ما هي التعرية
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
الكهوف بجمالها وغموضها، والوديان بعمقها، وغيرها من الأشكال الصخرية الغريبة التي حفّزت الجيولوجيين على دراستها، تشترك جميعها في تشكلها بعامل هام وهو التعرية، فلنتعرف عليها في هذا المقال.
مفهوم التعرية
التعرية أو التآكل هي عملية جيولوجية، تسبب تحطم وتلف الطبقة السطحية من قشرة الأرض، بفعل قوى طبيعية كالرياح، أو الماء، أو الجليد، وهو ما نلاحظه في الهواء المغبر، أو جدول الماء العكر، فهذه العكارة أو الشوائب ما هي إلا رواسب منقولة من مكان إلى آخر، وبالتالي فإن التآكل معاكس لعملية الترسيب الجيولوجية، ومشابه لعملية التجوية التي تتضمن انكسار وذوبان الصخور دون نقل.
الطبقة السطحية من قشرة الأرض هي الملاذ لجميع أشكال الحياة على سطح الأرض، والتي تشكل مع بعضها نظاميًّا ديناميكًّا معقدّا، ولكن ونتيجة التزايد الكبير في أعداد السكان وتزايد الطلب على الغذاء كان التوجه العالمي نحو تعزيز الزراعة على حساب أراضي الغابات، كزراعة القمح وفول الصويا والخضراوات، فأصبحت طبقة التربة السطحية هشة وضعيفة التماسك أما تأثيرات القوى الخارجية، فأثبتت إحصائيات عن الـ 150 عام الماضية، فقدان نصف طبقة التربة السطحية. وبذلك تتألف التعرية من ثلاثة مراحل هي:
أسباب التعرية
الزراعة
يمارس المزارعون عادات زراعية خاطئة تسبب تآكل التربة، كإزالة الغطاء النباتي والحراثة، فتصبح الأرض عرضة في الشتاء للعواصف والرياح والأمطار، ويجري المياه على سطح التربة في الأخاديد التي صنعتها إطارات الجرارات، وبالتالي تُفقَد التربة السطحية الغنية بالمغذيات.
الرعي الجائر
تزامن انتشار الزراعة الواسع مع زيادة تربية قطعان الماشية، والتي تقوم بدورها من خلال سحق النباتات، فتصبح التربة عارية وعُرضةً لنقل رواسب الطبقة السطحية منها إلى مناطق أخرى، وتقل تربة الطبقة الجدية على تخزين المياه، التي تسيل بدورها وتشكل عامل انجراف جديد، وتفقد النباتات قدرتها على التجدد.
إزالة الغطاء النباتي
تلعب الأشجار دورًا مهمًّا في حماية التربة من التآكل إمّا بحماية التربة من المطر بتاجها وأوراقها، أو بمخلّفاتها من أوراق وأغصان ميتة على الأرض، والتي تشكل طبقة حماية للتربة السطحية، وبذلك فإن إزالة هذا الغطاء تجعل التربة عرضة للتآكل.
النشاط العمراني
سببت حركة البناء للطرق والمباني المتسارعة حول العالم تغيير شكل تضاريس الأرض، بسبب إزالة الغابات والمناظر الطبيعية المحلية، فتتعرض التربة للتعرية، بالإضافة لتلوث الهواء بمخلفات عمليات البناء، فتسبب عاملًا إضافيًّا لتآكل الطبقة السطحية.
أنواع التعرية
التعرية بواسطة المياه
أقوى عوامل التعرية، بأشكاله المختلفة سواء كان على شكل أمطار أو فيضانات أو أنهار أو بحيرات أو محيطات، بتأثير قوة قطر المطر أو تدفق المياه، فتستطيع الأمطار تدمير التربة وفصل جزيئاتها، في حين تقوم المياه الجارية بنقل هذه الجزيئات.
فيتسبب بأربعة أنواع من التعرية:
- التعرية بالرذاذ: على الرغم من صغرها ولكنها قادرة على تحريك جزيئات التربة مسافة 0,6 م.
- التعرية بالمطر القوي: وما ينتج عنها من جريان سطحي.
- التعرية بسبب الجداول: حيث تشكل مياه الجريان السطحي للأمطار جداول صغيرة.
- التعرية في الأخاديد: وفيها تتحرك جزيئات التربة مسافات طويلة عبر أخاديد كبيرة هي غالبًا وديان أو صداع، وهي التي نتجت في البداية من حركة الأنهار فيها، ومن الأمثلة عليها وادي نهر السمك في نامبيا وهو اكبر الوديان الذي تشكل على مدى ملايين السنة ليصل طوله حاليًّا إلى 160 كم، وعرض 27 كم وعمق 550م.
أما المحيطات فتتمتع بقدرة هائلة على تعرية السواحل والشواطئ، حيث تعمل الأمواج عند ارتطامها بالصخور والحصى على نقل جزيئات الرمال بعيدًا عن الشواطئ فيتغير شكلها، على سبيل المثال، تدمّر منارة كيب هاتيراس بشكل جزئي في ولاية نورث كارولينا الأمريكية، وتشكل الكهوف البحرية.
