ما اهمية ذبابة الفاكهة في علم الوراثة

حنان مشقوق
حنان مشقوق

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

من المؤكد أنك سبق وشاهدت ذبابةً صغيرةً ذات لونٍ مائلٍ إلى الصفرة على أحد أطباق الفاكهة في مطبخك. تدعى هذه الذبابة بذبابة الفاكهة. تشكل هذه الذبابة مصدر إزعاجٍ للكثير منا، فبكل تأكيدٍ تحمل معها الكثير من العوامل الممرضة، لذا يرغب الكثير منا في التخلص منها بأي طريقةٍ. لكن ما لا نعرفه أنها تشكل مادةً دسمةً لعلماء الوراثة، يعمدون إلى تربيتها والعناية بها لاستخدامها في العديد من الدراسات الوراثية المختلفة. فما اهمية ذبابة الفاكهة في علم الوراثة الجينيّة! وكيف يمكن لهذه الحشرات أن تزودنا بمعلوماتٍ عن الأجيال البشرية القادمة. هذا ما سنتعرف عليه.


ما هي ذبابة الفاكهة

تتواجد ذبابة الفاكهة عادةً في المنازل والمطاعم ومحلات البقالة أو أي مكانٍ آخر يتواجد فيه طعامٌ عفنٌ أو متخمرٌ. عادةً ما يبلغ حجمها حوالي 3ميلليمتر. تميل إلى اللون الأصفر الذي ينتهي عند ذيلها بالأسود، وتميزها عيونٌ حمراءَ واسعةٌ.

تنجذب إلى الفاكهة والخضار الناضجة، إلى أنها قد تتواجد في المصارف وحاويات القمامة والأماكن التي تحوي بقايا طعامٍ كالعلب والزجاجات الفارغة.


اهمية ذبابة الفاكهة في علم الوراثة

أثبت العلماء أهمية هذه
الحشرات الصغيرة في العديد من الدراسات الوراثية والتطبيقات الخاصة في هذا العلم،
وقد أدت هذه الأبحاث والدراسات إلى استنتاج العديد من القوانين الوراثية الخاصة
بالإنسان. وتظهر أهمية هذه الذبابة في علم الوراثة من خلال مجموعة النقاط التالية:

  • التشابه الجيني مع الثدييات

كان دخول ذبابة الفاكهة في علم الوراثة عند البشر بالتحديد بسبب امتلاكها العديد من القواسم المشتركة مع الإنسان والثدييات، حيث يوجد ما يقرب 60% من جينات هذه الذبابة التي تتماثل مع جينات البشر. وبدراسة هذه الجينات يمكن الكشف عن بعض العمليات الوراثية الخاصة بالبشر وسائر الثدييات.

وحيث أن تحليل جينات هذه الذبابة يكون أسهل عمليًّا من تحليل الجينات الخاصة بالفئران أو الإنسان. كما واستطاع العلماء إثبات امتلاك هذه الذبابة لحوالي 75% من الجينات البشرية الممرضة، و90%من الجينات المسببة للسرطان.

أي أنه وبفضل درجة التشابه الجيني العالية مع ذبابة الفاكهة يمكن للعلماء استخدام الذباب لفحص الجينات التي قد تؤدي إلى أمراضٍ مختلفةٍ لدى البشر. ناهيك عن أنها تملك أربعة كروموسوماتٍ فقط مقارنةً ب 23 زوجًا لدى البشر، مما يجعل من دراستها أمرًا غايةً في السهولة.

  • دورة حياتها القصيرة

تعيش ذبابة الفاكهة حوالي الشهر إلى شهرين، فدورة حياتها قصيرةٌ جدًا مما يتيح للعلماء إمكانية دراسة أجيالٍ متعاقبةٍ بسهولةٍ كبيرةٍ. وذلك أنه من غير الممكن إجراء مثل هذه الدراسات على عدة أجيالٍ بشريةٍ متتاليةٍ.

  • صغر حجمها

يساعد صغر حجم هذه الحشرات الحفاظ على الملايين منها ضمن المخبر دون الحاجة إلى مساحةٍ كبيرةٍ. أي يمكن الحفاظ عليها ضمن وعاءٍ صغيرٍ من البلاستيك أو الزجاج. كما أنها لا تحتاج الكثير من العناية والرعاية، فكل ما يتطلبه الأمر هو القليل من الطعام ودرجة حرارة ورطوبة مناسبَين.

  • سرعة تكاثرها

تضع أنثى ذبابة الفاكهة حوالي 50 بيضةً بشكلٍ يوميٍّ في درجات الحرارة المناسبة، كما أن البيضة تتطور لتصبح جاهزةً في حوالي أسبوع إلى اثنين بحسب درجات الحرارة المحيطة بها، وبالتالي يستطيع الباحثون دراسة حوالي 25 جيلًا متلاحقًا من الذباب سنويًّا لإجراء التجارب عليها.

  • سهولة دراسة تطور الأجنة

بما أنها تتكاثر بالبيوض، يساعد هذا الأمر على دراسة تطور الأجنة ومراقبتها وتعديلها وراثيًّا بسهولةٍ أكبر. حيث يخرج الجنين بعد حوالي 24 ساعةً من إخصاب البويضة، ثم يمر بثلاث مراحلَ مختلفةٍ حتى يصبح ذبابةً بالغةً تستغرق عشرة أيامٍ لتصل إلى طور الإخصاب.


مساوئ الاعتماد عليها في علم الوراثة

على الرغم من المزايا العديدة لاستخدامها في علوم الوراثة إلا أن ذلك لا ينفي وجود بعض العيوب ونقاط الضعف في ذلك. ومن أبرزها:

  1. يختلف تركيب الدماغ والأجهزة الرئيسية الأخرى لديها عن البشر.
  2. عدم وجود طرق دقيقة لقياس ميولها السلوكية.
  3. عدم امتلاك ذبابة الفاكهة لقدراتٍ معرفيةٍ كما البشر.
  4. عدم امتلاكها جهازًا مناعيًّا يناظر الجهاز المناعي لدى البشر، الأمر الذي يجعل من غير الممكن دراسة الأمراض المناعية مثل التصلب المتعدد.
  5. لا يمكن دراسة الأمراض المرتبطة بالمخ كالنزيف وغيره لعدم امتلاكها أوعية دموية، بل تقتصر الخلايا الدموية على الكريات الدموية فقط.

رغم وجود مجموعة من نقاط الضعف سابقة الذكر، إلّا أنّ اهمية ذبابة الفاكهة في علم الوراثة لا يمكن نكرانها أو تجاهلها على الإطلاق، فقد شكلت مصدرًا هامًّا للعديد من البحوث الوراثية التي توصل إليها العلماء.

هل أعجبك المقال؟