السهول في الوطن العربي
تشكل السهول في الوطن العربي ما مساحته 6% فقط من إجمالي المساحة التي تبلغ 13500000 كيلومترًا مربعًا وتمتاز بارتفاع كثافتها السكانية بشكلٍ عامٍ، فما هي سهول الوطن العربي وما انواعها؟
تعريف سهول الوطن العربي
لا تختلف سهول الوطن العربي عن غيرها من السهول العالمية من حيث التصنيف والمواصفات؛ فهي أرضٌ مُنبسطةٌ مسطحةٌ واسعة المساحة تمتاز بسهولة التّنقل والحركة وممارسة الأنشطة المختلفة فيها وبارتفاعها المُنخفض إذ لا تتجاوز ارتفاع 200 متر.
أنواع السهول في الوطن العربي
في واقع الأمر لا توجد الدراسات الكافية حول جغرافيّة وتضاريس الوطن العربي ولا سيما الدراسات الجيولوجية التي تُعيد أسباب تشكل التضاريس الحالية إلى العصور التاريخية القديمة لكوكب الأرض، فمن المحتمل أن أغلب الأراضي الصحراوية في الوطن العربي كانت سهولًا سحيقةً في فتراتٍ سابقةٍ مغطاةً بمياه المُحيطات والبحار في العصور القديمة. تُصنّف أغلب السهول الموجودة في الوطن العربي ضمن خانتين أساسيتين هما:
السهول الساحلية
التي تقع على شواطئ البحار والمحيطات المُطلّة على الوطن العربي، وتتراوح بين الأراضي الخصبة مثل السهول الساحلية لسوريا وفلسطين وحتى السهول الساحلية الجرداء القاحلة التي تُشكل امتدادًا للصحارى العربية مثل السهول الساحلية الشرقية للمملكة العربية السعودية المُطلّة على البحر الأحمر، والتي تتميز بغناها بالثروات الباطنية وخصوصًا النفط والغاز الطبيعيين.
السهول التي تقع على ضفاف الأنهار
تقع على ضفاف الأنهار في العالم العربي سهولٌ وتُعرف عالميًا بالسهول الفيضية التي تنتج عن تتابع فيضانات الأنهار، وعادةً تكون ترب هذه السهول غنيةً بالمادة العضوية وتُعتبر أرضًا زراعيةً خصبةً ساهمت منذ القدم في استيطان الحضارات القديمة للسهول الفيضية مثل الفراعنة الذين استوطنوا السهول الفيضية في حوض نهر النيل، والحضارات الآشورية والبابلية والكلدانية التي استوطنت سهول بلاد ما بين النهرين في حوض نهري دجلة والفرات، بالإضافة لبعض السهول الفيضية على بعض أنهار المغرب العربي.
أهم السهول الساحلية في الوطن العربي
السهول الساحلية لشبه الجزيرة العربية
تمتد السهول الساحلية لشبه الجزيرة العربية على طول سواحل شبه الجزيرة على امتداد البحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي، وتفصل بين التضاريس المرتفعة الجبلية والهضاب المُرتفعة من جهةٍ وسواحل البحار من جهةٍ أخرى، وتختلف عرضها من منطقةٍ لأخرى فهي تتراوح بين خمسة أميالٍ إلى أربعين ميلًا بحسب المنطقة، ومن أهمها السهول الساحلية في اليمن حيث التّربة الخصبة التي ساهمت في تطور الزراعة بشكلٍ كبيرٍ في اليمن منذ الحضارات القديمة، إذ زُرعت الحبوب والفواكه والخضروات وقام السكان بجمع عصارة الأشجار العطرية لصنع اللبان والمرّ وغيرها من المواد المُستخدمة في صناعة العطور، وتطورت على أثر الزراعة حركةٌ تجاريةٌ ونشاطٌ تجاريٌ في تبادل البضائع المختلفة منذ القدم ما ساهم في تطور المنطقة في العصور القديمة.
