طاقة الرياح

نادر حوري
نادر حوري

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

هل سبق وتساءلت يومًا عن مهمّة طاحونة الهواء القديمة التي نراها باستمرارٍ بجانب البيوت الريفية في المسلسلات والأفلام؟ أو تلك الحديثة هائلة الحجم منها والتي تمتلئ بها السهول والوديان وحتى ضفاف البحار؟ مالذي يدفع عنفات تلك المراوح العملاقة على وزنها الهائل لتدور مولّدةً لنا الطاقة الكهربائية؟ حسنًا إنها وببساطة طاقة الرياح.

فما هي طاقة الرياح؟ وكيف أمكننا توظيف هذه الطاقة النظيفة لتوليد الكهرباء؟ وهل لتوظيف طاقة الرياح وتسخيرنا لها أيّة سلبياتٍ أو تداعياتٍ على سير النظام الطبيعي لها؟ كل هذه التساؤلات سنجيب عنها في مقالنا هذا متطرّقين إلى تفاصيل طاقة الرياح وكيفية عملها.


تعريف طاقة الرياح

طاقة الرياح (بالإنكليزية Wind energy) هي الطاقة المتولّدة عن حركة الهواء المستمرّة والتي تنتج عن تدفّق الهواء من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض، وبشكلٍ أوضح فإن الشمس تقوم بتسخين مناطق كوكبنا بمقادير متفاوتةٍ، بمعنى أن مناطق سوف تكون أكثر حرارةً من الأخرى. ومن المعلوم أن الهواء عند ارتفاع درجة حرارته يرتفع للأعلى مما يترك فراغًا أسفله تتحرّك إليه موجات الهواء البارد من المناطق المجاورة مُحدثةً حركة الريّاح، وطالما أن الطاقة الشمسية موجودةٌ، فإن طاقة الرياح ستتجدد باستمرارٍ وفق الآلية التي ذكرناها سابقًا.


توظيف طاقة الرياح

البحّارة القدماء كانوا يسخّرون طاقة الرياح في ترحالاتهم عبر البحار قاطعين مسافاتٍ هائلة فقط عبر أشرعة السفينة التي تقوم بامتصاص طاقة الرياح وتحويلها إلى طاقة دفعٍ حركيةٍ تدفع سفينتهم قُدمًا موفّرةً الكثير من العنّاء عليهم. في حين أن الفلاحين قديمًا وحتى في وقتنا الحاضر اعتمدوا على الطواحين الهوائية (Windmills) لتوظيف طاقة الرياح في طحن الحبوب واستخراج المياه الجوفية لريّ أراضيهم.

أما في يومنا الحاضر فهناك مئات المزارع الهوائية التي تضم آلاف العنفات الهوائية الضخمة (Wind Turbines) والتي تمتص طاقة الرياح وتحوّلها إلى طاقةٍ كهربائيةٍ تُساهم في تزويد عشرات الآلاف من المنازل بما تحتاجه من الكهرباء.


كيفية توليد الكهرباء من الرياح

توليد الكهرباء من الرياح

في الواقع إن عمليّة تحويل طاقة الرياح إلى طاقةٍ كهربائيةٍ بسيطةٍ وتعتمد في أساسها على تحويل الطاقة الحركية التي يولّدها دفع الهواء للعنفات إلى طاقةٍ كهربائيّةٍ عبر محولّات توجد ضمن هيكلية العنفة الهوائية.

فعند مرور التيار الهوائي عبر شفرات العنفة فإن التصميم الفريد لها يجعل مرور الهواء من إحدى جانبي الشفرة أكبر من الأخرى، الأمر الذي يُساهم في تدوير هذه الشفرات، مولّدةً طاقة حركيّة، تنتقل عبر محورٍ متّصلٍ بالشفرات إلى مسننٍ كبيرٍ، يدور وسطيًّا بسرعة 18 دورةً في الدقيقة، وهي سرعة غير كافيةٍ لتوليد الكهرباء، لذا يتم وضع مسننات أصغر مرتبطة مع المسنن الكبير بحيث تتضاعف سرعة الدوران في هذه المسننات الصغيرة حتى تصل إلى ما يُقارب 1800 دورةً في الدقيقة، تنقل بدورها طاقة الدوران هذه إلى المولّد الذي بدوره يولّد الكهرباء.

