المركبات الشاردية الآيونية
في مكانٍ في الطبيعة، هناك أشياءٌ ذات طاقةٍ عاليةٍ تميل للتحرك باتجاه أخرى أقل طاقةً منها. فالشكل الأقل طاقةً يكون أكثر استقرارًا لذلك تنجذب الأشياء طبيعيًّا إليه. وبالنسبة للذرات فإن عناصر الغاز النبيلة تمثل العناصر ذات الطاقة الأخفض وتكون مستقرةً وغير تفاعليةٍ. وبما أنها بوضع الطاقة الأقل فإنها تميل إلى البقاء على حالها.
كيف تصبح الذرات معتدلة
بالمقابل هناك عناصرٌ في مجموعاتٍ أخرى لها مداراتٌ غير ممتلئةٍ، لذلك فهي غير مستقرةٍ مقارنةً بالغازات النبيلة. ويقودها عدم الاستقرار باتجاه العناصر الأقل طاقةً متمثلةً بالغازات النبيلة المجاورة في الجدول الدوري. وفي عناصر الطاقة الأقل هذه يوجد 8 إلكترونات (ثُمانية) في مستوى الطاقة الخارجي. ويُشار إلى ميل ذرةٍ ما باتجاه شكل ثماني إلكترونات التكافؤ باسم (قاعدة الثُمانية).
وهناك طريقتان للذرة التي لا تملك ثُمانية من إلكترونات التكافؤ لكسب ثُماني في مدارها الخارجي. أولها: انتقال الإلكترونات بين ذرتين حتى تحصل إحداهما على الثُمانية. ولأن بعض الذرات ستفقد إلكترونات وبعض الذرات ستكسب إلكترونات فلن يوجد تغييرٌ كليٌّ في عدد الإلكترونات، لكن بانتقال الإلكترونات فإن الذرات الفردية ستكسب شحنةً إلكترونية لا صفرية nonzero. وتصبح الذرات التي خسرت إلكترونات ذات شحنةٍ موجبةٍ والذرات التي اكتسبت إلكترونات سالبة الشحنة.
وتعرف الذرات التي حملت شحناتٍ موجبةً أو سالبةً باسم الأيونات (شوارد) ions، فإذا اكتسبت ذرةٌ ما إلكترونًا واحدًا أو اثنين تكون سالبة الشحنة ويطلق عليها اسم أنيون anion، أما إذا خسرت إلكترونًا أو اثنين تكون موجبة الشحنة وتسمى كاتيون cation. ولأن الشحنات المتعاكسة تتجاذب فإن الأيونات ذات الشحنات المتعاكسة تنجذب إلى بعضها وتشكل روابط شاردية. تسمى المركبات الناتجة بالمركبات الشاردية أو الآنيوية.
أما الطريقة الثانية لاكتساب ذرة لثُمانية إلكترونات فتكون بمشاركة إلكترونات مع ذرةٍ أخرى. وتقوم هذه الإلكترونات المتشاركة معًا بشغل المدار الخارجي لكلا الذرتين. وتسمى الرابطة التي تنشأ بين الإلكترونات المتشاركة بـ الرابطة المشتركة.
تعريفات في الروابط الكيميائية ومكوناتها
- الآيونات Ions
هي ذرةٌ أو جزيءٌ بأعدادٍ غير متساويةٍ من البروتونات والإلكترونات.
- الكاتيون Cations
وهو آيون بشحنةٍ موجبةٍ.
- الآنيون Anion
وهو آيون بشحنةٍ سالبةٍ.
- المركبات الشاردية Ionic Compounds
عددٌ كبيرٌ من الأيونات بشحناتٍ متعاكسةٍ. مثل: كاتيونات الصوديوم وأنيونات الكلور. يمكنها تنظيم نفسها في أنماطٍ مستقرةٍ وفيها القوى المنفرة القوية بين الشحنات المتشابهة تُلغى بقوى جاذبة مساوية بين الشحنات غير المتشابهة.
- الذرة المتعادلة Neutral Atom
الذرة المتعادلة كهربائيًّا أي تملك عددًا متساويًّا من البروتونات والإلكترونات، وهي في جوهرها ذرةٌ وليست آيون.
- الآيونات متعدد الذرات Polyatomic Ions
تملك العناصر والمركبات المتعادلة إلكترونيًّا العدد نفسه من الإلكترونات والبروتونات، لذلك تكون شحنات الإلكترونات السالبة متوازنةً مع الشحنات الموجبة للبروتونات. لكن ليس الوضع دائمًا هكذا، فالإلكترونات قد تتحرك من ذرةٍ إلى أخرى، وعندما يحدث ذلك تتشكل أيونات بشحناتٍ كهربائيةٍ سالبة مثل الأنواع التي تسمى أنيونات ions، وأيونات بشحنةٍ موجبةٍ كليًّا تسمى كاتيونات cations. مع التذكير أن الأيونات ions تتشكل فقط عند انتقال الإلكترونات من ذرةٍ إلى أخرى، أما البروتون فهو لا يتحرك أبدًا من ذرةٍ لأخرى. وتسمى المركبات التي تتشكل من الأيونات السالبة والموجبة بـ المركبات الشاردية (الآيونية) ionic compounds.
وقد تكتسب الذرات الفردية الإلكترونات أو تخسرها، وعندما يحدث ذلك تصبح أيونات أحادية الذرة. وعندما تكتسب الذرات أو تخسر الإلكترونات تظهر عليها الشحنة المميزة الإجمالية.
