ما هي الطاقة الشمسية وما تطبيقاتها وايجابياتها وسلبياتها

ريتا ابراهيم
ريتا ابراهيم

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

هل تساءلت يومًا عن ماهيّة تلك الألواح ذات المربعات الصغيرة التي تكتظ بها أسقف الكثير من المباني وتتربع على سطوح المصانع والأضواء في الشوارع؟ هل جال في خاطرك يومًا كيف لهذه الألواح الجامدة أن تمدّنا بعصب الحياة، بالطاقة الكهربائية؟ حسنًا الجواب الشافي لهذه الأسئلة هو وببساطةٍ الطاقة الشمسية نعم شمسنا العزيزة هي النواة الأساسية لتوليد الكهرباء عن طريق تلك الألواح والتي تدعى بالألواح الشمسية.

فما هي الطاقة الشمسية بالضبط؟ وكيف أمكننا تحويلها من “شعاعٍ” إلى طاقةٍ كهربائيةٍ تروي منازلنا بما تحتاجه من الكهرباء؟ وهل لتوظيف هذه الطاقة النظيفة المتجدّدة أية سلبيات أو محدوديات؟ كل تلك الأسئلة سنجيب عنها في مقالنا هذا مبحرين في تفاصيل الطاقة الشمسية وكيفية استقبالها وتحويلها إلى أشكالٍ أخرى من الطاقة عن طريق الألواح الشمسية.


ما هي الطاقة الشمسية

شمسنا الكبيرة في مجموعتنا الشمسية تقوم بأكثر من تزويد كوكبنا بأشعة الشمس الضرورية لجميع أشكال الحياة عليه، فهي بالإضافة إلى ذلك تزوّدنا بالطاقة، كيف؟ حسنًا كل جُسيمٍ من الأشعة الشمسية (ويُطلق عليه الفوتون photon) يحتوي بداخله طاقةً كامنةً.

كما أن أشعة الشمس هي المصدر والمحرّك الأساسي لجميع أشكال الطاقة الأخرى على الأرض، ونظريًّا وجد العلماء أن الطاقة الشمسية التي تصل إلينا من الشمس خلال ساعةٍ واحدةٍ فقط كافيةً لتزويدنا بما نحتاجه من جميع أشكال الطاقة، من الطاقة الكهربائية إلى الحرارية وصولًا إلى طاقة الرياح، لمدّة عامٍ كاملٍ! من أين تأتي كل تلك الطاقة؟ حسنًا الجواب حتمًا من داخل الشمس نفسها، فهنالك الملايين من التفاعلات والانفجارات النووية التي تحدث كل ثانيةٍ في الشمس، ويمكن تشبيه شمسنا بمفاعلٍ نوويٍّ هائلٍ يبث في كل لحظةٍ كميّاتٍ خياليّةً من الطاقة على شكل إشعاعٍ ضوئيٍّ وحرارةٍ، يمكننا تسخيرها وتحويلها إلى أشكالٍ أخرى للطاقة نحتاجه يوميًّا، كالكهرباء والحرارة.

الطاقة الشمسية هي الطاقة الناتجة عن أشعة الشمس التي نعرفها والتي يمكن تحويلها إلى طاقةٍ حراريةٍ أو كهربائيةٍ مثلًا، وهي من أهم أنواع الطاقات المتجددة في العالم، كما أنها الأكثر نظافة بين أنواع الطاقات الأخرى والأكثر توفرًا أيضًا، وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية واحدًا من أغنى أنظمة الطاقة الشمسية في العالم، ولهذه الطاقة استخداماتٌ كثيرةً سنتعرف عليها تباعًا.


استخدامات الطاقة الشمسية

كما ذكرنا سابقًا فإن مقدار الطاقة الشمسية التي تبثّها شمسنا هائلٌ جدًا، وما يصل إلى كوكبنا في يومٍ واحدٍ قادرٍ على توليد 200,000 ألف ضعف من الطاقة الكهربائية اليومية اللازمة لنا. ولكن وبالرغم من أن الطاقة الشمسية بحد ذاتها نظيفةٌ تمامًا ومجانيّةٌ، إلّا أن عملية تجميعها وتحويلها وتخزينها مُكلفة جدًا، وهذا في الواقع يحدُّ من توظيفنا لها.

يمكن توظيف الطاقة الشمسية وتحويلها إلى نوعين من الطاقة، هما الطاقة الحرارية (Thermal energy) والطاقة الكهربائيّة (electrical energy)، والحصول على الطاقة الحرارية أسهل من الكهربائيّة.


الطاقة الحرارية الناتجة عن الطاقة الشمسية

بما أن أحد الركنين الأساسيين للطاقة الشمسية هي الطاقة الحرارية فلا عجب من أن نفكّر في توظيفها، وتُعتبر المجمّعات اللوحية المسطّحة (flat-plate collectors) المصدر الأساسي وجوهر هذا التحويل. لكن ولأن كثافة الطاقة الحرارية للإشعاعات الشمسية التي تصل إلى كوكبنا قليلةٌ فهذا يعني أن الألواح الحرارية يجب أن تكون ذات سطحٍ واسعٍ جدًا حتى تلتقط كمية حرارة كافية من الشمس، إذ أن لوحًا حراريًّا بمساحة 40 متر مربع يمكن أن يمتص حرارةً تكفي احتياجات شخصٍ واحدٍ فقط، لذا لنتخيّل عدد الألواح الحرارية والمساحة التي تحتاجها لتغطية احتياجات مدينةٍ بأكملها!

تتألف الألواح الحرارية بشكلٍ أساسيٍّ من صفيحةٍ معدنيةٍ سوداءَ، مُغطاةً بطبقةٍ أو اثنتين من الزجاج، وهذا التركيب يُساهم في تكثيف أشعة الشمس الواردة وتسخين الصفيحة المعدنية. وتُنقل هذه الحرارة فيما بعد إلى وسطٍ ناقلٍ كالهواء أو الماء، وعندها يمكن استخدام هذه الحرارة مباشرةً، للتدفئة (هواء) أو الاستحمام (ماء)، أو بالإمكان تخزينها في خزاناتٍ مائيةٍ معزولةٍ، يُمكن استخدامها في الليل أو في الجو الغائم، إما بالاستخدام المباشر للماء الساخن، أو نقله إلى أنابيبَ في جدران المنزل وأرضيّاته، والذي يعمل على نشر الحرارة في أجواء المنزل.

وبإمكان الألواح الحرارية هذه تسخين الماء حتى درجة حرارة 90 درجةً مئويةً وبفعاليّةٍ قدرها 20-80% من مقدار الطاقة الشمسية المُمتصة من قبل هذه الألواح.

الطاقة الشمسية

الطاقة الكهربائية

أحد أهم تطبيقات الطّاقة الشمسية هو الحصول الطاقة الكهربائيّة، عصب الحياة إن صحّ التعبير. ويتم ذلك عن طريق ألواحٍ خاصّةٍ تُدعى بالألواح الشمسية الضوئية (Photovoltaic (PV) solar panels)، والتي تتألف من عددٍ كبيرٍ من الخلايا الضوئية، وهذه الخلايا بدورها تتكون من أنصاف نواقلَ (semiconductors)، وتحتوي هذه الخلايا على طبقةٍ موجبةٍ وأخرى سالبةٍ واللتين تشكّلان معًا دارةً كهربائيةً كما في البطاريّات تمامًا.

عندما تصطدم الأشعة الشمسية بهذه الخلايا يتم تجريدها من إلكتروناتها والتي تنتقل عبر الدائرة على شكل تيّارٍ كهربائيٍّ مستمرٍ (direct current (DC))، ليتم بعدها تحويله إلى تيارٍ كهربائيٍّ متناوبٍ (AC (alternating current)) عن طريق ما يُعرف بالمحوّل أو الأنفرتر (inverter)، يتم نقله بعدها مباشرةً إلى البيوت لتزويدها بالكهرباء اللازمة أو بالإمكان تخزينها في بطارياتٍ كبيرةٍ يمكن تفريغها وشحنها باستمرارٍ لاستخدامها فيما بعد.


