العلاقات الدولية قبل الحرب العالمية الثانية

وائل سليمان
وائل سليمان

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

بعد إخماد نار الحرب العالمية الأولى التي سبّبت خسائرَ هائلةً لكافة الدول المشاركة خاصةً أوروبا، اتّجهت كثيرٌ من الدول للاعتماد على التفاوض والطرق الدبلوماسية لحلّ النزاعات، لكن يبدو أن النظام العالمي آنذاك لم يكن مُستقرًا وجاهزًا لمثل هذه المرحلة، حيث ظهرت قوى مُتطرفة في عددٍ من الدول واستمرّت الحروب بين الفترة والأخرى في عددٍ من مناطق العالم مما جعل الأمور تتّجه نحو حربٍ جديدةٍ كان لا بدّ أن يخرج منها منتصرٌ يفرض سيطرته على العالم بأسره.


الحرب العالمية الثانية

هي حربٌ عالميةٌ شاركت فيها كافة الدول واستمرت من عام 1939 وحتى عام 1945 انقسمت خلالها الدول بين حلفين ضمَّ الأول دول المحور، وهي ألمانيا وإيطاليا واليابان والثاني دول الحلفاء وهي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد السوفييتي وفرنسا والصين، حيث كانت الحرب نتيجةً لاستمرار النزاعات التي أوجدتها الحرب العالمية الأولى بعد 20 عامًا من توقفها واعتُبرت من أكثر الحروب الدموية في تاريخ البشرية فقد راح ضحيتها ما يقارب 40- 50 مليون ضحية.


تأثير الحرب العالمية الأولى على القوى الكبرى

حلَّ الخراب والدمار في كامل القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى وضعفت بعض الدول الكبرى فيها لتظهر بدلًا منها قوى جديدةً هي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان إضافةً لانهيار الإمبراطورية العثمانية والنمسا والمجر والاتحاد السوفييتي، حيث أجمعت كافة الدول المنتصرة أن ألمانيا هي المسؤولة عن الحرب العالمية الأولى ونتائجها الكارثية ولذلك عُزلت وقُطعت معها كافة العلاقات وفُرض عليها دفع تعويضاتٍ ماليةٍ ضخمةٍ.


تأسيس عصبة الأمم

هي منظمةٌ دوليةٌ تأسست عام 1920 مقرها جنيف في سويسرا ضمت دول الحلفاء التي خرجت منتصرةً من الحرب العالمية الأولى؛ شكّل تأسيس عصبة الأمم نقطةً هامةً في تاريخ العلاقات الدولية حيث سادت رغبةٌ دوليةٌ بحل النزاعات بالطرق السلمية وبالمفاوضات بعد الدمار الهائل جراء الحرب العالمية الأولى، حيث أكّدت الدول الأعضاء فكرةً جديدةً تقوم على الأمن الجماعي فلا يحقُّ لأي دولةٍ شنَّ عدوانٍ على أي دولةٍ أخرى دون الرجوع للمنظمة وإن لم يحدث ذلك، يمكن للدول الأعضاء الوقوف في وجه العدوان.

واجهت عصبة الأمم تحدياتٍ ومشاكل كثيرةٍ؛ فإضافةً لعدم انضمام كلٍ من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي منذ البداية، لم تستطع الدول الأعضاء توفير التمويل المالي الذي يُساعدهم في الوقوف بوجه أي اعتداءٍ خارج الأطر القانونية التي حدّدتها العصبة.


الاتحاد السوفييتي قبل الحرب العالمية الثانية

بعد الثورة الروسية عام 1917 والإطاحة بالنظام الحاكم، اتخذت سياسات الاتحاد السوفييتي منحىً آخر في علاقاتها مع القوى العالمية ومراعاة توازنات القوى مبتعدةً عن إقامة علاقاتٍ تقليديةٍ مع أي بلدٍ كان؛ فانسحبت من الحرب العالمية الأولى ووقعت اتفاقية سلامٍ مع ألمانيا لينتهي الصراع بينهما، الأمر الذي أزعج الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة التي سارعت لإرسال قواتٍ إلى جانب فرنسا وبعض الدول الأخرى لمحاربة الشيوعية عند اندلاع الحرب الأهلية في روسيا.

