ما هو الفرق بين الشمال الجغرافي والشمال المغناطيسي
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
من المعروف أنّ الكرة الأرضية لها قطبان شمالي وجنوبي، وقد يعتقد البعض بأنّه للوصول إلى الشمال الجغرافي يكفي اتباع جهة إبرة البوصلة، ولكنّ هذا الكلام غير دقيقٍ حيث تتأثر البوصلة بالحقل المغناطيسي الذي يحيط بالأرض وهو المسؤول عن حماية الكوكب من الإشعاعات الكونية والجزيئات المشحونة.
الشمال الجغرافي
يشير الشمال الجغرافي إلى القطب الشمالي للأرض والذي يطلق عليه أيضًا الشمال الحقيقي، حيث يمر المحور الذي تدور حوله الأرض عبر القطبين الشمالي والجنوبي، ويقع القطب الشمالي على خط عرض 90 شمالًا وتلتقي فيه جميع خطوط الطول، كما ويقع على بعد حوالي 450 ميلًا (725 كم) شمال غرينلاند في وسط المحيط المتجمد الشمالي، وغالبًا ما يغطيه الجليد في معظم الأوقات.
الشمال المغناطيسي
وهو الشمال الذي تشير إليه إبرة البوصلة إذ تعتبر الأرض عبارةً عن مغناطيس كبير، ويشير القطب المغناطيسي الشمالي إلى نقطةٍ في جزيرة إليسمير الواقعة في شمال كندا والتي تدخل فيها خطوط الجاذبية الشمالية إلى الأرض.
وحسب القياسات التي تم إجراؤها في عام 2015، تبين أن القطب الشمالي المغناطيسي للأرض يقع عند النقطة 86.3 درجةً شمالًا و160 درجةً غربًا، إلّا أنّ هذا الموقع لا يعتبر ثابتًا وإنما يتغير يوميًّا بمعدلٍ طفيفٍ.
رحلة تحديد موقع القطب الشمالي المغناطيسي
تعود بداية استخدام البوصلات في الصين إلى القرن الأول وقد أصبحت واحدةً من أهم أدوات الملاحة في أوروبا في القرن الثاني عشر، حيث اكتشفوا أنّ الشمال المغناطيسي مختلفٌ عن الشمال الجغرافي، وقد حدُد موقع القطب الشمالي المغناطيسي في الخريطة التي رسمها الجغرافي السويدي Olaus Magnus عام 1539، كما أعلن William Gilbert الذي كتب de Magnete عام 1600 عن نظريته التي تقول بأنّ القوة التي تجذب إبرة البوصلة نحو الشمال ليست موجودةً في نقطةٍ ما على سطح الأرض كما كان الاعتقاد السائد، وإنّما هي في مركز الأرض.
وأجريت العديد من الأبحاث في محاولةٍ لتحديد موقع القطب المغناطيسي الشمالي بشكلٍ دقيقٍ، حيث تم ذلك في عام 1831، وقد قام James Clark Ross في ذلك العام برحلةٍ استكشافيةٍ إلى الساحل الغربي لشبه جزيرة بوثيا الموجودة في كندا، وعمل Roald Amundsen على إجراء عدة قياساتٍ لتحديد موقع القطب الشمالي المغناطيسي في عام 1904 حيث حدده عند 70 درجةً و31 دقيقةً شمالًا و96 درجةً و34 دقيقةً غربًا، ومن ثم أجريت العديد من الدراسات حول القطبية المغناطيسية الشمالية من قبل علماء كنديين يعملون في إدارة الموارد الطبيعية وكان ذلك في الأعوام 1947 و1994 و2001.
موقع الشمال المغناطيسي والشمال الجغرافي
بفرض أنّ هناك شخصًا ما يقف على القطب الشمالي الجغرافي وهو يحمل بوصلةً عندها سيلاحظ بأنّ إبرة البوصلة تشير إلى شمال كندا حيث جزيرة إليسمير، بمعنى آخر تكون المسافة الفاصلة بين القطبين الشمالي المغناطيسي والشمال الجغرافي تقدر بحوالي 500 كم، ويشكل هذا الاختلاف ما يسمى بالميل المغناطيسي، بينما يمثل الانحراف المغناطيسي الخطأ الحاصل في إبرة البوصلة والذي يشمل ما تسببه الأجسام المعدنية القريبة.
ويجد مستخدمو البوصلة أنّ الميل المغناطيسي يختلف من مكانٍ لآخر حول العالم لذلك يعمدون إلى تعديله من خلال استخدام جداول الانحراف أو ما يسمى بالمعايرة المحلية، كما واكتشف الباحثون بأنّ القطب الشمالي المغناطيسي يتحرك سنويًّا بمعدل بضع كيلومترات وهي الظاهرة التي تدعى بالتحول القطبي.
كما وتسمى الخطوط التي لا يوجد فيها انحرافٌ (انحرافها صفري) بخطوط الانطباق، إذ تأخذ هذه الخطوط مساراتٍ متغيرةً مع الوقت في المجال المغناطيسي الأرضي، ومن الحوادث التي تسجل في التاريخ انطباق الشمال الجغرافي على الشمال المغناطيسي لأول مرة، حيث أشارت إبرة البوصلة المغناطيسية في منطقةٍ من لندن تدعى موطن برايم ميريديان إلى الشمال الجغرافي مباشرةً.
تأثير تغير القطب الشمالي المغناطيسي على المطارات
يتم وضع أرقام مدرجات الطائرات اعتمادًا على اتجاه البوصلة المغناطيسية في محاولةٍ لمساعدة الطيارين على الهبوط بطائراتهم، وعندما يتغير موقع القطب الشمالي المغناطيسي بأكثر من ثلاث درجاتٍ، تتغير التسميات؛ فبخلاف الرحلات التي تعتمد على الأقمار الصناعية أو ما يدعى بالملاحة البصرية التي تعرقلها الثلوج والضباب الكثيف، يعتمد موقع مدرجات الطائرات على قوة الحقل المغناطيسي والتي تعتبر ثابتةً.
وعندما يحدث تغيرٌ في موقع القطب الشمالي المغناطيسي تكون الحاجة ملحةً لإعادة تسمية ممرات المدرجات هذه وترقيمها لتتناسب مع الاتجاه الجديد. ويحاول العلماء بذل جهدهم في فهم كيفية تغير موقع القطب الشمالي المغناطيسي لإجراء دراساتٍ أوسع حول المجال المغناطيسي الأرضي، إذ يُعتقد بأنّ القطب المغناطيسي الشمالي سوف يواصل تغيير موقعه بحيث يعبر من كندا إلى روسيا.