السهول الساحلية لبلاد الشام
سهول سوريا الساحلية
تمتد شمالًا من السهول الساحلية لأنطاكيا في تركيا وحتى لبنان جنوبًا، وتقع على سواحل سوريا الشرقية للبحر الأبيض المتوسط ويحدها من الشرق سلسلة جبال اللاذقية التي تُشكّل امتدادًا لجبال لبنان الشرقية، يختلف عرضها بشكلٍ كبيرٍ بين منطقةٍ وأخرى، وتتميز بتربها الخصبة إذ تصلح لزراعة أعلب المحاصيل والخضروات والفواكه، كما تمتاز بمناخها الدافئ شتاء و يتراوح معدّل هطول الأمطار السنوي بين 650 – 800 مل بحسب الموقع.
سهول فلسطين الساحلية
تمتد على السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وتبدأ من رأس الناقورة شمالًا حيث تصل جبال الجليل إلى البحر، وتقسمها سلسلة تلال وجبال الكرمل إلى قسمين شمالي وجنوبي، تبلغ مساحتها 2900 كيلومترًا مربعًا وتُشكل 70% من السهول الفلسطينية و20% من سهول القسم الجنوبي من بلاد الشام (حوض الأردن)، وتعد مع سلاسل الجبال في المنطقة من الناحية الجيولوجية حديثة التشكّل، تمتاز كما مثيلتها السورية بخصوبة تربتها وتُزرع فيها الخضار والفواكه والمحاصيل المختلفة لكنها تتعرض في القسم الجنوبي منها لمتوسط هطولٍ سنويٍ أقل من السهول السورية الساحلية بواقع يبلغ 500-600 مل.
أهم سهول الأنهار في الوطن العربي
السهول الفيضية في حوض نهر النيل
هي السهول التي تحيط بمجرى نهر النيل على امتداده وتتّسع في المناطق الشمالية منها في حين تكون ضيقةً في المناطق الوسطى جنوبي مصر وتعود للاتساع في السودان لتشمل أيضا السهول الفيضية على أطراف روافد نهر النيل كالنيل الأزرق والنيل الأبيض، كما تشمل السهول التي توجد في منطقة دلتا النيل بالقرب من مصبّ النيل في البحر الأبيض المتوسط.
منذ آلاف السنين اُعتبر فيضان نهر النيل الذي يحصل عادةً في الخريف من أعظم الهبات التي تُقدّمها الطبيعة للبشر في تلك المنطقة، فقد كان الفيضان نتيجةً للأمطار الغزيرة في فصل الخريف ما يسبب زيادة تدفق المياه في مجرى النهر وغزارة التدفق، وعندما لم يستطع مجرى النهر تحمل كميات المياه المتدفقة كانت المياه تعلو لتغمر الأراضي المنبسطة على جانبي ضفة النهر على امتداد النهر وكانت مساحة الأراضي المغمورة تتسع كثيرًا في المنطقة القريبة من مصبّ النهر وه دلتا النيل وهو ما سبب اتساع السهول الفيضية بشكلٍ كبير في منطقة الدلتا.
عندما تنحسر المياه كانت تُرسب ما فيها من رواسب ومواد عضويةً فوق الاراضي التي غمرتها تاركةً طبقةً من التُرب اللحقيّة الغنية بالمواد العضوية ذات اللون الغامق والتي تعتبر من أفضل الترب للزراعة.
السهول الفيضية لنهري دجلة والفرات
نظرًا لالتقاء نهري دجلة والفرات في شطّ العرب ولكون النهرين يحملان الكثير من الطمي إثر الفيضانات، يحدث ترسيبٌ للرواسب على ضفاف كلٍ من النهرين وخصوصًا في منطقة شطّ العرب، ما سبب تشكّل مساحاتٍ شاسعةٍ من السهول الفيضية في بلاد ما بين النهرين. تشير الدراسات إلى ترسيب طبقةٍ تبلغ سماكتها 20 سم خلال قرنٍ واحدٍ في منطقة شط العرب نتيجة الفيضانات المتتالية. تمتد السهول الفيضية لنهري دجلة والفرات على امتداد ما يقارب 600 كم ويصل عرضها في بعض المناطق إلى 250 كيلو مترًا.