ما هي التربة الفيضية؟
التربة الفيضية أو المغمورة (Flooded soil) هي أفضل أنواع التربة في الوطن العربي لتميزها بالخصوبة أو لاحتوائها على نسبةٍ عاليةٍ من المواد العضويّة وبعض المعادنِ الضروريّة لنمو النباتات. فهي تتواجد على ضفافِ الأنهار وعند المصبّات كما هو الحالُ في سهولِ الرافدينِ في العراق ودلتا النيل في مصر وهذا النوع من التربة يحتاج الى عناية من حيث تصريف المياه الزائدة فوقها، وإلا ستزداد الأملاح فوقها سنة بعد أخرى حتى تغدو غير صالحة للإنتاج الزراعي. كما حدث في بعض أجزاء السهل الفيضي في العراق. يصلح هذا النوع من التربة لإنتاج مختلف المحاصيل الزراعية حسب مواسمها.
فتعبّر التربة الفيضية عن الحالة التي تتشبّع فيها مساحة من التربة بالماء؛ وغالبًا تتشكّل التربة الفيضية نتيجة أسبابٍ طبيعيةٍ أو قد تكون مقصودةً لأسبابٍ زراعية، فالتربة الفيضية بتعريفها العامّ هي التربة التي تكون متشبعةً بالماء.
كيف تتكوّن التربة الفيضية؟
التربة الفيضية هي حالة تتشبع فيها مساحة من التربة بالماء، غالباً تحدث نتيجة أسباب طبيعية أو بسبب الغرض المقصود منها لأسباب زراعية.
ويمكن العثور على تربة فيضية بشكلٍ دائم في الأراضي الرطبة والمستنقعات؛ ويمكن أن تتشكل بشكل مؤقت نتيجة لتأثير الطقس أو الممارسات الزراعية.
ومع تقلب مستويات المياه وتبدل التربة بين حالات الغمر وعدم الغمر بالمياه، فإن التركيبة الكيميائية لبيئة التربة سوف تتغير باستمرار.
يؤثر محتوى الماء في التربة بشكلٍ مباشر على التفاعلات غير العضوية والميكروبية التي تؤثر على كامن الأكسدة والاختزال للتربة، وحموضتها، وقلويتها، ونسبة الملوحة فيها.
نتائج وجود تربة فيضية
من أهم الآثار المترتبة على التربة الفيضية، أن وجود الأكسجين محدود في مثل هذه البيئة، وأن الأكسجين المتبقي يتم استخدامه بسرعة عبر التنفس الهوائي.
ونتيجةً لهذا، تُستخدم مركبات أخرى كإلكترونات قابلة للتناثر في تفاعلات اكتساب الطاقة؛ والكائنات الدقيقة المتخصصة في إجراء هذه التفاعلات قادرة على التأثير في دورة المغذيات ضمن النظام البيئي.
وتؤدي التحولات الميكروبية للعناصر في التربة اللاهوائية دوراً كبيراً في تدوير المواد المغذية باستخدام الغاز الحيوي وفي انبعاثات غازات الدفيئة. قد تؤدي التغيرات في حالة أكسدة الإلكترونات الطرفية التي يمكن أن تقبلون إلى فقدان المغذيات من النظام عن طريق التطاير أو التلاشي.
وعلى الرغم من أن درجة معينة من الرطوبة مهمة لتكوين البنية الكبيبية والنشاط الميكروبي، إلا أن التربة الفيضية تظهر انخفاض ثبات البنية الكبيبية (Aggregated structure) مقارنةً بالتربة غير المغمورة. يساهم استنفاد الأوكسجين والاستخدام اللاحق للعناصر المختلفة للاختزال في انخفاض تكوين البنية الكبيبية. كما أن الكربون العضوي يصبح أكثر قابلية للذوبان (مثل المعادن) تحت ظروف الاختزال. من غير المحتمل أن يتوقف انخفاض استقرار التربة بسبب تصريف المواد الكيميائية أو تطايرها، وإزالتها من البيئة المحلية. نظراً لأن مناطق مثل حقول الأرز والأهوار تغمرها المياه بشكلٍ دائم، نادراً ما يتحسن الاستقرار الكلي لتربتها.
السمات الأساسية في التربة الفيضية
تتميز التربة الفيضية بخصوبتها واحتوائها على المواد العضوية وإنتاجيتها العالية، بالإضافة إلى زراعاتها الكثيفة. تتكون التربة الفيضية في السهول الفيضية وهي مساحة أرض مجاورة لتيار أو نهر يمتد من ضفاف قناته إلى قاعدة جدران الوادي المحيطة، والتي تتعرض للفيضانات خلال فترات التفريغ العالي. تتكون هذه التربة عادةً من الصلصال والطمي والرمال المترسبة خلال الفيضانات. عندما يفيض النهر على ضفافه، يترك وراءه طبقات من الطمي. التي تتراكم تدريجياً لإنشاء أرضية من السهل.
