ما هي عدسة الجاذبية
هل سمعت من قبل عن مصطلح عدسة؟ بنسبة كبيرة سيكون عندك على الأقل قليل من المعرفة بالعدسة الضوئية، التي تسبب حدوث انكسار في الضوء المار خلالها. لكن تخيل الأمر على نطاقٍ واسعٍ جدًّا، وهو نطاقٌ على مستوى الكون، عندما يحدث انحناء للضوء الذي يكون صور للنجوم والمجرات بسبب تأثير ما يُعرف بعدسة الجاذبية، لكن ما هي عدسة الجاذبية يا ترى؟ هل لها أهمية؟ وما أنواعها؟
تعريف عدسة الجاذبية
هي عبارةٌ عن تأثيرٍ يتسبب في تغيير اتجاه مسار الضوء، بسبب انحناء الفضاء في مجال الجاذبية الخاص به، مما يتسبب في تغيير اتجاه حركة الضوء، وهو تأثيرٌ مشابهٌ لذلك الذي تحدثه العدسة، لذلك سُمّي بعدسة الجاذبية.
النسبيّة العامّة وعدسة الجاذبية
كان تأثير العدسة ذاك واحدًا ممّا تنبأت النظرية النسبية العامة، وقد ظهر هذا التأثير بوضوحٍ لأول مرة في عام 1919م، عندما حدثت ظاهرة الكسوف الكلي للشمس، والذي حدث فيه أن تغيرت مواقع النجوم قليلًا، وذلك يرجع لتغير اتجاه مرور الضوء بفعل جاذبية الشمس، عند مرور هذه النجوم بجوارها، لكن في هذه الحالات تظهر الصور مشوهةً تمامًا لنا وغير منطقيةٍ، وهذا ما أوضحه ألبرت آينشتاين في ثلاثينيات القرن الماضي، عندما تنبأ بأنّ شكل المجرات خارج نطاق الجاذبية يمكن أن يكون متأثرًا بعدسة الجاذبية، وذلك بسبب تغير اتجاه مرور الضوء وتعدد مساراته، فتظهر الصورة النهائية لنا على الأرض مشوهةً.
اكتشاف أول عدسة للجاذبية
اكتشفت أول عدسة للجاذبية في عام 1979 م، عندما رُصد اثنان من أشباه النجوم في مواقع قريبة من بعضها، بأطياف متماثلة، واتضح فيما بعد أن ذلك يرجع لتأثير عدسة الجاذبية التي تسببت في تقسيم مسار الضوء إلى مسارين متماثلين، فكانت الصورة الناتجة لنجمين متماثلين يمثلان نجمًا واحدًا فعليًّا..
أهمية عدسة الجاذبية
- يستخدم علماء الفلك ظاهرة عدسة الجاذبية في الاستدلال على النجوم والكواكب الأخرى، حيث يعمل النجم الأمامي كعدسةٍ للنجم الخلفي، فعندما يسطع النجم الأمامي، يمكن تحديد ما إذا كان هناك كواكب خلفه أو أي جرمٍ سماويٍّ أم لا. .
- تُساعد عدسة الجاذبية علماء الفلك على فهم نمط توزيع المادة المظلمة في الكون.
- تُساعد عدسات الجاذبية القوية على تحديد المجرات البعيدة والتي كانت موجودةً في الماضي، وهذا يسهم في دراسة ومعرفة المزيد عن تطور الكون عبر ملايين السنين. .
كيف تحدث ظاهرة عدسة الجاذبية
تحدث هذه الظاهرة عند وجود تجمّع مركّز للمادّة في مركزٍ ما، مثل مركز كثيف لمجرّة ما، فتكوّن مجال جاذبية يشوه ويكبر الضوء القادم من المجرات البعيدة خلف مجال الجاذبية، الذي يتسبب في تغيير مسار الضوء أو انحنائه فيحدث التشوه..
أنواع عدسة الجاذبية
هناك ثلاثة أنواعٍ رئيسية لعدسة الجاذبية، وتنقسم بحسب قوتها عن طريق النمط الذي يحدد تركيز أشعة المصدر إلى:
- عدسة الجاذبية القوية: وتحدث عندما ينحرف الضوء القادم من مجرّةٍ بعيدةٍ ما إلى مساراتٍ عدّة بتأثر تدخّل مجرّة أخرى أو عنقود من المجرات، فنرى صورًا عدّةً لمصدر الضوء ذاك. هذا النوع من عدسة الجاذبية نادرٌ جدًّا، لكنه يساعدنا على فهم العديد من الجوانب التي يهتم البشر باكتشافها في ذلك الكون الشاسع. ويصقل معرفتنا أكثر بالمجرات والمادة المظلمة للكون، والتي هي حديث العلماء اليوم. .
- عدسة الجاذبية الضعيفة: يمكن وصفها بتقنيّة تستخدم صور المجرات البعيدة المشوهة في تتبع المادة المظلمة. .
- عدسة الجاذبية الصغيرة: تمثّل الطريقة الوحيدة المعروفة حتى الآن في إيجاد الكواكب البعيدة عن الأرض بمسافةٍ كبيرةٍ جدًا، كما يمكنها العثور على الكواكب الخارجية، وتتفوق على أي تقنيةٍ أخرى في قدرتها على العثور على كواكبَ بعيدةٍ عنا آلاف السنين الضوئية، كما أنها لديها القدرة على العثور على الكواكب التي تمتلك كتلةً صغيرةً، وتستطيع أيضًا العثور على كواكبَ لديها من الخصائص ما يحاكي خصائص الأرض. .
ساعدت عدسة الجاذبية في الكثير من الاكتشافات الهامة، وكشفت الستار عن العديد من أسرار الكون الشاسع، ومازالت محط اهتمام العلماء والباحثين في الوسط العلمي حتى يومنا هذا.