النظام النجمي الثنائي Binary System
ليس كلُّ ما نراه بأعيننا صحيحًا، حقيقةٌ أثبتتها التجربة في كثيرٍ من المجالات؛ فمنذ القديم والإنسان يفكّر بالنجوم ويُراقب حركتها، دون أن يخطر في باله أن كثيرًا من النجوم تتكون من نجمتين أو أكثر تدور حول بعضها البعض في الفضاء. هذا ما أظهرته التلسكوبات الحديثة التي استخدمها العلماء لاكتشاف حقيقة النجوم والكواكب البعيدة؛ وأطلقوا عليها ما يُعرف باسم النظام النجمي الثنائي بأنواعه المتعددة.
النجم الثنائي (Binary Star)
هو نظامٌ مكونٌ من نجمين اثنين يدوران حول مركز جاذبيةٍ مشترك بينهما، وبالتالي يمكن القول أنهما مرتبطان معًا من خلال قوة الجاذبية؛ حيث تنطبق عليهما قوانين كيبلر للحركة ويدوران حول مركز الكتلة المشترك ضمن مداراتٍ إهليلجيةٍ أو دائريةٍ.
ما يزيد عن نصف إن لم
يكن أغلبية النجوم الموجودة في مجرة درب التبانة هي نجومٌ ثنائيةٌ أو جزءٌ من
أنظمةٍ متعددةٍ أكثر تعقيدًا، والتي تبدو للعين البشرية نجمًا واحدًا، نظرًا
لبُعدها الهائل عن الأرض.
يُطلق أحيانًا على النجوم الثنائية اسم النجوم المزدوجة أو المضاعفة Double Stars والتي تُشير إلى أي نجمين يظهران قريبين من بعضهما البعض في السماء عند النظر إليهما من الأرض، لكنهما في الحقيقة يبعدان عن بعضهما البعض مسافاتٍ كبيرة.
اعتمد العلماء على النظام النجمي الثنائي في تحديد كتلة كل نجمٍ على حدة، بالاعتماد على حسابات اسحق نيوتن وفق قانون الجاذبية، والتي تنطبق على جسمين يدوران حول بعضهما البعض، وفي استخدام البيانات المكتشفة في تحديد الكتلة النسبية للنجوم المشابهة لها.
أنواع النظام النجمي الثنائي
يمكن تصنيف النجوم الثنائية إلى عددٍ من الأصناف الفرعية تبعًا للخواص البصرية لكلٍ منها، وهي النجوم الثنائية الكسوفية، والنجوم الثنائية المرئية، والنجوم الثنائية الطيفية، والنجوم الثنائية الفلكية.
النجوم الثنائية الكسوفية (Eclipsing Binary Stars)
في هذا النوع من النظام النجمي الثنائي وأثناء دوران النجمين ضمن مداراتهما، يحجب أحدهما الآخر ويمنعنا من رؤيته من الأرض وكأنه قد تعرّض للكسوف. ما يُميّز النجوم الثنائية الكسوفية أن كمية الضوء الناتجة عنها تتغير كل فترةٍ، حيث تمرُّ بأقل مستوياتها خلال الفترة التي يحجب فيها النجم الأقل سطوعًا للنجم الآخر الأكثر سطوعًا، بينما تمرُّ بمستوى أعلى عندما ينعكس الوضع بين النجمين.
يُعتبر التبدل في كمية الضوء المُنبعث من النجم الثنائي الكسوفي مصدرًا هامًّا لكثيرٍ من المعلومات حول النجوم ومداراتها واتجاهها وحرارتها.
النجوم الثنائية المرئية (Visual Binary Stars)
في هذا النوع من النجوم الثنائية يُمكن رؤية النجمين ضمن مداريهما بشكلٍ واضحٍ باستخدام التلسكوبات في حال كان النجمان قريبين من الأرض؛ أما إن كانت المسافة التي تفصلنا عنهما شاسعةً للغاية والنجمان متقاربان من بعضهما؛ ستحتاج لاستخدام وسائلَ وطرقٍ تُتيح معرفة إن كان النجم ثنائيًّا، حتى وإن ظهر ضوءٌ واحدٌ فقط، وذلك لأن التلسكوبات غير قادرةٍ على رصد النجوم البعيدة عن الأرض بشكلٍ دقيقٍ.
النجوم الثنائية الطيفية (Spectroscopic Binary Stars)
يكون النجمان في هذا النوع قريبين من بعضهما البعض للغاية، بحيث يصعب علينا رؤيتهما بشكلٍ منفصلٍ باستخدام التلسكوب، ولذلك اعتمد العلماء على تقنية التحليل الطيفي والتي ستُظهر طيفًا مركبًا ناتجًا عن النجمين.
عندما يدور النجمان حول بعضهما سيظهر وكأن أحدهما يتجه إلى الأرض والآخر يبتعد عنها، ويكون الطيف الناتج عن النجم المُقترب أزرق اللون أما الطيف الآخر فأحمر اللون، وسنعكس الأمر عند تبادل النجمين أماكنهما.
النجوم الثنائية الفلكية (Astrometric Cinary Stars)
هي نظامٌ نجميٌّ ثنائيٌّ يظهر فيها نجمٌ واحدٌ فقط، بينما يمكن معرفة مكان الآخر من خلال تذبذب النجم الظاهر نتيجةً لتأثره بشكلٍ طفيفٍ بجاذبية النجم الآخر.
النجوم الثنائية المُتصلة (Contact Binary Stars)
يقترب النجمان من بعضهما العض بشكلٍ كبيرٍ لدرجة قد يتلامسان فيها، وبما أن النجوم ليست موادًا صلبةً بل غازاتٌ في معظمها؛ يحدث التلامس من خلال انتقال بعض المواد من نجمٍ إلى آخر، نتيجةً لقوى الجاذبية دون أن يشترط ذلك تلامسهما بشكلٍ فعليٍّ.
تأخذ النجوم الثنائية المتصلة أشكالًا مختلفةً ناتجةً عن تأثير ما يُعرف بالمد المشترك فتُشبه شكل الدمعة.
أول اكتشاف حول النظام النجمي الثنائي
أول مشاهدةٍ لنجمٍ ثنائيٍّ كانت عام 1617 عندما وجّه العالم الإغريقي غاليليو غاليلي تلسكوبه باتجاه النجم الثاني من طرف نهاية مجموعة الدب الأكبر؛ ليكتشف أنه عبارةٌ عن نجمين اثنين، تبيّن لاحقًا وجود ستة نجومٍ؛ أما أول من أطلق عليها النجوم الثنائية Binary Stars فهو العالم البريطاني فريدريك ويليام هيرشل عام 1802، الذي صنّف ما يزيد عن 655 نجمًا ثنائيًّا آنذاك.