ما هو حاجز الصوت

في حديثنا عن الطائرات دائمًا ما يتردّد من حولنا مصطلح حاجز الصوت (Sound Barrier)، وأغلبنا ليس لديه أدنى فكرة حول ما يشير هذا المصطلح، فقد يربطه البعض بقوّة الطائرة وقدرتها الكبيرة على الطيران أو بسرعة الطائرة، ولحسن حظك أنت في المكان الصحيح، لأننا في هذا المقال سنشرح هذا المصطلح للإجابة على جميع أسئلتك وإشباع فضولك، ولكن أولًا لنبدأ بشرح بعض المفاهيم الأساسيّة التي تساعدنا في فهمٍ أعمق لمعنى حاجز الصوت وتبعاته.

الصوت هو أحد أشكال الطّاقة، وهو عبارةٌ عن موجاتٍ اهتزازيّةٍ تنتج عن اهتزاز الأجسام، وتحتاج الموجات الصوتيّة إلى وسطٍ ماديٍّ لتنتشر، أيّ أنّها لا تنتشر في الخلاء، وهذا ما يميّزها عن الأمواج الضوئيّة، ويعتمد أسلوب انتشار الأمواج الصوتيّة على الوسط الماديّ، حيث يوجد نوعان للأمواج الصوتيّة:

تُعرّف السرعة بأنّها متوسط المسافة المقطوعة خلال الزمن، وتقاس بواحداتٍ مختلفةٍ بحسب نظام القياس المستخدم في الدولة مثل كم/ساعة أو ميل/ساعة، ولكن بجملة الواحدات الدوليّة تقاس السرعة بواحدة متر/ثانية. تبلغ سرعة الصوت في الهواء 340 مترًا في الثانية الواحدة عند درجة حرارة 15 مئويّةً (سيليسيوس)، وقد تختلف سرعة الصوت اختلافًا طفيفًا باختلاف درجة حرارة الهواء.

هو حاجزٌ افتراضيٌّ يشكّل حدًا فاصلًا ما بين السرعة الأقل من سرعة الصوت وسرعة الصوت. عند اقتراب الجسم من الوصول لسرعة الصوت، ترتفع قوى السحب الإيروديناميكي (المقاومة الدينامية الهوائية) بشكلٍ قويٍّ ومفاجئ، وتكون الناتجة عن ضغط الهواء الهائل، حيث أنّ الطائرة تنتج أمواجًا صوتيّةً تنتشر أمامها بشكلٍ طوليٍّ، وتتراكم هذه الموجات فوق بعضها البعض لتشكّل حاجزًا غير مرئيٍّ.

كما أنّ ذلك التراكم للموجات الصوتيّة يؤدي إلى ضغط الهواء بشكلٍ كبيرٍ، وعند اقتراب الطائرة أكثر من سرعة الصوت فإنّها تقترب من حاجز الضغط غير المرئيّ الذي شكّلته الموجات الصوتيّة، ويطبّق الهواء المضغوط قوةً كبيرةً على مقدّمة الطائرة ممّا يزيد من قوة السحب الإيروديناميكي.

عند وصول الطائرة إلى سرعة الصوت أي بوصول الطائرة إلى حاجز الصوت فإنّها تطير بنفس سرعة الأمواج الصوتيّة، ما يؤدّي إلى اصطدام الطائرة بالأمواج الصوتيّة الناتجة عنها، وينتج عن هذا الاصطدام تخلخلٌ كبيرٌ واضطّرابٌ في تدفّق الهواء حول الطائرة، وتعاني أجنحة الطائرة وبدنها من ضرباتٍ وصدماتٍ قويّةٍ ناتجة عن ارتطامها بحاجز الأمواج الصوتيّة، وقد ينتج أيضًا عن كسر حاجز الصوت صعوباتٌ خطيرةٌ للغاية تكمن في انعدام التوازن والاستقرار وفقدان السيطرة على الطائرة.

ظهر مصطلح حاجز الصوت لأول مرة في عام 1935، وكان الاعتقاد السائد آنذاك أنّ هذا الحاجز أشبه بجدارٍ ماديٍّ لا يمكن اختراقه أو تجاوزه، ومنذ ذلك الوقت بدأت القوات الجويّة الأمريكيّة في محاولات صناعة طائراتٍ قادرة على كسر حاجز الصوت، وبالفعل أطلقت القوات الأمريكيّة طائرةً من طراز (Bell X-1).

قامت الطائرة حينها بثلاث محاولاتٍ باءت بالفشل، ولم تستسلم قوات الجويّة الأمريكيّة، لتتكلل محاولتها الرابعة بالنجاح، حيث استطاع قائد القوات الجويّة الأمريكيّة الجنرال تشاك ييغر (Chuck Yeager) في الرابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1947 الوصول إلى سرعة الصوت والتي تبلغ 1225 كم/ساعة، وكسر حاجز الصوت في سماء صحراء موهافي.

كان تصميم طائرة (Bell X-1) بسيطًا وغير معقّدٍ، حيث كان المحرك عبارةً عن صاروخٍ يحوي على أربع حجراتٍ للاحتراق ويعمل بالوقود السائل، ولكن كميّة الوقود كانت لا تكفي سوى للطيران لبضع دقائقَ، وللتغلّب على هذه المشكلة، فبدلًا من إقلاع الطائرة بشكلٍ تقليديٍّ، قام الخبراء باستخدام قاذفة القنابل (B-29 bomber) لحمل الطائرة والطيران بها للوصول إلى الارتفاع المناسب، ومن ثم إطلاقها من الهواء مباشرةً.

لا يعتبر كسر حاجز الصوت حكرًا على الطائرات، حيث أنّ أي جسمٍ يتحرك بسرعةٍ تفوق سرعة الصوت يقوم بكسر حاجز الصوت، ويصدر عن الأجسام التي تكسر حاجز الصوت ضوضاء تشبه صوت الرعد يمكن سماعها من مسافاتٍ بعيدةٍ لشدّتها الكبيرة.

تشكّل الموجات الناتجة عن كسر حاجز الصوت مخروطًا من جزيئات الهواء المضغوط، وتنتشر تلك الجزئيات في جميع الاتجاهات خلف الطائرة وتتابع طريقها لتصل إلى الأرض، ممّا ينتج عنه دويٌّ هائل؟ ينتشر على طول قاعدة المخروط. .