ويمكن أن نلاحظ عدة أشياءٍ حول الأيونات:
أولها: أن كل عنصرٍ يشكل كاتيونات cations هو معدنٌ، ماعدا الهيدروجين. بينما كل عنصرٍ يكون أنيونات anions هو لا معدنٌ. أي تميل المعادن إلى تشكيل الكاتيونات بينما تميل اللامعادن إلى تشكيل الأنيونات. وهذه فعلًا واحدة من خصائص المعادن واللامعادن.
ثانيًا: تشكل معظم الذرات أيونات من شحنةٍ مميزةٍ مفردة؛ فعندما تشكل ذرات الصوديوم الأيونات فهي تشكل دائمًا شحنة +1 وليس +2 أو +3 أو حتى شحنة -1.
ثالثًا: هناك بعض الاستثناءات في النقطة السابقة. فبعض العناصر، وكل المعادن يمكن أن تشكل أكثر من شحنةٍ واحدةٍ، مثلًا: يمكن لذرات الحديد أن تشكل كاتيونات +2 أو +3. والكوبالت عنصر آخر يمكن أن يشكل أكثر من شحنةٍ واحدةٍ ( آيون +2 أو +3)، بينما يشكل الرصاص كاتيونات +2 أو +4.
خواص المركبات الشاردية الآيونية
لأن كل المركبات الشاردية تتشكل عند انجذاب الأنيونات والكاتيونات إلى الآخر، فإنها عادةً تمتلك خصائصَ متشابهةً.
- المركبات
الشاردية تشكل البلورات
تتكون المركبات الشاردية (الأيونية) من الكاتيونات والأنيونات التي تلتصق بجانب بعضها بسبب شحناتها المتعاكسة. مثل اتحاد كاتيون ليثيوم بـ أنيون كلور فردي ليشكلا كلور الليثيوم LiCl.
وبسبب الشحنات المتناقضة فإن الأيونات تنجذب لغيرها، فمثلًا أزواج LiCl ستميل إلى تشكيل مجموعاتٍ أكبر. بدورها هذه المجموعات الأكبر ستشكل مجموعاتٍ أكبر من الأيونات. وسيستمر هذا الوضع حتى لا يوجد أيونات الليثيوم أو الكلور.
والبلورات هي نسقٌ كبيرٌ من الأيونات أو الذرات التي تلتصق في أنماطٍ منتظمةٍ. وتشكل معظم المركبات الشاردية بلورات كبيرة جدًا.
يشار إلى هذه الأنساق الكبيرة من الأيونات باسم بلورات crystals. ورغم أن البلورات تتشكل من المركبات الشاردية لكن يمكن تكوينها أيضًا من بعض المركبات الكيميائية الأخرى مثل الماس.
- درجات
الانصهار والغليان عالية في المركبات الشاردية
ماذا يحدث عند تسخين شيءٍ ما في المطبخ؟ يمكن أن نكتشف أثناء الطهي. أن معظم الطعام الذي نأكله يذوب أو يحترق عند تسخينه. وقد يحدث الأمران معًا لبعض الأطعمة.
تذوب المركبات الشاردية وتغلي عادةً في درجات حرارة أعلى من بقية المواد ويعود السبب إلى أن فصل الكاتيونات والأنيونات عن بعضهما يحتاج إلى إضافة طاقةٍ كافيٍة لأن انجذابهما قويٌ جدًا ويستهلك الكثير من الطاقة لسحب هذه الأيونات بعيدًا، ويتطلب الأمر كميةً كبيرةً من الحرارة.
- المركبات الشاردية قاسية وهشة
إن المركبات الشاردية Ionic Compounds قاسيةٌ بشكلٍ كبيرٍ لأنه من الصعب إبعاد الأيونات عن بعضها في بلورةٍ، وحتى عند تطبيق قوة كبيرة فالانجذاب بين الكاتيونات والآنيونات سيستمر لشد البلورة معًا.
بالمقابل، وبقدر ما المركبات الشاردية قاسية فهي هشةٌ جدًا أيضًا، ما يعني أنها تنفصل بسهولةٍ عند تطبيق النوع المناسب من القوة. فالبلورات الشاردية ترتصف وتشكل مناطق يمكن لتطبيق قوةٍ صغيرةٍ عليها أن يكسر البلورة. تسمى هذه المناطق أحيانًا بـ "مستويات الانكسار" لأنها الأماكن التي تكون فيها البلورة ضعيفة جدًا ويمكن كسرها بسهولةٍ.
- تنقل
المركبات الشاردية الكهرباء عند إذابتها في الماء أو انصهارها
المحاليل الكهربائية (كهارل) أو الشوارد الكهربائية هي مركباتٌ تنقل الكهرباء عندما تذوب في الماء. وتعتبر معظم المركبات الشاردية من الكهارل، مع وجود بعض المركبات الشاردية التي لا تنحل بالماء. وتبعًا لذلك فهي لا تشترك بهذه الخاصية.
عند وضع المركبات الشاردية في الماء فإنها تجعل الماء ناقلًا للكهرباء، فالماء المقطر عادةً لا ينقل الكهرباء. عند إذابة الملح في الماء فإنه يتحلل إلى مكوناته من الكاتيونات والأنيونات ووجود هذه الأيونات هو الذي يسمح بنقل الكهرباء. وهنا يشار إليه باسم محاليل الكهرباء.