ما الفرق بين علم الكلام والفلسفة؟

ما الفرق بين علم الكلام والفلسفة؟
سمر سليم
سمر سليم

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

إن علم الكلام قد أنشئ للدفاع عن الدين، بينما الفلسفة فهي علم حر، أنتجهُ العقل، ذلك العقل الذي يريد مكان أوسع من رأس يتواجد فيه، فلذا أوجدت الفلسفة للإجابة عن الأسئلة المطروحة بلغة رفيعة وحكمة بليغة.

ما هو علم الكلام؟

يعد علم الكلام أحد العلوم والمعارف الإسلامية، وهو فلسفة إسلامية، أطلق عليه اسم علم أصول الدين.

يشير علم الكلام إلى النظر في مسائل العقيدة أو المسائل الدينية، والبحث في البراهين العقلانية والحجج لإثبات المسائل العقائدية، وقد سمي بهذا الاسم لأن علماءه عنونوا فصول كتبهم بقولهم "الكلام في …"، وقد كان موضوعه الأول والأساسي القرآن الكريم، كلام الله عزّ وجلّ، وضح علم الكلام العلاقة بين محور الوجود الله جلّ جلاله، والإنسانية، والكون من خلال مفهومي الاستخلاف والتبعية، ولذلك سمّي بعلم التوحيد والصفات الإلهية.

وكما أن المنطق هو الأداة الأساسية للفلسفة، فالكلام وما يرتبط به من جدل ونقاش هو من أدوات المعرفة، وقد فتح هذا الجدل المجال للخصومات في المسائل الدينية، وقد أدى توسّع الدولة الإسلامية، لتشمل مجتمعات وثقافات غير إسلامية لها مدارسها وفلسفاتها وعقائدها، إلى الحاجة لدعوتها للإسلام بأساليب عقلانية ومنطقية ترصد أوجه القصور فيها.

أكد بعض العلماء أن هناك اختلافًا منهجيًا بين علم الكلام والفلسفة، ففي الوقت الذي يقرُّ فيه علماء الكلام بمبادئ أولى محددة ويعملون على إيجاد الأدلة التي تعزز معتقدهم، في حين قد تغيب هذه المبادئ لدى الفلاسفة، ويسعون بالتجريب لإثبات أو نفي أي افتراض غيبيّ وكمثال على ذلك يعترف علماء الكلام بوجود الله عز وجل ويبحثون عن أدلة تؤيد معتقدهم، في حين تغيب هذه الافتراضات عند الفلاسفة الذين يسعون لإثبات وجود الله عز وجلّ.

هل علم الكلام جائز شرعًا؟

قد يكون السؤال غريبًا، ولكن نهى العديد من علماء الدين كالحنابلة عن علم الكلام، حيث اعتمد بعضهم على تفسير آراء لسلفهم الأوائل والتي تمنع الانغماس في الجدل في المسائل العقائدية.

يمكن القول أنّ علم الكلام هو الفلسفة على الطريقة الإسلامية، فعلى الرغم من أنه من العلوم الحديثة النشأة نسبيًّا، إلا أن جذوره عميقة في الكتاب والسنة النبوية الشريفة، فهو علم إثبات الإلوهية والعدل والتوحيد والنبوة، بالقرائن والأدلة والبراهين، فيبحث في أصول الدين والعقيدة، ويدحض ما يُثار حوله من شبهاتٍ، ويناقش المعتقدات والآراء من مختلف وجهات النظر، وذلك بالاعتماد على كلام الله تعالى المُثبت والذي لا يقبل جدلًا.

وأوّل من أبدع وأتقن هذا العلم هو الإمام علي أمير المؤمنين كرم الله وجهه في خطبه، فكانت الحاجة ضرورية لتدوين أصوله حماية للعقيدة والشريعة من الفكر المضاد لها، وبعد ترجمة بعض كتب الفلسفة والإعتقادية اليونانية والفارسية، والاحتكاك مع الثقافات والأديان الأخرى المشككة في معتقدات الدين.