كما تشتمل عادةً العنفات الهوائية على مقياس سرعة رياح وكوابح، مهمّتهما هي كبح دوران الشفرات عند وصول سرعة الرياح لأكثر من 55 ميل في الساعة تجنّبًا لحدوث أي عطبٍ في الهيكل الداخلي للعنفة.


مواصفات العنفات
الهوائية وإنتاجيّتها

هناك مواصفاتٌ محدّدةٌ للعنفات الهوائية، فلا يمكن تصنيعها بأي طولٍ أو بأي قطرٍ للشفرات ولا حتى وضعها في أي مكانٍ. فالمزارع الهوائية (بالإنكليزية Wind Farm) والتي يتم إرساء مئات العنفات الهوائية فيها يجب أن تُوضع في مناطق لا تقل سرعة الرياح الوسطيّة سنويًّا فيها عن 14 ميلساعة حتى تكون فعاليّة العنفات كافيةً.

هنالك نوعان من العنفات الهوائية، الأولى يكون فيها ارتفاع عمود العنفة 240 متر (787 قدم) وقطر شفراتها 162 متر (531 قدم) مع إنتاجيّة قدرها 4.8-9.5 ميغا واط في الساعة، ولأن سرعة الرياح تزداد مع الارتفاع عن سطح الأرض، فإن النوع الآخر من العنفات (الصغيرة) تولّد مقدارًا أقل 1.8 ميغا واطساعة، ويبلغ ارتفاع عمود العنفة فيها 80 متر وقطر شفراتها 40 متر (130قدم).

كما ذكرنا سابقًا فإن العنفات الهوائية الضخمة تولّد ما يُقارب 10 ميغا واط في الساعة، وهذا مقدار كاف لتزويد ما يُقارب 600-1000 بيت، بمعدّل استهلاك وسطي، بالطاقة الكهربائية اللازمة. ويبلغ إنتاج أكبر مزراع العالم عام 2018 في الصين 6000 ميغاواط  في الساعة، وتحتوي على أكثر من 7000 عنفة هوائية.

بالرغم من أن طاقة الرياح تُعتبر من مصادر الطاقة المتجدّدة النظيفة إلا أن توظيفها لا يخلو من بعض السلبيات وفيما يلي سنذكر الفوائد الجمّة لتسخيرها ونُتبعها ببعض العوائق والسلبيات التي تترافق مع توظيف هذه الطاقة المتجدّدة.


إيجابيات طاقة
الرياح

  • طاقة الرياح كما ذكرنا من مصادر الطاقة النظيفة والتي لا تسبب أي تلوّثٍ للبيئة على الإطلاق.
  • مُتجدّدة بمعنى أنّها لا تتعرض للنقصان مع استخدامنا لها، على عكس الطاقة المستمدّة من الوقود الأحفوري والتي تتناقص باستمرار.
  • يمكن وضع المزارع في المناطق النائية والتي سيكون من الصعب تزويدها بالكهرباء بسبب المسافات الكبيرة والكلفة الباهظة لنقل الكهرباء إليها.
  • تتوفر طاقة الرياح في جميع الأوقات صباحًا ومساءً، على العكس الطاقة الشمسية التي تكون مُتاحةً فقط في الصباح.

سلبيات طاقة
الرياح

  • العنفات الهوائية تعتبر مصدرًا للتلوّث الصوتي، بمعنى أنها تنتج أصوتًا قد تسبب الإزعاج للقاطنين في الجوار.
  • لا تولّد العنفات الطاقة بشكلٍ مستمرٍ خلال اليوم، بسبب تفاوت سرعات الرياح.
  • المزراع الهوائية تتطلب مساحاتٍ شاسعةً، بالتالي سيكون من الصعب بناؤها بالقرب من المناطق السكنية.

بالرغم من السلبيات البسيطة التي ترافق استخدام طاقة الرياح، إلّا أنّها لا
تزال تُعتبر من أفضل مصادر الطاقة المتجدّدة النظيفة والتي تُساهم في تزويد آلاف
المنازل يوميًّا بالطاقة الكهربائية اللازمة.

هل أعجبك المقال؟