الماء الملكي
الماء الملكي أو ما يعرف باللغة اللاتينية باسم الأكوا ريجيا (Aqua Regia) هو عبارةٌ عن خليطٍ من حمض النيتريك وحمض الكلور المركّز، وقد تمت تسميته بالماء الملكي لقدرته على إذابة المعادن النبيلة كالذهب والفضة وغيرهما.
خصائص الماء الملكي
عبارة عن سائلٍ مدخنٍ لونه برتقالي محمر وله تركيبةٌ سريعة التغير، وهو حمضٌ قويٌّ جدًا يتكون من حمض النتريك HNO3 المركّز بنسبة 65% وحمض الكلور HCl بنسبة 35% وكلاهما من الأحماض القوية، ليتفاعل نسبة جزء واحد من حمض النيتريك إلى ثلاثة أجزاء من حمض الكلور وينتج عن ذلك كلوريد النتروسيل NOCl وغاز الكلور Cl2 وجزيئات الماء، ويجب مراعاة أنه يجب إضافة حمض النيتريك إلى حمض الكلور وليس العكس، وفيما يلي التفاعل الكيميائي الخاص بالماء الملكي:
وكما قلنا إنه حمضٌ قويٌّ جدًا لذلك يجب على الكيميائيين توخي الحذر عند التعامل معه، وفيما يلي بعض النصائح التي يجب القيام بها للحفاظ على السلامة:
- استخدام عبوات زجاجية لتخزين الماء الملكي لأنه يسبب ذوبان بعض المواد البلاستيكية وتآكل معظم المعادن.
- عدم تخزين محلول الماء الملكي أبدًا فقط قم بخلط ما تحتاجه، ومن بعد ذلك تخلص من الفائض لديك لأنه سوف يتأكسد بمرور الوقت ليشكل كلوريد النيتروسيل السام وثاني أكسيد النيتروجين، وغازات الكلور والتي ستسبب ضغطًا على العبوة في حال كانت مغلقةً مما قد يؤدي إلى حدوث انفجارٍ.
- ارتداء النظارات الواقية من المواد الكيميائية واللباس والقفازات المناسبة.
- يجب الانتباه عند إضافة حمض النتريك إلى حمض الكلور ببطءٍ وليس العكس.
- إذابة المعادن فيه تسبب إطلاق غازات سامة لذا تجنب استنشاقها.
- اترك محلول الماء الملكي في عبوةٍ مفتوحةٍ حتى يبرد.
- عدم خلط الماء الملكي مع المركبات العضوية لأن ذلك قد يسبب حدوث انفجارٍ.
تاريخ الماء
الملكي
أول من اكتشف الماء الملكي هو العالم الكيميائي العربي جابر بن حيان، وقد كان ذلك المركب سببًا للعديد من الانفجارات المخبرية بسبب سوء استخدامه.
وبالرغم من اكتشافه منذ أكثر من 1000 عام في الشرق الأوسط، إلى أنه لم يصل إلى أوروبا حتى القرن الرابع عشر، وكان أشهر استخدامات الماء الملكي هو في عام 1940 أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما قامت ألمانيا بقيادة أدولف هتلر بغزو الدنمارك، فقام الكيميائي جورج هيفيشي (George de Hevesy) باستخدامه لإذابة ميداليتين ذهبيتين من جوائز نوبل والعائدتين للفيزيائيين ماكس فون لاوي (Max von Laue) وجيمس فرانك (James Franck)، إذ تم تهريب هاتين الميداليتين خارج ألمانيا بسبب منع الحكومة الألمانية قبول جوائز نوبل، فما كان من هيفيشي سوى إذابة الميداليتين لمنع مصادرتهما من قبل النازيين باستخدام الماء الملكي، ومن ثم وضع المحلول في دورق على رف المختبر، وعند هجوم النازيين وقيامهم بتفتيش المختبر تجاهلوا هذا الدورق ظنًا منهم أنه بلا أهمية.
بعد انتهاء الحرب، قام هيفيشي باستخلاص الذهب من ذلك المحلول، وإرساله إلى مؤسسة نوبل لإعادة صياغة الميداليتَين من جديد.
استخدامات الماء
الملكي
كما ذكرنا، تمثل أشهر استخداماته في إذابة الذهب وأغلب المعادن النبيلة الأخرى، وبالتالي إنتاجه لحمض كلورو الذهبيك (أو كلورو الأوريك HAuCl4)، والذي يستخدم كالكهارل أو الإلكتروليتات (مادة تحتوي على أيونات حرة تشكل وسطًا ناقلًا للكهرباء) في عمليات تنقية الذهب، كما يستخدم الماء الملكي أيضًا في معدات الحفر والتنقيب عن المعادن.
يستخدم الماء الملكي كذلك في تنظيف الأنابيب المستخدمة في الرنين المغناطيسي النووي والتحليل الطيفي، فهو فعالٌ للغاية في هذا الأمر؛ لأنه قادرٌ على إزالة كل آثار عنصر الكروم المغناطيسي والذي يمكن أن يلوث أبحاث الأطياف ويخربها.
كيفية إذابة
الماء الملكي للذهب
يحتوي الماء الملكي على حمض النيتريك وهو مؤكسدٌ قويٌّ، والذهب ومعظم المعادن تكون عادةً إما بشكلٍ أيوني أو غير مشحونةٍ، وحمض النيتريك يستطيع أكسدة هذه الجزيئات وتحويلها إلى أيوناتٍ موجبة الشحنة Au3+، ومن ثم تذوب هذه الأيونات في المحلول السائل وتصبح جزءًا منه، ولكن حمض النيتريك بمفرده لا يستطيع أن يحل سوى كمية قليلة جدًا من ذرات الذهب قبل وصول التفاعل إلى التوازن.
لذلك عند دمج حمض النيتريك مع حمض الكلور في الماء الملكي فإن كل حمضٍ منها لديه وظيفته الخاصة، حيث أن حمض النيتريك كما قلنا يؤكسد جزيئات الذهب، في حين أن حمض كلور الماء ينتج عنه أيونات الهيدروجين الموجبة H+ وأيونات الكلور السالبة Cl-، وهذه الأيونات السالبة تنجذب لأيونات الذهب الموجبة وتشكل AuCl4+ أي مجمعات من أيونات الذهب والتي تتم إزالتها من المحلول.
وفيما يلي التفاعلات المعبرة عن ذلك: