الممالك الارامية السورية
شهدت بلاد الشام عمومًا وسوريا خصوصًا تعاقب حضاراتٍ عريقةٍ عبر التاريخ قامت معظمها على أنقاض الحضارة التي سبقتها مثل الممالك الارامية السورية، تلك الحضارة القديمة التي لم يبقَ منها الكثير لنكتشفها بدقةٍ أكبر، فكل ما عُرف عنها بالاعتماد على الرسائل والمخطوطات الآشورية وبعض النقوش العائدة لمملكة ماري حيث تضمنت ذكر بعض الأحداث المرتبطة بالممالك الآرامية في سوريا، وكيف كانت علاقتها مع بعضها متأثرةً بالحياة البدوية التي ينحدر منها الآراميون.
ظهور الآراميين
يرجح كثير من الباحثين أن أصل الآراميين الذين سكنوا الممالك الارامية يعود إلى قبائلَ متنقلةٍ في الصحراء السورية تتحدث اللغة الآرامية إحدى اللغات السامية الشمالية، وقد انتقلت خلال الفترة الممتدة بين القرن الحادي عشر والقرن الثامن قبل الميلاد لتستوطن في مناطقَ واسعةٍ من بلاد ما بين النهرين وتؤسس ممالكَ مستقلةً عن بعضها بل ومتحاربةً أحيانًا، بينما اتجهت بعض القبائل الآرامية الأخرى إلى سوريا واستوطنت أيضًا في شمالها ضمن ممالكَ عديدةٍ غير متحدةٍ كمملكة حلب ودمشق وحماه وغيرها، حتى وصل نفوذ الآراميين عبر كامل المنطقة الممتدة من بابل حتى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وبزعامة قبائل كالدو الآرامية.
قيام الممالك الارامية في سوريا
لا يوجد كثير من الدلائل التاريخية التي تؤكد الموطن الأصلي للآراميين وزمن هجرتهم إلى سوريا، فكل ما استطاع المؤرخون معرفته عنهم كان من خلال بعض الرسائل والمخطوطات الآشورية كتلك المكتشفة في رسائل تل العمارنة؛ لكن الأكيد أن قبائل الآراميين قد استغلت بداية انهيار الدول الموجودة في سوريا وبلاد ما بين النهرين في نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد لتغزوها طمعًا بمواردها، فسيطروا على مدنٍ كثيرةٍ كان يسكن بعضها أناسٌ بقوا على نهج الحثيين وثقافتهم، وشكلوا الممالك الارامية المستقلة تمامًا والتي أصبحت مركز قوةٍ في تلك الفترة مثل مملكة آرام دمشق ومملكة بيت بخياني ومملكة بيت عديني.
وبحلول القرن التاسع قبل الميلاد بسط الآراميون سيطرتهم السياسية على سوريا القديمة بالكامل ثم اتجهوا إلى بابل آشور، ليتصدى لهم الملك الآشوري تغلث فلاصر الأول محاولًا منعهم من الاستقرار في المنطقة.
أهم الممالك الارامية
مملكة آرام دمشق
هي إحدى أقوى الممالك الارامية خلال القرنين الثامن والتاسع قبل الميلاد والتي امتدت من مملكة حماه في شمال سوريا إلى فلسطين في الجنوب، ومن الصحراء السورية في الشرق إلى الأراضي الفينيقية في الغرب، وعاصمتها مدينة دمشق.
أشارت معظم الأدلة القديمة إلى أن آرام دمشق كانت تابعةً لملك آرام زوبة ويدعى هاداويزر، إلا أن داوود استطاع هزيمته وضم آرام دمشق حتى تمكن رصين من تأسيس مملكة آرام دمشق المستقلة والممتدة على أراضي واسعة.
ازدادت مكانة آرام دمشق في عهد ابن حدد حيث تمكن في القرن التاسع قبل الميلاد من وضع يده على الجليل الشرقي قادمًا من بعثا، ليستمر الضغط الآرامي على مملكة إسرائيل وتسقط إمارة شرق الأردن، لكن في عهد ابن حدد الثاني أُجبر على إعادة كل تلك المناطق بعد هزيمته على يد ملك إسرائيل أخاب.
مملكة بدان آرام
إحدى الممالك الارامية التي تعود إلى فترة القرن السادس عشر قبل الميلاد، واتخذت من مدينة حران مركزًا لها.
مملكة آرام نهرين
وتُدعى أيضًا مملكة آرام نهرايم في إشارةٍ إلى نهري الفرات والخابور، حيث يُعتقد أنها قامت في تلك المنطقة خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد، واستمرت حتى عام 717 قبل الميلاد عندما سيطر الآشوريون عليها.
مملكة بيت عديني
هي إحدى أكبر الممالك الارامية في سوريا خلال القرنين التاسع قبل الميلاد والعاشر قبل الميلاد، اتخذت من مدينة تُدعى حاليًا تل الأحمر عاصمةً لها، حيث قامت المملكة في المنطقة الممتدة بين نهر البليخ والفرات.
مملكة بين زماني
تعود هذه المملكة إلى القرن العاشر قبل الميلاد وعاصمتها
مدينة كانت تُدعى آنذاك آمد اسمها حاليًا ديار بكر، اشتهر أهلها باستخراج النحاس
من المناجم وبقيت حتى عام 800 قبل الميلاد عندما احتلها آشور ناصر بعل.