أهم مناطق انتشار التربة الفيضية
من أهم مناطق الترب الفيضية هي السهول الفيضية لكل من دجلة والفرات ودلتا، والسهل الفيضي لنهر النيل في السودان ومصر، وحول مجاري أنهار الوطن العربي مثل العاصي والليطاني والأردن والملوية وشليف والمجردة وأم الربيع وسوس.
كما توجد التربة الفيضية في سهول ووديان الأنهار مثل نهر النيل ونهر الميسيسبي ونهر اليانجستى والسند والنيجر والهوانهجو، وفي دجلة والفرات في آسيا، والدانوب والبو في أوروبا، والأمازون في أمريكا الجنوبية. وتتميّز هذه التربة بخصوبتها ورطوبتها الشديدة وباحتوائها على الموادّ العضوية المغذية للمزروعات والمحاصيل؛ كما تتميز بإنتاجيتها العالية وزراعاتها الكثيفة.
مشكلات التربة الفيضية
تعاني نطاقات واسعة من التربة الفيضية من تراجع قابليتها للزراعة وذلك لأسبابٍ كثيرةٍ مثل ارتفاع منسوب المياه في الأراضي الزراعية بسبب انتشار مشاريع الري، أو انخفاض مستويات سطح الأرض كما في المجرى السفلي لنهر الدانوب في كل من رومانيا وبلغاريا.
وهناك مساحات كبيرة من التربة الفيضية تعاني أيضًا من مشكلة ارتفاع نسبة الأملاح الذائبة فيها بسبب انتشار المستنقعات كما في أنهار ابرو في اسبانيا، بالإضافة لمعاناتها من تباين خصائص بيئاتها مما ينعكس على خصائص التصريف المائي، كما أنها تتباين من حيث التركيب والبناء ومستوى نفاذية الماء من نطاق لآخر وذلك يرجع للاختلاف الكبير في خصائص الظروف البيئية التي تمّت خلالها عملية الترسيب؛ وكذلك تعاني من الموقع بالنسبة لمجرى النهر وضفافه وطبيعة التكوينات الأرضية.
اختلاف السهول الفيضية عن التربة الفيضية
السهول الفيضية عبارة عن مساحة أرضٍ مجاورةٍ لنهرٍ أو تيارٍ مائي أو منبع مائي أو نهر ممتدٍّ إلى جدران الوادي المحيطة بالسهل؛ والتي قد تتعرض للفيضانات أثناء فترات التفريغ العالي. وعادةً تتشكل التربة الفيضية خلال الفيضانات من الصلصال والطمي والرمال المترسبة، إلا أنّه قد تتغير معدّلات تدفق الأنهار مع تغيرات المناخ مما يشكل تهديدًا على غابات السهول الفيضية.
وتتشكل السهول الفيضية عندما يتآكل مجرى متعرج أثناء انتقاله في اتجاه مجرى النهر ليخلّف وراءه طبقات من الطمي التي تتراكم تدريجيًا لإنشاء السهول الفيضية، كما وتحوي تلك السهول الفيضية على رواسب غير مجمعة ممتدةً لقاع الجداول؛ وغالبًا تكون تلك الرواسب على شكل تراكماتٍ من الحصى والرمل والطمي، كما من الممكن أن تتكون طبقاتٍ من المياه الجوفية المهمّة التي يتم تصفيتها لاحقًا.
وتدعم السهول الفيضية كافة النظم البيئية كما وتنوعًا، كما أنها تؤمّن زيادةً فوريةً بالعناصر الغذائية للتربة؛ الأمر الذي يجعل التربة الفيضية مناسبةً للإنتاج الزراعي، كما تتمثّل تلك السهول الفيضية جيولوجيًا على شكل مدرجاتٍ نهريةٍ نراها في الطبيعة.
وبهذا نكون وصلنا لنهاية إجابة سؤالنا عن ما هي التربة الفيضية؟، وفي الواقع، يدلّ الارتفاع السكاني الكبير في بعض الدول الغنية بالتربة الفيضية على أهمّية هذه التربة وغناها بالعناصر الغذائية وإنتاجيتها الكبيرة للمحاصيل الزراعية، كما هو الحال في رومانيا وإسبانيا واليونان وفرنسا.