من هو عمر الخيام

زاهر بلبيسي
زاهر بلبيسي

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

إذا أردت معرفة شخصيةٌ تاريخيةٌ وصلت إلى آفاق المجتمعات الغربية والعربية على حدٍ سواءٍ، فربما لن تجد أفضل من العالم والشاعر عمر الخيام .

سنتعرف في هذا المقال على تاريخ هذا الفيلسوف والعالم، ونسلط الضوء على حملة تشويه لسمعته وتاريخه والقصائد المزيفة التي نسبت لاسمه.

نبدأ أولًا مع سؤال هام وبسيط: من هو؟


عمر الخيام

عمر الخيام عالم وشاعر وفيلسوف واسمه الحقيقي والكامل هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن ابراهيم الخيّام النیسابوری، لكنه اشتهر بعمر الخيام على مر التاريخ.

وكان عمر عالمًا وشاعرًا فارسيًّا واشتهر بأشعار "رباعيات الخيام" ويعتقد أن اسم الخيّام يعود إلى والده إبراهيم الملقب بـ" الخيّام" والذي كان يعمل في صنع الخيام ولهذا نسب له هذا اللقب.

يقال أن لعمر أصدقاءٍ حميمين تعرف عليهم أثناء دراساته، وهما الوزير نظام الملك وحسن الصباح مؤسس جماعة الحشاشين، كما ويقال أن ثلاثتهم تعاهدوا على مساعدتهم بعضهم إذا حاز واحدٌ منهم على قدرٍ عاليٍّ من المال والسلطة.


حياة عمر الخيام

ولد عمر في مدينة نيسابور من مقاطعة خراسان في دولة إيران، وليس هنالك سجل ثابت عن السنة التي ولد فيها، وإنما يعتقد أنه ولد في الفترة الواقعة بين 1038 و 1048، وكلذلك الأمر بالنسبة إلى أصوله وأجداده، فهنالك من يدعي أنه يعود إلى أصول عربية.

كانت لعمر اهتماماتٌ عديدةٌ في الفقه والشعر والتاريخ والرياضيات وغيرها الكثير، ولكن شهرته العلمية الكبيرة تعود إلى إنجازاته في علم الرياضيات، مثل اختراعه طريقةً لحساب المثلثات وحل معادلاتٍ جبريةٍ من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط، وقام بحل العديد من المعادلات الرياضية من الدرجة الثانية بطرقٍ هندسيةٍ وجبريةٍ.

كما وعمل عمر الخيّام على تحديد التقويم السنوي خلال فترة حكم السلطان ملكشاه والذي أصبح من التقويمات الإيرانية التي لا تزال تستخدم إلى يومنا هذا.

توفي عمر في نفس المدينة التي وُلد فيها خلال بين العامين 1123 و 1124، حيث يُعتقد أنه توفي عند عمر يناهز 83 سنة، وقد ولد على الإسلام ومات عليه، أما والده فقد كان زرادشتيًا اعتنق الإسلام.


رباعيات الخيام

رباعيات الخيام أو رباعيات عمر الخيام هي مجموعةٌ شعريةٌ كبيرةٌ تمزج أنواعًا من الشعر الفارسي، وهي من أكثر المجموعات الشعرية جدلًا لأن الكشف عنها يعود إلى الشاعر الإنكليزي إدوارد فيتزجيرالد وليس إلى عمر الخيام.

وكان هنالك اعتقادٌ سائدٌ بأن الرباعيات تعود بكاملها إلى عمر الخيام، لكن أثبتت أبحاث العلماء والمؤرخين إلى أن هذه الرباعيات مترجمة وتمت نسبها إلى عمر الخيام بصورةٍ غير صحيحةٍ، وعلى الأغلب بعض منها فقط يعود إلى قلم عمر الخيام إن لم يكن.

وقد توصلت الدراسات الأخيرة إلى وجود مائتي رباعيةٍ فقط من الممكن أن تكون من كتابة عمر الخيام، أما كافة الرباعيات الأخرى فلا دخل له فيها، وكان الدليل على ذلك واضحًا في وجود تناقضٍ كبيرٍ بالكثير من الأبيات الشعرية والمكانة الأخلاقية العالية لهذا العالم.


تشويه سمعة عمر الخيام

شعبية عمر الخيام التي تجاوزت الشرق الأوسط ووصلت إلى التاريخ الغربي أدت إلى انتشار الكثير من المعلومات الخاطئة والمزيفة عن حياته الخاصة وعن ديانته.

قال بعض الناس أنه ملحدٌ وآخرون من وصفه بالمسلم المتفلت أو المتهاون، وفي كثيرٍ من الصور الغربية كان يتم إرفاق اسمه مع حفلات الخمر وأنه كان محبٌ شديدٌ لشرب الخمر، وحتى أن اسمه ظهر في مستنقعات الملاهي الليلية وغيرها.

لكن في الحقيقة عمر الخيام كان مسلمًا ذو أخلاقٍ حميدةٍ بشهادة الكثيرين (يُعتقد أن نظام الملك كان واحدًا منهم لكن لا يوجد دليلٌ تاريخيٌّ على ذلك)، ولم يكن يطمع برتبةٍ أو منصبٍ عالٍ بل اشتهر بدراساتٍ علميةٍ واسعةٍ، وكان لأصحابه كلمات مماثلة في مدح أخلاقه وعلمه، ومن أمثالهم الإمام أبو حامد الغزالي وغيره.

كما وأن شعره لم يكن بالصورة التي فسرها المجتمع الغربي في بعض الأحيان، وإنما التفسير الحقيقي لشعره كان دائمًا يرتبط بكلامٍ عن الإيمان والزهد وأيضًا الفقر والهموم وعدم الوفاء، ومن أمثال أبيات شعره:

تَدِينُ لِيَ الدنيا بلِ السـبعةُ العُلى بلِ الأفقُ الأعلى إذا جاش ناظري

أصومُ عن الفحشاء جهـرًا وخِفيةً عفافـًا.. وإفطاريَ تقديسُ فاطري

هل أعجبك المقال؟