تسبب ذلك بعلاقاتٍ سيئةٍ بين الاتحاد السوفييتي وبين الولايات المتحدة وبعض الدول الرأسمالية كونها ذات طبيعةٍ اشتراكيةٍ تتعارض مع الرأسمالية، في حين لم تُعارض وجود علاقاتٍ أفضل مع دولٍ أخرى.

مع بداية الثلاثينيات ووصول الفاشية إلى قيادة معظم الدول الأوروبية، حيث استلمت الفاشية السلطة في إيطاليا قبل ذلك في عام 1922 ووصل النازيون إلى مقاليد السلطة في ألمانيا عام 1933 الذين أعلنوا العداء ضد الاتحاد السوفييتي وحاربوا الشيوعية في ألمانيا وأعلنوا أن الشيوعيين بزعامة الاتحاد السوفييتي بعيدون عن الإنسانية ولن يكون بينهم سلام فالعالم لن يتسع لكليهما بل للمنتصر فقط. كان ذلك بمثابة تهديدٍ علنيٍّ من ألمانيا النازية للاتحاد السوفييتي الشيوعي الذي قرر إعادة العلاقات مع بقية دول العالم، لينضمّ عام 1943 إلى عصبة الأمم التي تشكّلت بعد الحرب العالمية الأولى.


معاهدة عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفييتي

وقّعت كلٌّ من ألمانيا والاتحاد السوفييتي معاهدة عدم الاعتداء في 23 أغسطس-1939 والتي تُدعى أيضًا معاهدة مولوتوف – ريبنتروب أو معاهدة هتلر- ستالين ، تمَّ الاتفاق خلالها على عدم اعتداء أي طرفٍ على الآخر وتقسيم أوروبا الشرقية بين النفوذين الألماني والسوفييتي.

جاءت هذه المعاهدة إثر فشل الاتحاد السوفييتي في التوصل إلى اتفاقٍ مع بريطانيا وفرنسا لمواجهة ألمانيا، لذلك غيّر ستالين من سياسة الاتحاد السوفييتي في التعاطي مع توسع ألمانيا النازية رغبةً في إحلال السلام معها ريثما يُعيد بناء المؤسسة العسكرية، بينما وافق هتلر على تلك المعاهدة ليتفرّغ لغزو بولندا دون معارضة أيٍّ من الدول الكبرى ثم ينتقل لمواجهة فرنسا وبريطانيا على حدى قبل أن ينقضَّ على الاتحاد السوفييتي في النهاية.

وقّع المعاهدة في موسكو وزير الخارجية السوفييتي مولوتوف ووزير خارجية ألمانيا ريبنتروب والتي نصّت على عدم مُهاجمة الدولتين بعضهما أو الاتفاق مع أي طرفٍ ثالثٍ ضد الدولة الأخرى، والتشاور في القضايا التي تصبُّ في مصلحة البلدين وحل الخلافات بينهما بالتفاوض.


التبدلات السياسية والعسكرية قبل الحرب العالمية الثانية

بدأت الإيديولوجيات المتطرفة بالنمو كالقومية والاشتراكية والفاشية وبرزت الأزمة الاقتصادية العالمية التي تركت أثرًا على السياسة الدولية وبدت المجتمعات الأوروبية أكثر تطرفًا، وشهد العالم أحداثًا عديدةً كالحرب الأهلية الإسبانية عام 1936 وغزو إيطاليا لإثيوبيا ونمو ألمانيا النازية وتعاظم قوتها، إضافةً لفشل نظام فرساي الناظم للعلاقات الدولية واعتداء اليابان على الصين وهزيمة تشيكوسلوفاكيا. كل هذا كان دليلًا على تأزُّم العلاقات الدولية من جديدٍ وبدايةً لقرع طبول الحرب العالمية الثانية التي حاولت فرنسا وبريطانيا بشتى الوسائل تجنّبها دون جدوى.

هل أعجبك المقال؟