إيجابيات وسلبيات الطاقة الشمسية

بالرغم من أن الطاقة الشمسية تتصدّر الطاقة النظيفة والمتجدّدة، إلا أن توظيفها وتسخيرها لا يخلو من بعض العوائق، وفيما يلي سنذكر حسنات ومحدوديّات استخدام الطاقة الشمسية:


إيجابيات الطاقة الشمسية

  • طاقةٌ متجدّدةٌ، بمعنى أنّنا مهما استخدمناها فلن نعاني من قلّة مواردها كما الحال في الوقود الأحفوري.
  • تقليل قيمة فواتير الكهرباء، هذه في الواقع أحد الميزات الهامة في الطاقة الشمسية فهي مجانيّةٌ تمامًا (من حيث المصدر) ويمكن الاستعاضة بها عن الكهرباء الأساسية للمنزل، الأمر الذي سيخفّض من العبء المادي لفواتير الكهرباء بشكلٍ كبيرٍ.
  • انخفاض تكاليف الصيانة والمتابعة، لا تحتاج الألواح الشمسية إلى تكاليف صيانةٍ باهظةٍ كما هي الحالة في محطّات توليد الكهرباء من الوقود والتي قد تكلّف صيانتها الملايين.

سلبيات الطاقة الشمسية

  • التكلفة المرتفعة نسبيًّا لنظام الألواح الشمسية الذي يجب أن يوضع في بادئ الأمر.
  • العوائق المناخية، حسنًا لا يمكن استخدام الطاقة الشمسية إن لم تكن الشمس موجودةً صحيح؟ هذا في الواقع يحد من استخدام الطاقة الشمسية في الليل وفي الأجواء الغائمة، إلّا أن ذلك يمكن استدراكه عن طريق تخزين الطاقة المستمّدة من الشمس صباحًا في بطارياتٍ كبيرةٍ.
  • تستهلك مساحاتٍ كبيرةً نسبيًّا، فنظام الألواح الشمسية يتطلّب وجود مساحاتٍ واسعةٍ حتى يتم وضع الألواح الشمسية الكبيرة فيها.
  • تلويث البيئة، بالرغم من أن الطاقة الشمسية بحد ذاتها نظيفةٌ تمامًا، إلا أن عملية تصنيع الألواح الشمسية تشتمل على منتجاتٍ وإجراءاتٍ تُطلق بعض النتائج الثانوية التي تلحق ضررًا بالبيئة.

بالرغم من المحدوديّات البسيطة التي تترافق مع استخدام الطاقة الشمسية، إلا أن استخدامها وتوظيفها يساهمان بتأمين نسبةٍ لا بأس بها من احتياجاتنا من الكهرباء والحرارة وبصورةٍ نظيفةٍ تمامًا. وقد يحمل لنا المستقبل في جعبته طرقًا لتلافي سلبيات الطاقة الشمسية واستخدام هذه الطاقة المتجدّدة بشكلٍ فعّالٍ ونظيفٍ تمامًا.


تطبيقات الطاقة الشمسية

من أحد أهم تطبيقات الطاقة الشمسية بالأخص الكهروضوئية، استخدامها في المواصلات ووسائل النقل فمثلًا:

  •  في عام 2013، قدمت أستراليا أول حافلة تعمل بالطاقة الشمسية، في محاولة منها لتقليل الانبعاثات الكربونية والمحافظة على البيئة نظرًا لأن نسبة تقدر بـ 30% من تلوث الهواء يتسبب بها عادم السيارات، تعرف تلك الحافلة باسم "Tindo"، وهي تعمل ببطارية يتم شحنها من ألواح الطاقة الشمسية.
  • قارب "Planet Solar": يعمل كليًا بالطاقة الشمسية، يمكنه أن يستوعب على متنه ما يقرب 60 شخصًا، تلك الطاقة تسمح له أن يعمل لمدة 72 ساعة حتى أثناء الليل وبأقصى سرعته والتي تصل إلى 26 كم/ساعة.
  • طائرة "Solarlmpulse": فهي الطائرة الفريدة من نوعها التي تعمل باستخدام الطاقة الشمسية سواء في النهار أو الليل، ويأمل القائمون على هذا المشروع، إطلاق أول رحلة حول العالم بتلك الطائرة.

