آلهة الفينيقيين
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
كانت آلهة الفينيقيين عديدةً، والفينيقيون هم أبناء حضارةٍ قديمةٍ عابرةٍ للبحر تاجرت في جميع أنحاء العالم المتوسطي، وتعد صاحبة الأبجدية الأولى المكتوبة، وهي الشكل الأولي للأبجدية الخاصة بنا.
نشأت هذه الحضارة في حوالي عام 1200 ق.م في الشرق الأوسط على ساحل البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من فلسطين ولبنان اليوم، وكان أبناؤها من نسل الشعب الكنعاني، وتحدثوا لهجةً كنعانيّةً تسمى الفينيقية.
عندما نستخدم مصطلح "الفينيقيون"، فإننا نستخدم تسمية وضعها الإغريق القدماء لوصف المدن التي لها موانئٌ على البحر والتي يسيطر عليها الناطقون بالفينيقية، ربما لم يكن الفينيقيون قد أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم لأنه لم يكن هناك مملكةٌ فينيقيةٌ كبيرةٌ أو امبراطوريةٌ توحدهم جميعًا.
عاش الفينيقيون في دول- مدن، أيّ مدنٍ مستقلةٍ تابعةٍ لمدن كبرى، مثل معظم الحضارات التي عاشت في دول المدن، كانت هويتها في المدينة، وليس في امبراطوريةٍ أو مملكةٍ، وتشترك دول المدن الفينيقية في لغةٍ وثقافةٍ وغالبًا ما تعمل معًا، لكن في الغالب كانت مجموعاتٌ مستقلةٌ.
آلهة الفينيقيين الرئيسية
على الرغم من أن المصادر التاريخية واجهت بعض الصعوبات في التفسير، إلا أن المعتقدات الفينيقية كانت ثابتةً بشكلٍ ملحوظٍ، ويرجع ذلك بشكلٍ شبه مؤكدٍ إلى جغرافية المنطقة، فقد استوطن الفينيقيون على ساحل بلاد الشام الضيق والمحدود بالجبال، مما خلق حدودًا مع الآراميين والعبرانيين، وهذا لا يعني أنهم كانوا موحدين في جميع أنحاء المنطقة تلك، حيث كانت فينيقيا القديمة عبارةً عن مجموعةٍ من دول- المدن وليست دولةً واحدةً متجانسةً، وكان لكل مدينةٍ إلهها الرئيسي.
آلهة الفينيقيين في جبيل
بشكلٍ خاص في جبيل عبدوا إيل وبعلات وأدونيس، كان إيل من أصلٍ ساميٍّ، وبالرغم من أهميته إلا أنه لم يكن نشطًا بشكلٍ خاص في الحياة اليومية للفينيقيين مما دفع الإغريق إلى مساواته مع كرونوس.
كانت بعل إله أنثى مرتبطةً بالأرض والخصوبة، وغالبًا ما يشار إليها باسم بعلات جبل أو "سيدة بيبلوس، إلهة مدينة بيبلوس" وكثيراً ما تم ذكرها في النقوش فقد كان يتم جلب الملوك إليها حتى تكون فترة حكمهم ناجحةً، كما تم تخصيص المذابح والآثار التي شيدت من المعادن النفيسة لها، وكانت مُكافئاتها في ثقافات الشرق الأدنى الأخرى، عشتار وإينن وإيزيس.
أدونيس مألوف من الأساطير اليونانية، ومثّل للفينيقيين الدورة السنوية للطبيعة. كما شارك بعض الخصائص من آلهة الحضارات المجاورة، ولا سيما أوزوريس في مصر وتموز بابل وآشور.
آلهة الفينيقيين في صيدا
كان الإله الأكثر أهميةً في صيدا هو بعل، وربما كان مُكافئًا في وظيفته لـ إيل في جبيل، وكان موجودًا في قمة الجبل ولكن ليس للعبادة، فلم يكن لدى المدينة على الأقل معبد واحد مخصص له.
كانت عشتروت أكثر وضوحًا (في النقوش السامية عشتار وفي التوراة عشتوريت) وكان لها العديد من المعابد المخصصة وكانت تعادل بعلاتٍ في جبيل، كما كان يشار إلى ملوك صيدا باسم كهنة عشتروت، وغالبًا ما تظهر في النقوش الفينيقية الباقية، وكانت تصوَّر في الفن مع هلال على رأسها، في إشارةٍ إلى ارتباطها الوثيق بالقمر.
الإله الثالث المهم في صيدا كان إشمون، الذي لم يظهر قبل القرن السابع ق.م وكان يعادل أدونيس، كما تم بناء المعابد باسمه وارتبط بالشفاء، وبالتالي عرفه الإغريق باسم أسكلبيوس.
