المجال المغناطيسي للأرض

رنيم عطفة
رنيم عطفة

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

قبل الخوض في المجال المغناطيسي للأرض سنتحدث عن المجال المغناطيسي بشكلٍ عام، وهو عبارةٌ عن كل ما يحيط بالمغناطيس حيث تتجلى آثار القوة المغناطيسية في هذا النطاق. يتألف المجال المغناطيسي من خطوطٍ وهميةٍ تمثل حركة الأقطاب فتظهر بشكلٍ حركيٍّ من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي خارج المغناطيس، وحركة عكسية في داخله.


المجال المغناطيسي الأرضي

المجال المغناطيسي للأرض (أو مغناطيسية الأرض) هو الحقل المغناطيسي الممتد من داخل الأرض إلى الفضاء، وهو ثنائي الأقطاب، أي ذو قطبين شماليٍّ وجنوبيٍّ على سطح الأرض، وبابتعاده عن السطح يتعرض للتشوه. للمكون ثنائي القطب أساس ذو مصدرٍ داخليٍّ، أي داخل الأرض وليس خارجها، ويتناسب عكسيًا مع مربع نصف قطر الأرض، هذا ما توصل إليه وأثبته عالم الرياضيات والفلك الألماني كارل فريدريش غاوس من خلال دراسته للمجال المغناطيسي الأرضي.

يخرج المجال المغناطيسي من جوف الأرض مشكلًا طوق حماية للأرض، فهو يعتبر أحد أنواع حقل القوة الذي يحمي الأرض من الإشعاع الشمسي، فلو لم يكن المجال المغناطيسي ستنفذ الأشعة والإشعاع الكوني للأرض وبالتالي سيتعرض الغلاف الجوي للتجريد بفعل الرياح الشمسية ( وهي أحد أشكال الإشعاع الشمسي للشمس ) وستنتهي الحياة بكافة أشكالها على هذه الكوكب.


سبب المجال المغناطيسي الأرضي

حدد الفيزيائيون منشأ المجال المغناطيسي للأرض من خلال البحث في كيفية انتقال موجات الصدمات من الزلزال عبر الأرض، ورجّحوا أن يكون منشأه من الأرض. تحمل الأرض في جوفها لُبٌّ داخليٌّ صلبٌ مكونٌ من الحديد ويمثل ثلثي حجم القمر، في درجة الحرارة 5700 درجة مئوية يسخن هذا الحديد كثيرًا لدرجة تشبه حرارة سطح الشمس لكنه يبقى على حالته الصلبة بسبب ضغط التكسير الذي تخلفه الجاذبية. تغلف الجزء الخارجي الأساسي طبقة (ممزوجة من الحديد والنيكل ومقادير صغيرة من عدة معادنٍ أخرى) تبلغ سماكتها 2000 كم، يتحول المعدن هنا إلى سائلٍ مع انخفاض الضغط على اللُبّ الداخلي. نتيجة التغيرات التي تطرأ على درجة الحرارة والضغط والتكوين داخل اللبّ الخارجي تنشأ تياراتٌ حراريةٌ داخل المعدن المنصهر، مما يجعل الأشياء الباردة ذات الكثافة العالية تطفو، في حين تغرق الأشياء الدافئة ذات الكثافة الأقل. كما ينتج أيضًا التفاف الدوامات عن قوة كوريوليس (الناتجة عن دوران الأرض ).

وبالتالي ينتج عن التدفق الكبير للحديد السائل تياراتٌ كهربائيةٌ، تقوم بتوليد الحقول المغناطيسية. وتبقى المعادن المشحونة العابرة خلال هذه الحقول على نفس الوتيرة في إنتاج تياراتٍ كهربائيةٍ خاصةٍ بها، وهكذا تبقى الدورة في استئناف العمل الكلي تحت اسم الجيودينامو. تخلّف قوة كوريوليس وراءها تصاعدًا يدل أن الحقول المغناطيسية المنفصلة والمُصنّعة تتماشى تقريبًا في نفس الاتجاه، فيرتفع مستوى تأثيرها المشترك في إنشاء مجالٍ مغناطيسيٍّ واسعٍ يغزو الكوكب.


