ما معنى التخمر؟

ما معنى التخمر؟
مجد الشيخ
مجد الشيخ

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

تعرف عملية التخمر (Fermentation) على أنّها عملية استقلابية تقوم فيها بعض أنواع الكائنات الحية الدقيقة طبيعيًا أو بتحفيز لينتج عنها تغيبر في طبيعة المواد الغذائية، سواء أطعمة أو مشروبات، لزيادة نكهتها أو للحفاظ عليها لفترات زمنية أطول أو لتحقيق فوائد صحية أو غيرها من الأسباب.

تقوم الكائنات الدقيقة بتكسير الكربوهيدرات (السكريات) مثل الغلوكوز للحصول على الطاقة اللازمة لها، فيتحول الغلوكوز (Glucose C6H12O6) إلى حمض البيروفيك (Pyruvic C3H4O3) عند وجود كمية كافية من الأكسجين وتسمى تلك العملية بالتنفس الهوائي، لكن عند عدم توفر كمية كافية من الأوكسجين، وهو ما يعرف بالتنفس اللاهوائي، يتحول الغلوكوز إلى حمض اللاكتيك (Lactic C3H6O3) وهو ما يحدث في عملية التخمر، أي أنّه بناءً على كمية الأوكسجين المتوفرة أثناء العملية يتحدد مصير وضع الطاقة الناتجة، إمّا حمض البيروفيك أو حمض اللاكتيك.


مراحل عملية التخمر

تتم عملية التخمر على مرحلتين رئيسيتين، هما:

  • التخمر الأوّلي: تبدأ الكائنات الدقيقة في هذه المرحلة القصيرة زمنيًا بالعمل بشكل سريع على المواد حيث تقوم بمنع البكتيريا المتعفنة من استعمار الطعام وتقوم بدلًا عن ذلك بتحويل  السكريات الموجودة فيه إلى مواد أخرى مثل الكحوليات والأحماض.
  • التخمر الثانوي: تكون هذه المرحلة أطول زمنيًا من المرحلة الأولى حيث يمكن أن تستمر لعدة أيام أو أسابيع، ترتفع فيها كمية الكحوليات وتبدأ الخمائر والكائنات الدقيقة بالموت بسبب شح كمية السكريات اللازمة لحياتها، وبمجرد أن تتراوح نسبة الكحول بين 12-15% ويقتل الخميرة ويمنع حصول مزيد من التخمر يجب التقطير لإزالة الماء وتكثيف محتوى الكحول لإنشاء نسبة أعلى من الكحول، وهو ما يتبعه صانعو المشروبات الكحولية في صناعتها.

نصائح لتخمير مثالي

للحصول على نتيجة تخمير مثالية يجب عليك اتباع بعض النصائح المساعدة في ذلك، مثل:

  • احصل على محفّز جيد للبدء بالتخمير، حيث توجد الكائنات الدقيقة بشكل طبيعي في الهواء الذي نتنفسه، لكن لبدء عملية التخمير ستحتاج في الغالب إلى محفّز جيد، مثل مصل اللبن، والذي بمجرد إضافته إلى الطعام سيبدأ بالتكاثر بسرعة ليبدأ التخمر.
  • أابق معدّاتك نظيفة لتجنب وصول أي بكتيريا ضارة إلى الخميرة.
  • امنع أي تسريب هواء إلى الخميرة، فتعريض الخميرة للهواء يمكت أن بمنع حدوث تخمر مناسب ويزيد من خطر تلف الخميرة أو التسمم الغذائي، ويمكن القيام بذلك عن طريق الغمر بمحلول ملحي مثلًا.
  • احتفظ بخميرتك ضمن درجة حرارة مناسبة، حيث تؤثر درجة الحرارة على نتيجة التخمير، وذلك يعتمد على نوع الكائنات الحية المستخدمة في التخمير فبعضها يحتاج بيئة باردة للعمل وبعضها الأخر يتطلب بيئة دافئة أو حارة.

فوائد التخمير

المواد المخمرة تكون غنية بكائنات دقيقة مفيدة لصحة الجسم تسمى البروبيوتيك (Probiotic)، التي تلعب دورًا رئيسيًّا في مساعدة الجهاز الهضمي لاستخراج جميع العناصر الغذائية من الطعام، كما أنّ لعملية التخمر العديد من الفوائد الأخرى، منها:

  • تفيد البروبيوتيك الجهاز المناعي في الجسم كون الأمعاء تنتج مضادات حيوية ومضادات للأورام للفيروسات والفطريات، بالإضافة إلى أنّ مسببات الأمراض تكون غير قادرة على العمل بشكل جيد في البيئة الحمضية التي توفرها الأطعمة المخمرة.
  • تساعد عملية التخمر في إبطال مفعول مضادات المغذيات مثل حمض الفيتيك (Phytic C6H18O24P6)، الذي يتواجد في الحبوب والمكسرات والبذور والبقوليات ويمكن أن يسبب نقصًا في المعادن.
  • قد تزيد عملية التخمر من امتصاص الفيتامينات والمعادن الموجودة في الطعام، حيث يزيد التخمر من فيتامينات B و C ويعزز حمض الفوليك والريبوفلافين (Riboflavin C17H20N4O6) والنياسين (Niacin C6H5NO2) والثيامين (Thiamine C12H17N4OS+) والبيوتين (Biotin C10H16N2O3S)، كما تسهل البروبيوتيك والإنزيمات وحمض اللبنيك (Lactic C3H6O3) التي تحتويها الأطعمة المخمرة من امتصاص هذه الفيتامينات والمعادن في الجسم.