آلهة الفينيقيين في صور
كان الإله الأعلى في صور هو ملكارت (الذي تم كتابته أيضًا ميلكارث)، أي ما يعادل بعل في صيدا، بالإضافة إلى ذلك، وكان لميلكارت بعض خصائص كلٍ من أدونيس وإشمون، حيث كان محور مهرجان القيامة كل عام (فبراير - مارس)، وكان يمثل الملكية والبحر والصيد والاستعمار. علاوةً على ذلك، كان مسؤولًا عن النجاح التجاري للمدن باعتباره مكتشفًا لصبغة الفينيقيين المستخرجة من المحار الموركس، والتي استخدموها في صنع قماشهم الأرجواني الشهير.
تم تخصيص معبد لمدة طويلة لميلكارت في المدينة وزاره هيرودوت الشهير، الذي وصف أعمدة دخوله من الذهب والزمرد، كما زاره الإسكندر الكبير، الذي قدم ذبيحة على مذبحه. تم تصوير الإله على عملاتٍ معدنيةٍ من صورٍ كإلهٍ بحريٍّ يركب قرن آمون، وصُدِّرت عبادة ميلكارت إلى العديد من المستعمرات الفينيقية حول البحر الأبيض المتوسط، وكان يُعبد بشكلٍ خاص في قرطاج التي أرسلت تكريمًا سنويًا إلى معبد ميلكارت في صور على مدى القرون القليلة القادمة، وقد قارنه الإغريق مع هرقل.
الآلهة الأخرى المهمة في صور كانت عشتروت، وكان لها أيضًا معبدها الخاص، الذي بناه الملك حيرام في القرن العاشر قبل الميلاد.
آلهة فينيقية أخرى
إلى جانب تلك الآلهة التي سبق ذكرها كان الفينيقيون يعبدون أيضًا رشيف، إله النار والبرق؛ وداجون، إله القمح، الذي يُنسب إليه اختراع المحراث؛ وشادربا، الذي ارتبط بالثعابين والشفاء. وكان يُعتقد أن الإله تشوصور اخترع الحديد والأشغال المعدنية، وكانت العديد من الآلهة تجسيدًا للمُثُل العليا، مثل سيديك وميسور، اللذين مثلا العدالة والعدل، على التوالي.
حقائق حول الحضارة الفينيقية
- الفينيقيون هم سكان لبنان القدامى، ويُقال أن الفينيقيين هم أكثر الناس ذكاءً في العالم القديم.
- طوروا صبغة أرجوانية كانت مكسبًأ كبيرًا للملوك في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط الذين كانوا بحاجةٍ إلى لونٍ للباسهم.
- كانت قرطاج في شمال إفريقيا مستعمرة فينيقية، وحاربت روما من أجل التفوق في الشرق الأوسط.
- كان لديهم عدد قليل من الملوك الذين سُموا بالحيرام، وقد ساعد أحدهم في توفير أشجار الأرز لمعبد الملك سليمان في القدس.
- مدنهم الرئيسية كانت صيدا وصور، وكلاهما لا يزال قائمًا في لبنان اليوم.
- طوروا الأبجدية المبكرة التي أثرت على الإغريق.
- لم يكونوا قوة كبرى لكنهم أقاموا مستعمرات في إسبانيا وشمال إفريقيا وقبرص عززت وصولهم إلى مناطقٍ واسعةٍ.
معابد الفينيقيين
معبد بعلة جُبَلا
بيبلوس كان الاسم الفينيقي لجبيل، المعروف لاحقًا في الكتاب المقدس باسم جُبَل. في حوالي عام 2700 قبل الميلاد، بنى الفينيقيون معبد بعلة جبلا، وهو مزارٌ لآلهة المدينة. وبسبب الصادرات الفينيقية إلى مصر، بما في ذلك زيت الأرز للتحنيط، قدس الفراعنة آلهة بيبلوس، فقد حصل الفينيقيون على نذورٍ مصريةٍ، اكتشفها علماء الآثار داخل أنقاض المعبد. أما الأموريون "شعب عريق من سوريا المجاورة"، فلم يبدوا نفس الخضوع، لذا قاموا بغزو جبيل حوالي 2150 قبل الميلاد، وأضرموا النار في المدينة ودمروا معبد بعلة جبلا، وتم دفن الكثير من الهيكل الأصلي للمعبد تحت الرماد.
المعبد العظيم
يعود تاريخ أنقاض الهيكل الكبير إلى حوالي عام 2600 قبل الميلاد، يتألف المعبد العظيم من هيكلٍ على شكل حرف L مؤلفٍ من فناء ومبنيين يقعان في خطٍ عموديٍّ. وتم بناء المعبد الكبير مقابل معبد بعلة جبلا، ويُعتقد أنه تم تخصيصه لرشيف، إله الحرب في الأساطير الفينيقية، دُمِر أيضًا أثناء غزو الأموريين.
معبد المسلات
بعد الغزو الأموري، أعاد الفينيقيون بناء معابد بيبلوس من جديد، معبد المسلات هو أفضل مثالٍ معروفٍ لهذه الفترة، ويقع بالقرب من موقع المعبد العظيم. تم بناء معبد المسلات بين عامي 1900 و 1600 قبل الميلاد، بعض معالمه مستوحاة من التصميم المعماري المصري، إذ تحيط العديد من المسلات بأطلال المعبد، وربما تم تخصيص معبد المسلات لرشيف.