ماذا عن الفلسفة؟

استخدم مصطلح "الفلسفة" منذ القدم من قبل اليونانيين، ويعني السعي وراء المعرفة ومن أجلها، ويشمل جميع مجالات الفكر على اختلافها بما في ذلك الفنون والعلوم والدين.

كما تُعرّف الفلسفة بأنها الأصل الذي نشأت منه العلوم بشتى أنواعها، ولذلك هي أم العلوم، والسبيل الوحيد لصقل مهارة التأمل والبحث لدى الإنسان، فيستطيع من خلالها التوّصل للحقائق عن نفسه والعالم المحيط به وعلاقته بهذا العالم وتفسيرها.

للفلسفة مجالات دراسة أساسية متنوعة كالمعرفة وماهيتها، والأخلاق فما هو الجيد وما هو الصحيح، والمنطق لدراسة البراهين والأسباب، والميتافيزيقيا حيث يطرح الفلاسفة تساؤلات عن وجود الإله، والحقيقة، والعقل وارتباطه بالجسد، الإرادة، السبب والمسبب…

فالفلسفة تركز على مسألة الوجود البشري، ويعود تاريخ نشأتها لأول مرة طرح فيها أحدهم السؤال عن سبب وجوده، ومن أين أتى وما الغرض منه، ويأخذ وجوها وطوابع متعددة، فالبعض يجد فيه نظامًا علمانيًّا، والبعض الآخر يجد فيه طابعًا دينيًّا، أو اجتماعيًّا، فتعددت فروعه، وبجميع الأحوال يهدف إلى البحث عن إجابات للأسئلة.

ولذلك تبرز أهمية الفلسفة في تنوع الموضوعات التي تناقشها في الوجود والإنسان والحياة والمعرفة والحقيقة والسياسة وغيرها من القضايا، بالإضافة إلى كونها تجعل الفرد في حالة بحث مستمرة عن جوهر الأمور الحياتية المختلفة، ولعل في ذلك ما يفسر أهمية الفلسفة في حياة الإنسان، فهي:

  • تحدد المعايير الأخلاقية في المجتمع
  • تدفع الإنسان نحو البحث في حقائق الأمور، فهي توّلد فيه حب المعرفة والتعلم.
  • بفضلها يرى الإنسان الأمور من منظور أشمل وأوسع.
  • تجعل الإنسان غير منقاد للآخرين بطريقة عمياء، فهي تدفعه للتفكير بصورة حرة دون أي قيود.

ووفقًا ما أظهرته الأبحاث، فيُعتقد أنّ أوّل ظهورٍ للفلسفة في مصر ثم بلاد ما بين النهرين وفق ما صورته ملحمة جلجامش، وتطورت في بلاد الفرس مع نشوء الديانة الزرادشتية، ثم ازدهرت في اليونان وروما، وبعد ظهور الديانة المسيحية ركزت في العصور الوسطى على تعاليم الدين، وللعرب المسلمين دورهم في رفدها وفقًا للدين الإسلامي، ثمّ تطورت المدارس الفلسفية، وتطور النظام الفكري للإجابة عن الأسئلة الوجودية، فعندما لا يجد الدين ما يجيب به يلجأ السائل إلى الفلسفة لتلبية احتياجاته.

وبذلك فإنّ علم الكلام هو الذي يُعنى بمناقشة المسائل والقضايا وإثبات صحتها أو إبطالها بالتعبد والنقل لكلام الله، أما علم الفلسفة فيهتم بإثبات صحة القضايا عامةً أو نقدها بالأدلة العقلية، وبذلك يتشابه العلمان في إثبات قضية الخالق لكلّ شيءٍ، ووحدانية الله تعالى، ويختلفان في الأدلة المستخدمة، ففي حين يكون الاعتماد كليًّا على العقل والتعقل في الفلسفة، إلا أن التعبد والنقل والتلفيق بينهما هو أساس براهين وحجج علم الكلام، كما في قضية النبوة وخليفة النبي، فيُستند فيها إلى القرآن الكريم.

هل أعجبك المقال؟