🎞️ Netflix

ما هي العلمانية وكيف نشأت

منار الحاجي
منار الحاجي

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

بدأ مفهوم العلمانية بالانتشار في العصور الوسطى في أوروبا كردّ فعلٍ بعد ميلٍ سلبيٍّ ونزعةٍ واضحةٍ للمتديّنين لازدراء الأمور الإنسانية وإهمالها، والتوجه فقط نحو العبادات والتفكير في الحياة الآخرة. فكانت العلمانية كتوجّهٍ بعيدٍ عن الغيبيات وقريبٍ من التفكير بالأمور الحياتية على الأرض.

دائمًا ما كان الاعتقاد الخاطئ حول العلمانية يجول في أذهان الناس على أنها معاديةٌ للمسيحية وللأديان بشكلٍ عام، إلى أن بدأ بعض اللاهوتيّون في النصف الأخير من القرن العشرين بالدعوة إلى العلمانية المسيحية قائلين أن المسيحية ورسالة عيسى المسيح هي أكبر من مجرد عباداتٍ وتفكيرٍ بالحياة الآخرة، لتشمل القيم الإنسانية وجميع جوانب الحياة والارتقاء بالإنسانية ككلٍ إلى أسمى درجاتها.


مبادئ العلمانية

للعلمانية ثلاثة مبادئ تحمي وتدعم معظم الحريات التي يتمتع بها أي مجتمعٍ ديمقراطيٍّ، وهي:

  • فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات الحكومية مع السماح بممارسة الأديان المختلفة، شريطة ألّا تسود إحداها وتهيمن على الأخرى. يعتبر هذا المبدأ حجر الأساس للعلمانية؛ فهو يؤكد على عدم التداخل والتعارض بين الحكومات والمجموعات المتدينة.
  • حريّة ممارسة العقائد والشعائر الدينية شريطة ألا تؤذي الآخرين ولا تسبب تغييرًا في دياناتهم، بالإضافة لحرية عدم التدين أصلًا. يحمي هذا المبدأ كلًّا من المؤمنين وغير المؤمنين.
  • المساواة بين الأفراد بغض النظر عن توجههم الديني، وبهذا لا يكون لأحدهم أفضليةٌ على الآخر.

أهداف العلمانية

للعلمانية أهدافٌ عديدةٌ، منها:

  • الديمقراطية والمحافظة على مؤسساتها.
  • رفع المساواة فوق القانون.
  • مراعاة حقوق الأفراد والأقلّيات بدلًا من التركيز على الجماعات والمعتقدات.
  • الحريّة السياسية والتي تتضمن حق التعبير وحرية التفكير.
  • التسامح وتقبّل الاختلافات الشكلية والدينية.

فوائد العلمانية

نتيجة لتوجهات ومبادئ العلمانية لا بدّ أن ينعم المجتمع بجميع أفراده بما يلي:

  • تعزيز التماسك المجتمعي والشعور بالهوية المشتركة عن طريق تثقيف وتعليم الأطفال والأجيال الناشئة بطريقةٍ حياديةٍ، وبهذا نتجنب نعت الأفراد وشتمهم بحسب توجهم الديني. فلن نجد من يلقّب الآخر بالطفل المعارض، أو الطفل الكاثوليكي، والطفل المسلم، والطفل الملحد، أو الطفل اليهودي وغيرها، فتلك أمورٌ ستؤذي نفسية الطفل، وربما تغيّر تفكيره ليصبح عدوانيًّا ومتعصبًا لدينه.
  • حماية الأقليات المضطهدة دينيًّا من قبل الأكثريات، كنتيجةٍ لعدم وجود كنيسةٍ أو جهةٍ رسميةٍ واحدةٍ مسيطرة. بالإضافة لمنحها الحرية المطلقة في التعبير والتفكير.
  • فلا شك أن الحاجة للعلمانية تزداد كلما احتوى المجتمع على طوائفَ وأديانٍ مختلفةٍ؛ حيث تزداد معها نسبة حصول النزاعات والخلافات بسبب ميل إحدى الطوائف للسيطرة وفرض مبادئها وأحكامها على الجميع.

أنواع العلمانية

يمكن تقسيم العلمانية إلى ثلاثة أصنافٍ رئيسيةٍ تتداخل فيما بينها لتشكّل هيكلًا متكاملًا على الرغم من الاختلافات التي تسودها، وهي:

  1. العلمانية السياسية: وهي كما ذكرنا سابقًا الحفاظ على الحياة المدنية بعيدة عن أي سيطرةٍ أو هيمنةٍ دينيةٍ.
  2. العلمانية الفلسفية: وهي مدرسةٌ للتفكير المعادية نوعًا ما لجميع مظاهر التدين باعتبارها خاطئة، فاضحة لذاتها ومناقضة لنفسها.
  3. العلمانية الثقافية الاجتماعية: وهي معنيةٌ بالأمور اليومية العملية، بعيدًا عن القضايا الدينية كالخطايا، والجنة والنار، والإله وغيرها.

الإلحاد والعلمانية

غالبًا ما يتم الخلط بين المفهومين على أنهما شيءٌ واحدٌ؛ ولكن الحقيقة عكس هذا تمامًا. من المهم التمييز بين العلمانية والإلحاد على أنّهما شيئان مختلفان لا يلتقيان بأية نقاطٍ؛ فالإلحاد يقوم على مبدأ إنكار الخالق وجميع الأديان، أمّا العلمانية فلا تتدخّل في هذا الجدال وباحتمالية وجود خالق أو لا، فهي مذهبٌ مرنٌ معني بعدم تدخل الدولة في أمور الدين والعكس صحيحٌ. أي على الدولة أن تتمتع بالحيادية بحيث يستطيع الناس ممارسة شعائر دينهم وطقوس عباداتهم بحريةٍ.

يمتدّ مفهوم العلمانية لأعمق من هذا، فهي تريد للأديان أن تكون محصورةً داخل المنازل ودور العبادة، كما ترفض استغلال الأموال الممنوحة للمنظمات الدينية من قبل المنشئات العامة في الأعمال التبشيرية.


مؤسسات التعليم والعلمانية

  • يتم إسقاط مبادئ العلمانية على جميع المنشئات والمؤسسات التعليمية وأهمها المدارس؛ فنجد تغييراتٍ هامةً في النظام التعليمي العلماني بحيث يتم تحويل المدارس الدينية إلى مدارسَ مجتمعيةٍ عامة، تفتح أبوابها أمام جميع التلاميذ بغض النظر عن ديانتهم.
  • تجنّب وصف أي دين بالحقيقة المطلقة، وبعدم سيادة وهيمنة وتفضيل أحدها على الآخر.
  • على التعليم أن يطرح وجهات نظر أخرى لتحليل الأمور الدنيويّة بعيدًا عن طرق الدين في تحليلها.
هل أعجبك المقال؟