تعرية الرياح
تتمتع الرياح القوية والمتكررة بقدرة على نقل الطبقة السطحية للتربة الجافة والمتفككة، كما نشاهد في التربة المحروثة أو في مواقع البناء، بالاعتماد على عدة تقنيات وهي:
- تشكيل المعلقات: أي حمل الرياح للجزيئات التي يقل حجمها عن 0.1 مم فوق سطح الأرض وصولًا إلى ارتفاعات عالية. عندما تشتد سرعة وقوة الرياح، فتبقى معلقة بالهواء حتى تخف سرعة الرياح أو تسقط مع مياه الأمطار، ويمكنا بذلك الانتقال إلى مسافات كبيرة تصل إلى مئات الكيلومترات.
- القفز الرملي: هي الظاهرة التي تتحرك فيها الجسيمات التي يتراوح قطرها بين 0.1 مم إلى 0.5 مم بالوثب لمسافات قصيرة تصل حتى 30 سم، ومع كل قفزة تستطيع هذه الجسيمات أن تحرك معها المزيد من الجسيمات الأخرى، ويشكل هذا النوع من الانتقال للجسيمات بواسطة الرياح العملية الأكثر انتشارًا، فينتقل ما بين 50-90 % من إجمالي تعرية التربة بواسطة الرياح.
- زحف التربة: هو حركة جزيئات وجسيمات التربة التي يتراوح قطرها ما بين 0,5-1 مم على سطح الأرض بالتدحرج، بتأثير الرياح وجسيمات التربة الأخرى (القفز الرملي للجسيمات)، ويشكل هذا النوع من الانتقالات نسبة 5-25% من إجمالي حركة التربة بواسطة الرياح.
التعرية بالجليد
على مدى ملايين السنين استطاعت طبقات الثلج المتراكمة فوق بعضها البعض في القارة القطبية الجنوبية والمناطق الجبلية كما في الألب والهيمالايا من تكوين انهار جليدية فهي تتحرك بشكل مستمر لمسافة بضعة أمتار يوميًّا نزولًا نحو الوديان، فتعمل كما المياه المتدفقة في تعرية سطح التربة من خلال الطرق التالية:
- اقتلاع الصخور للجليد:
- تتحرك الأنهار الجليدية على طبقة شبه سائلة، فتستطيع التغلغل في شقوق الصخور، ثم التجمد مرة أخرى مما يسبب تفكك وتفتت الصخور.
- نقل فتات الصخور المتشققة مع قطع الجليد المتحركة وحملها بعيدّا.
- الخدش والكشط الجليدي: تعمل قطع ونثرات الصخور العالقة في الصفيحة الجليدية للأنهار كورق الصنفرة، فخلال حركة النهر الجليدي تقوم هذه النثرات بحك وخدش الصخور والطبقة السطحية للتربة أسف النهر الجليدي، مخلفة ورائها وديانا على شكل حرف U وأخاديد.
العوامل التي تحدد تعرية التربة
هناك بعض أنواع الترب المقاومة للتعرية أكثر من غيرها وهذا ما تحدده مجموعة العوامل التالية:
- الميل والانحدار: بزيادة ميلان سطح الأرض تزداد قوة وسرعة المياه والأنهار الجليدية، وتزداد معها قابلية التربة للتآكل والتعرية، وكلما زاد طول ومسافة المنحدر زاد كمية الرواسب مع المياه.
- قوام التربة: لكل نوع تربة حجم محدد لجزيئاته، فتأخذ عدة أنواع وهي الرمل والطمي والطين، وأكثرها قابلية وسرعة في النقل هي الرمل.
- بنية التربة: أي درجة ارتباط وترتيب حبيبات التربة مع بعضها، فتسبب عمليات الزراعة والضغط على تكسير قوى الترابط بين هذه الحبيبات، فتفقد التربة تماسكها وبنيتها وتصبح أكثر عرضة للتعرية.
- وحدة التضاريس: في المنحدرات الشديدة تبقى قممها أجف من الأسفل، وتتحرك الحبيبات الدقيقة إلى الأسفل وتبقى الحبيبات الرملية، في حين تساعد جذور النباتات في الأسفل على حفظ التربة من التآكل بجذورها العميقة الباحثة عن الرطوبة، أما في المناطق المتوسطة الانحدار، فهي أكثر قابلية للتعرية بسبب تصريف التربة الغنية بالطين الجيد، في حين تتشبع المناطق المستوية بالمياه بسبب تراكم الطين الذي يحبس الرطوبة، وهي الأكثر قابلية للتعرية.
- المواد العضوية: تشكل المادة العضوية الماجة اللاحمة التي تربط حبيبات التربة ببعضها، فتحمها من التعرية، وتعيق تأثير الجريان السطحي بسبب زيادة قدرة التربة على الارتشاح.
- الغطاء النباتي: يساعد الغطاء النباتي على حماية وتثبت التربة من خلال ما يلي:
- تعيق تدفق وجريان المياه، مما يهيأ الفرصة لامتصاص وتشرب مياه الأمطار.
- تثبت التربة بجذورها وتمنعها من الانهيار.
- تقلل من تأثير قوة تصادم قطرة المياه بالتربة باصطدامها بها.
- تربط جذور النباتات على الضفاف النهرية التربة وتحميها من التعرية، وتبطئ من تدفق المياه.
- استخدام الأراضي: فالعشب بكثافته من أفضل الطرق لحماية سطح التربة من التعرية، فيمكن استخدام محصول القمح، أو محصول الذرة الصيفي بشكل خاص خلال المراحل المبكرة من النمو، في حين تشجع لاحقًا على التعرية والتآكل.