توليد الطاقة الكهربائية

تولد الألواح الشمسية الكهروضوئية تيارًا كهربائيًّا مستمرةً بشكلٍ مباشرٍ DC، وعن طريق هذا التيار تنتقل الإلكترونات ضمن الدارة الكهربائية باتجاهٍ واحدٍ، وبوضع مصباح في طريق هذا التيار سنتمكن من تشغيله كما هو الحال في مختلف أنواع البطاريات، ويمكن أيضًا استخدام الطاقة الشمسية لتوليد تيارٍ كهربائيٍّ متناوب حيث يتم دفع وسحب الإلكترونات بشكلٍ متناوبٍ مما يولد تيارًا كهربائيًّا كما في محرك السيارة تمامًا، وهذا عند لف الأسلاك إلى جانبِ مغناطيسٍ، الأمر الذي يمكن القيام به عن طريق العديد من مصادر الطاقة المتجددة كالرياح والفحم إلى جانب الطاقة الشمسية.

تم اختيار التيار الكهربائي المتناوب في شبكة الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة، ويرجع ذلك بشكلٍ أساسيٍّ إلى انخفاض تكلفة نقلها لمسافاتٍ طويلةٍ، ويمكن تحويلها في أي وقتٍ إلى تيارٍ مستمرٍ باستخدام عاكسٍ.


توليد الطاقة الحرارية

تستخدم الطاقة الشمسية في التدفئة عن طريق تحويلها إلى حرارةٍ، ويكون ذلك عن طريق ألواح جامعة للحرارة، ويجب أن تكون هذه الألواح كبيرة لتتمكن من جمع ما يكفي من الطاقة لتوليد الحرارة بسبب انخفاض كثافة الإشعاع الشمسي على سطح الأرض، وتبلغ المساحة الإجمالية اللازمة من الألواح الجامعة حوالي 40 مترًا مربعًا؛ أي 430 قدمًا مربعًا لجمع ما يكفي من الطاقة لتلبية احتياجات شخصٍ واحدٍ.

تكون تلك الألواح معدنيةً سوداء اللون مغطاةً بطبقةٍ أو اثنتين من الزجاج ويتم تسخينها بواسطة أشعة الشمس التي تتعرض لها، ثم تنقل هذه الحرارة عبر نواقلٍ تسمى نواقل سائلة كونها تتدفق خلف الألواح، وتكون هذه النواقل هواء أو ماء مثلًا.

قد تستخدم الحرارة الناتجة عن الألواح الشمسية بشكلٍ مباشرٍ أو قد تنقل إلى وسيطٍ تخزن فيه، ومن أشهر الاستخدامات لها هو تسخين الماء بالطاقة الشمسية، أو التدفئة المنزلية، وعادةً يتم تخزين كمية من الماء المسخنة مسبقًا في خزانات عازلة حراريًا للاستخدام الليلي أو الاستخدام في الأيام غير المشمسة، وتكون درجة الحرارة التي تصل إليها المياه بين 66 إلى 93 درجةٍ مئويةٍ مع اختلاف في الأداء بين المجمعات الحرارية.

وتجدر الإشارة أن هذه الطريقة ليست الوحيدة للاستفادة من الطاقة الحرارية لأشعة الشمس، وإنما يوجد ما يسمى الأحواض الشمسية؛ وهي عبارةٌ عن مسطحاتٍ مائيةٍ من المياه المالحة تجمع الطاقة الحرارية لتستخدم في إنتاج موادٍ كيميائيةٍ أو غذائيةٍ أو منسوجاتٍ أو لأغراض التدفئة المنزلية.

هل أعجبك المقال؟