خصائص المجال المغناطيسي للأرض

  • تبلغ شدة المجال المغناطيسي للأرض على سطح الأرض بين أقل من 30 ميكرو تسلس (0.3 غاوس) في المنطقة الممتدة بين معظم أمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا وتبلغ 60 ميكرو تسلس (0.6 غاوس) حول الأقطاب المغناطيسية شمال كندا وجنوب أستراليا وفي جزءٍ من سيبيريا، في حين بلغت شدته في اللب الخارجي للأرض ب 25 غاوس أي ضعف شدته على سطح الأرض ب 50 مرة. 
  • المجال المغناطيسي للأرض يشبه الحقل المغناطيسي، فهو نتيجةٌ حتميةٌ للتيارات الكهربائية في اللب الخارجي السائل. تتجاوز درجة الحرارة في لُبّ الأرض 1043 كلفن، الدرجة التي تكون اتجاهات الدوران فيها داخل الحديد عشوائية، العشوائية التي تُفقِد المادة مغناطيسيتها.
  • تتميز الأرض أيضًا بغلافها المغناطيسي، الذي يهيمن على المجال المغناطيسي للسطح ممتدًا على مساحاتٍ كبيرةٍ من الأرض. كما ينتج عن التيارات الكهربائية المستحثة في الأينو سفير توليد تياراتٍ كهربائيةٍ. ودائمًا ما يتم إنشاء هذا الحقل بمحاذاة المناطق التي يكون فيها الغلاف الجوي أقرب إلى الشمس، مما يُحدث اختلافاتٍ دوريةٍ تؤدي إلى انحراف درجةٍ واحدةٍ عن الحقول المغناطيسية. تتجاوز الاختلافات الدورية  المثالية في شدة الحقل 25 نانو تسلس بالإضافة للاختلافات خلال بضع ثوانٍ تقريبًا بحوالي 1 نانو تسلس.

الاختلافات في المجال المغناطيسي للأرض

  • التباين العلماني: يقوم المجال المغناطيسي بالدوران حول محوره من الشرق باتجاه الغرب مخلفًا وراءه اختلاف دوري، تستغرق الدورة الزمنية لهذا الاختلاف 960 سنة.
  • دورة البقعة الشمسية أحد عشر عامًا: تتعرض الأرض كل 11 عامًا للبقع الشمسية التي تعتبر أحد المراكز القوية في المجال المغناطيسي، مما يجعل النشاط المغناطيسي للأرض عرضةً للتأثر الكبير بهذا الاختلاف. 
  • التباين اليومي والسنوي: يتعرض الجو في الأرض للتأيّن نتيجة أشعة الشمس فوق البنفسجية، الأمر الذي يدعم توليد التيار الذي يعمل بدوره على إنتاج المزيد من المجال المغناطيسي. هذا كله تسببه التغيرات اليومية والسنوية.
  • التغيرات القمرية: بالإضافة لتأثير الشمس، يترك القمر تأثيرًا آخر على النشاط المغناطيسي للأرض. نتيجةً للحركة المد والجزر على طبقة الأرض المتأيّنة خلال الكسوف القمري، يحدث اختلافٌ في المجال المغناطيسي للأرض. هذا التغيير يدعى البديل القمري.
  • التباين الغير دوري والغير منتظم: تعمل الإشعاعات الصادرة عن الشمس (عندما يكون النشاط الشمسي للشمس في ذروته) على تأيين جو الأرض، هذا يؤدي لحدوث تيارٍ أثناء دوران الأرض حول محورها الخاص مما ينتج عنه المجال المغناطيسي.
هل أعجبك المقال؟