من هي الشعوب الهندو- أوروبية
الشعوب الهندو- أوروبية مصطلحٌ يطلق على الشعوب التي تتكلم لغةَ هندو- أوروبية وهم أحفادٌ (لغويون) لشعوب حضارة اليمنايا في أوكرانيا وجنوب روسيا واستقروا في المنطقة الممتدة بين غربي أوروبا والهند عبر هجراتٍ متعددةٍ في الألفيات الأولى والثانية والثالثة قبل الميلاد.
أصل الشعوب الهندو- أوروبية
توجد نظريتان تتحدثان عن أصل هؤلاء الشعوب، حيث تقوم النظرية الأولى على أن الهندو- أوروبيين الأوائل دخلوا شرق جنوبي أوروبا من السهوب البنطية بدءً من عام 4500 قبل الميلاد وانتشروا من هناك، بينما توازن النظرية الأخرى بين الشعوب الهندو- أوروبية والفلاحين الأوائل الذين دخلوا شرق جنوب أوروبا قادمين من آسيا الصغرى سنة 7000 قبل الميلاد وانتشروا في القارة، لكن بعد القيام بالعديد من الأبحاث المرتبطة بمصفوفات التباعد الوراثي لم تتمكن أي من النظريتين من شرح أصل الشعوب الهندو-أوروبية اعتمادًا على مقياس العلاقة بين اللغة وعلم الجينات.
الموطن الأصلي للهندو-أوروبيين
أول ما احتاج الباحثون معرفته هو طبيعة الموطن الأصلي لهذه الشعوب الهندو- أوروبية فبدأوا بدراسة المفردات المشتركة للغات الهندو-أوروبية، فقد امتلكت هذه اللغات نفس أسماء الأشجار والحيوانات مما أعطى الباحثين معلوماتٍ عن البيئة النباتية والحيوانية للموطن الأصلي، فبالرغم من وجود الكثير من أسماء الحيوانات والنباتات واسعة الانتشار في الأرض كالدببة والنسور والتفاح والبلوط؛ إلا أن وجود بعض الأنواع المعينة كثعالب الماء والقنادس أشار إلى غاباتٍ وأراضٍ رطبةٍ واسعةٍ مما استبعد أجزاءً كبيرةً من يوراسيا (المنطقة الأوروبية الآسيوية)، كما أن بعض الكلمات مثل "ملك" و"عربة" و"محراث" كانت ذات أهميةٍ حيث ساعدت علماء الآثار في إيجاد مقابر لنخبة القوم وعرباتٍ وأدواتٍ زراعيةٍ.
بدأ سعي الباحثين في إيجاد الموطن الأصلي بعدة محاولاتٍ خاطئةٍ، إلا أن التجميع المتواصل للمعلومات من جهةٍ وتنامي فهم تطور اللغات من جهةٍ أخرى ساعد في إثبات خطأ بعض النظريات، فقد اكتشف علماء اللغة مثلًا أن اللغات لا تتطور بسرعةٍ كبيرةٍ أو ببطءٍ شديدٍ مما ساعد على إقصاء النظريات التي افترضت مسبقًا تحولًا بطيئًا في اللغة أو سريعًا غير اعتياديٍّ. أما الفرضية التي اكتسبت الثقة فقد ظهرت في أواخر القرن العشرين وهي فرضية كورجان والتي تقوم على أن أول متحدثي اللغات الهندو-أوروبية كانوا ينتمون إلى حضارة اليمنايا وقد كانوا مزارعين ورعاةً دفنوا قادتهم في القبور وروّضوا الأحصنة التي ساعدتهم على التنقل لمسافاتٍ بعيدةٍ.
لغات الشعوب الهندو- أوروبية
توجد عائلةٌ لغويةٌ واسعةٌ يتحدث بها معظم شعوب أوروبا ومناطق الاستقرار الأوروبي ومعظم جنوب وجنوب غرب آسيا، أما مصطلح الهنديين-الحيثيين فيُستخدم من قبل الباحثين الذين يعتقدون أن الحيثية واللغات الأناضولية الأخرى ليست فقط فرعًا من اللغات الهندو-أوروبية بل كانت على صلةٍ مع باقي هذه اللغات مجتمعةً، وهكذا فإن اللغة الهندو-حيثية مصطلحٌ يطلق على عائلةٍ لغويةٍ مكونةٍ من اللغات الهندو-أوروبية والأناضولية، إلا أنه لم يتم إثبات أو نفي وجهة النظر هذه لذا يبقى مصطلح الهندو-أوروبيين أكثر ملاءمةً.
هناك عشر لغاتٍ رئيسيةٍ في هذه العائلة اللغوية وسنذكرها بالترتيب تبعًا لعمر نصوصها الكبيرة، وهي:
اكتشاف العائلة اللغوية التي تخص الشعوب الهندو-أوروبية
يُعتبر اكتشاف هذه اللغات من أعظم اكتشافات العلم الحديث والتي بدأت مع علم اللغويات في أواخر القرن السابع عشر مع القاضي البريطاني ويليام جونز الذي عاش في الهند، وكان أول من اقترح إمكانية وجود الحضارة الهندو- أوروبية عام 1786م. وتقوم نظريته على أن لغاتٍ مختلفةً من كل يوراسيا تُظهر تشابهًا أساسيًا كافيًا ليثبت أنها كلها انحدرت من لغةِ أمٍّ واحدةٍ منذ زمنٍ بعيدٍ جدًا، وعندما بدأ خلفاء جونز بحثهم من هذه النقطة بدأت الأدلة القاطعة بالظهور، فتمكنوا من تبيان المفردات والقواعد المتشابهة بين اللغات الأجنبية وخاصةً اللغات الأقدم كاللاتينية واليونانية والسنسكريتية، وهي اللغة التي كُتبت بها النصوص الهندية القديمة (The Vedas)، وقد أظهر التحليل الدقيق لهذه النصوص تشابهًا قويًا بين السنسكريتية واللغتين اليونانية واللاتينية.