنبات البحري (الطحالب)
تعيش بعض أنواع الطحالب، والمعروفة باسم عائلة Zooxanthellae، وتقوم بعمليّة التركيب الضوئيّ ضمن أنسجة الشعاب المرجانية، ويربط ما بينهما علاقة تقوم على المنفعة المتبادلة، حيث تؤمّن الشعاب المرجانية بيئةً مناسبةً ومحميّةً للطحالب، كما تزودها ببعض المركبات الكيميائيّة الضروريّة لعملية التركيب الضوئيّ، وفي المقابل؛ تنتج الطحالب غاز الأوكسجين الضروري لتنفّس الشعاب المرجانية، بالإضافة إلى تزويدها بالجلوكوز والجليسرول والأحماض الأمينيّة، والتي يستخدمها المرجان في إنتاج كربونات الكالسيوم لإنشاء الهيكل الخارجيّ الصلب كما ذكرنا سابقًا، كما تقوم الطحالب أيضًا بإزالة فضلات الشعب المرجانيّة، وتُعتبر مسؤولةً بشكلٍ رئيسيٍّ عن إعطاء الشعاب المرجانية ألوانها الخلّابة والمميّزة..