متى تم اكتشاف التخمر؟

التخمر هو عملية كيميائية تحدث في غياب الأكسجين وتقوم بواسطتها الكائنات الحية بتكسير الكربوهيدرات. الناتج النهائي للتخمر يكون حمض اللاكتيك أو الكحول وثاني أكسيد الكربون.

يتحلل الجلوكوز في سلسلة من التفاعلات الكيميائية تنتج جزيئين من البيروفيت (Pyruvate) يحتوي كل منهما على ثلاثة ذرات كربون. مصير البيروفيت يتوقف على وجود الأكسجين، ففي وجود الأكسجين يتأكسد البيروفيت فيما يعرف بدورة حمض الستريك (Citric acid cycle) التي هي سلسلة من التفاعلات الكيميائية. وفي غياب الأكسجين يُختزل البيروفيت لينتج حمض اللاكتيك أو الكحول.

في العقدين السادس والسابع من القرن التاسع عشر كان الفرنسي لويس باستور (Louis Pasteur) أول من يدرس عملية التخمر. حاول باستور استخلاص الإنزيم المسؤول عن التخمر من فطر الخميرة لكنه لم ينجح في ذلك. سنة 1897 نجح الكيميائي الألماني إدوارد بوخنر (Eduard Buechner) من استخلاص سائل من الخميرة، وعند إضافة السائل لمحلول سكري نتج عن ذلك تخمر المحلول السكري. ينظر إلى تجربة بوخنر على أنها بداية علم الكيمياء الحيوية، ونال بوخنر جائزة نوبل في الكيمياء سنة 1907 بفضل اكتشافه هذا.

عملية التخمر تنتج في النهاية إما كحول وثاني أكسيد الكربون وإما حمض اللاكتيك. عملية التخمر التي تنتهي بإنتاج الكحول وثاني أكسيد الكربون تعرف بالتخمر الكحولي (Alcohol Fermentation)، وفيها تقوم الخميرة و البكتيريا بتحويل البيروفيت إلى كحول إيثيلي (إيثانول) وثاني أكسيد الكربون (CO2)، تبعًا للمعادلة:

(C6H12O6 (glucose) → 2 C2H5OH (ethanol) + 2 CO2 (carbon dioxide

يجري تحول البيروفيت إلى إيثانول في خطوتين: في الأولى تُزال مجموعة كربوكسيل (-COO) من البيروفيت وتخرج في صورة ثاني أكسيد الكربون، لينتج مركب من ذرتي كربون يعرف بالاسيتالدهيد. في الخطوة الثانية يحصل الاسيتالدهيد على إلكترون من مساعد الإنزيم NADH ليتحول إلى إيثانول. يستخدم التخمر الكحولي صناعيًا في إنتاج المشروبات الكحولية.

إذا كان ناتج عملية التخمر حمض اللاكتيك تسمى العملية تخمر حمض اللاكتيك (Lactic Acid Fermentation). في هذه العملية لا يتم إنتاج ثاني أكسيد الكربون أولًا إنما يحصل البيروفيت مباشرة على إلكترون من مساعد الإنزيم NADH ليتحول إلى حمض اللاكتيك.

ويحدث هذا النوع من التخمر في الزبادي حيث تحول الخميرة سكر اللاكتوز إلى حمض اللاكتيك. كما تقوم كرات الدم الحمراء هي الأخرى بعملية التنفس اللاهوائي الذي ينتج عنه حمض اللاكتيك، لأن كرات الدم الحمراء لا تحتوي على الميتوكوندريا اللازمة لإتمام عملية التنفس الهوائي من خلال سلسلة نقل الإلكترون.

أخيرًا يحدث التنفس اللاهوائي (تخمر حمض اللاكتيك) في العضلات عندما تنفذ كمية الأكسجين فتعجز العضلات عن الاستمرار في التنفس الهوائي، ما يدفعها إلى التنفس اللاهوائي. وبعد فترة من التنفس اللاهوائي في العضلات يتراكم حمض اللاكتيك مسببًا الشد العضلي.

وقد تنتهي عملية التخمر بإنتاج غازي الهيدروجين والميثان. فتولد البكتريا المولدة للميثان تفاعلات يجري فيها نقل إلكترون من مجموعة الكربوكسيل في الحمض الكربوكسيلي إلى مجموعة ميثيل في حمض الأسيتيك لإنتاج الميثان وثاني أكسيد الكربون. وينتج الهيدروجين أثناء عمليات تخمر عديدة، يحدث ذلك مثلًا بفعل البكتريا المعوية في الإنسان.

هل أعجبك المقال؟