ما هو الامتزاز
ما هو الامتزاز سؤالٌ قد يمرُّ على أيٍّ منّا دون أن نعلم إجابةً واضحةً؛ لكن قبل التفكير في الجواب يُفضل لو علمنا أن أول من استخدام لهذا المصطلح يعود لعام 1881 وتحديدًا من قبل العالم الألماني هاينريش كايسر للتميز بينه وبين عملية الامتصاص.
تعريف الامتزاز Adsorption
هي ظاهرةٌ سطحيةٌ تُشير إلى قدرة المواد الصلبة أو السائلة على جذب أو سحب جزيئا الغازات أو المحاليل السائلة إلى سطحها لتُصبح على تماسٍ مباشرٍ معها، حيث يُستخدم مُصطلح المازَّات Adsorbents للدلالة على تلك المواد الصلبة أو السائلة المُستخدمة لامتزاز الغازات أو المواد المُذابة، بينما يُطلق مُصطلح المُمتزَّات Adsorbate للدلالة على الجزيئات المسحوبة؛ وكمثالٍ على ذلك يُمكن الإشارة إلى الفحم المُستخدم في الأقنعة الواقية من الغازات لقُدرته على إزالة المواد السامة والشوائب المُنتشرة في الهواء.
يختلف الامتزاز بشكلٍ كاملٍ عن الامتصاص الذي يُشير إلى عملية توزيع المادة بشكلٍ مُتساوٍ على كامل كتلة المادة، بينما تحدث هذه الظاهرة على سطح المادة فقط، لكن إن حدثت كلتا الظاهرتين في وقتٍ واحدٍ يُطلق عليها اسم الاشتراب Sorption.
كيف يحدث الامتزاز
يحدث نتيجةً لوجود قوى فائضة غير متوازنةٍ على سطح المادةِ السائلة أو الصلبة التي تعمل على جذب الجزيئات وإبقائها على تماسٍ مع السطح.
في السوائل
عند دراسة حركة الجزيئات في الماء يُمكن فهم طريقة حدوث الامتزاز، حيث تجذب جزيئات الماء الموجودة ضمن القسم الكلي للمادة جزيء الماء السطحي غلى الداخل، فتنشأ حالةٌ من التوتر السطحي وبالتالي يتعرّض ذلك الجزيء إلى قوى جذبٍ مُتساويةٍ من كافة الاتجاهات وتُصبح محصلة القوى المؤثرة عليه تُساوي الصفر أثناء تواجده داخل السائل.
إن دلّ ذلك على شيءٍ فهو اختلاف الظروف المؤثرة على الجزيئات السطحية التي تتعرّض لقوى غير متوازنةٍ مُقارنةً مع الجزيئات الموجودة داخل السائل والخاضعة لقوى متساوية.
في المواد الصلبة
عند حدوث الامتزاز في المواد الصلبة تعمل قوى التكافؤ غير المتوازنة المؤثرة على الذرات السطحية في نشوء القوى الفائضة، ومن خلال دراسة ما يحدث عند انقسام بلورةٍ كبيرةٍ من مادةٍ صلبةٍ إلى جزءٍ أصغر نلاحظ نشوء قوى فائضة أو ما يشبه الفراغات على سطح المادة، ليُحدث الامتزاز عندما تتموضع جزيئاتٌ أخرى في تلك الفراغات.
أنواع الامتزاز
تحدث قوى الجذب بين الماز والمُمتَز إما نتيجةً لتأثير قوى فان دير فالس Van Der Waals ذات التأثير الضعيف، أو نتيجةً لتشكّل رابطةٍ كيميائيةٍ تعمل بمثابةِ قوى جذبٍ ذات تأثرٍ كبيرٍ، ولذلك يُمكن تصنيفه إلى نوعين:
الامتزاز الفيزيائي Physisorption
يتضمن الامتزاز الفيزيائي استخدام قوى فان
دير فالس كقوى جذبٍ بين الماز (المادة الصلبة) والمُمتَز (جزيئات الغاز) ويتميز
بما يلي:
- تتعرّض كافة الغازات للامتزاز على سطح مادةٍ صلبةٍ، لذلك لا يوجد أي اختلافٍ في الامتزاز الفيزيائي.
- كلما ازدادت قابلية الغاز للإسالة ازداد الامتزاز الفيزيائي الذي يتعرّض له.
- يُعتبر ظاهرةً عكسيةً تعتمد على الضغط والحرارة، فكلما ازداد الضغط قلّ حجم الغاز الذي يزداد امتزاز جزيئاته؛ وعلى العكس تمامًا كلما قلَّ الضغط ابتعدت جزيئات الغاز عن سطح المادة الصلبة.
- يزداد مع ازدياد درجات الحرارة وينقص بنقصانها.
- نتيجةً لازدياد مساحة سطح المواد المسامية تُعتبر من أفضل المواد قابليّةً للامتزاز الفيزيائي.
- يحدث دون الحاجة لأي نوعٍ من الطاقة.
الامتزاز الكيميائي Chemisorption
في هذا النوع من الامتزاز تكون قوى الجذب بين
الماز والمُمتَز على شكل روابط كيميائية تتكوّن ضمن طبقةٍ أحادية الجزيء، وتتميز
هذه العملية بما يلي:
- يُشترط لحدوثه تشكُّل رابطةٍ كيميائيةٍ بين الماز والمُمتَز.
- يختلف عن الامتزاز الفيزيائي كونه غير قابلٍ للحدوث بالعكس.
- يترافق بزيادةٍ في درجة الحرارة كونه ناشر لها.
- يحدث ببطءٍ عند درجات الحرارة المنخفضة، وتزداد وتيرته عند زيادة الضغط.
- يتعلّق بمساحة السطح التي كلما ازدادت ازداد معها الامتزاز.
- على خلاف الامتزاز الفيزيائي؛ يحتاج إلى طاقةٍ مُحددةٍ لتحفيزه.
مجالات استخدام ظاهرة الامتزاز
تكمن أهمية الامتزاز في الاعتماد عليها في مجالاتٍ متنوعةٍ كالصناعة والعلوم والطب، حيث يُعتمد عليه في الأعمال التالية:
- يعتمد العلماء عندما يتطلب منهم عملهم إيجاد منطقةَ فراغٍ على هذه الظاهرة في تحقيق ذلك، وعادةً ما يُستخدم الفحم الفعّال.
- يستخدم عمال مناجم الفحم أقنعةً واقيةً من الغازات السامة؛ والتي تعتمد في تنقية الهواء من تلك الغازات على هذه الظاهرة.
- عندما تفرض بعض الأعمال عدم وجود رطوبةٍ في المكان، يُستخدم مادةٌ هلاميةٌ مصنوعةٌ من الألمنيوم والسيليكا القادرة على امتصاص الرطوبة من خلال الامتزاز.
- يُستخدم الفحم النباتي القادر على الامتزاز لتفكيك الغازات الخاملة.
- وفي المجالات الطبيّة تتمكن العقاقير الدوائية من قتل الجراثيم من خلال هذه الظاهرة.
- عادةً ما يُزال لون السكر من خلال إضافةِ الفحم النباتي القادر على امتزاز تلك الألوان.
- كما يدخل في صناعة الطلاء للتخلص من الغازات الخاملة كونها ستُؤثر على قدرة الطلاء على الالتصاق بشكلٍ جيدٍ على السطح.