بماذا تقاس سرعة الرياح؟
ازداد بشكلٍ ملحوظٍ في العقدين الأخيرين الاهتمامُ بدراسةِ حركةِ وشدّة التيارات الهوائية السطحية؛ لما لها من تأثير مهم على درجات الحرارة والرطوبة النسبيّة، وتغيراتهما بين الطبقات القريبة من سطح الأرض، والطبقات العليا من الغلاف الجوي.
تعرّف سرعة الرياح بأنها التغيير في نسبة سرعة الغازات في الغلاف الجوي، وتستخدم في التنبؤ بدرجات الحرارة وكذلك في الملاحة، ويعتبر قياس سرعة الرياح من العناصر الأساسية في الأرصاد الجوية، وتقاس بجهازٍ يسمى المرياح أو الأنيمومتر “Anemos”، وهي كلمة من أصل يوناني وتعني الرياح.
والأنيمومتر اختراعٌ قديمٌ جداً يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر، وأول من اخترعه هو الإيرلندي روبنسون، ويتكون المقياس من مجموعةٍ من العناصر على شكل أكوابٍ، كل كوب مثبت على ذراعٍ، والأذرع جميعها مثبتةٌ على قطبٍ رأسيٍّ، وتؤدي ملامسة الرياح للأكواب إلى حدوث فرق في الضغط داخل وخارج الكوب، وهذا الفرق بالإضافة إلى قوة الرياح يؤدي إلى تدوير الأكواب، وبما أن الرياح تؤثر على الجانب المقعر من الأكواب أكثر من تأثيرها على الجانب المحدب، فيؤدي ذلك إلى دوران المنظومة استجابةً للرياح، بالإضافة إلى دوران القطب الرأسي الذي تتعلق عليه الأكواب.
متى بدأ قياس سرعة الرياح؟
وقد تم تطوير الأنيمومتر في منتصف القرن التاسع عشر لأول مرةٍ، وعندها تم استخدام أربعة أكوابٍ فقط ضمن ترتيبٍ دائريٍّ، ثم تم تخفيض عدد الأكواب إلى ثلاثةٍ فقط وذلك في عام 1920، وبقي التصميم ذو الكؤوس الثلاثة من المقاييس المعتمدة لقياس سرعة الرياح حتى اليوم، فهو يتميز باستجابةٍ أسرع وعزم دوران ثابتٍ، والسرعة في الاستجابة مفيدةٌ جداً عند قياس سرعة هبوب الرياح، فبعض الحالات تتطلب سرعةً في القياس لتفادي وقوع الحوادث.
وهناك مقاييسٌ أخرى تستخدم اليوم لقياس سرعة الرياح ومنها جهاز الأنيمومتر الكهروحراري، والذي يعتمد في عمله على سلكٍ رفيعٍ يستخدم لتسخين درجة الحرارة أكثر من درجة حرارة الهواء، وتقوم الرياح بتبريد السلك، وبالتالي يتم حساب السرعة بالاعتماد على المقاومة الكهربائية للسلك المسخن؛ ويعتبر جهازاً دقيقاً وحساساً جداً، كما يوجد أجهزة أخرى أيضاً لقياس سرعة الرياح، مثل: أنيمومتر طاحونة الهواء، والأنيمومتر الليزري، والذي يستخدم أشعة الليزر، ويستخدم لقياس السرعة للرياح القريبة من سطح الأرض.
طبيعة حركة الرياح
تتحرك الرياح السطحيّة بشكلٍ عام حركةً ثلاثيّة الأبعاد، في الاتجاهات الأفقية (الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب)، بالإضافة إلى انتقالها العمودي نحو الأعلى والأسفل. غالبًا ما يستثنى النقل العمودي لتيارات الهواء في دراسة الأرصاد الجويّة، وتدرس فقط حركة الرياح في الاتجاهات الأربعة الأفقية.
تتحرك الرياح بالقرب من سطح الأرض بشكلٍ مضطربٍ، وتتميّز بتقلباتٍ عشوائيّةٍ في السرعة والاتجاه، هذا ما يمكنك ملاحظته بسهولةٍ بمراقبة حركة الدخان الناتج من مدفئة ما، حيث يتحرك باضطرابٍ بمختلف الاتجاهات، لحظات يتحرك بسرعة وأخرى يتحرك ببطء.
بشكل عام، للرياح سرعتين هما، السرعة اللحظيّة: وهي سرعة الرياح في لحظة ما، والسرعة المتوسطة: وهي متوسط السرعات اللحظيّة المسجلة خلال فترة زمنية مقدارها 10 دقائق.
على كل حال تتغير سرعة الرياح بشكل كبير في وقت قصير، كما أن قياسَ السرعةِ اللحظيّة يتأثر بالعديدِ من العوامل، ومن أهمها، خصائص الجهاز المستخدم في قياس سرعة الرياح.
مصطلحات أساسية في قياس سرعة الرياح
فيما يلي بعضُ المصطلحاتِ والوحداتِ الأساسيّة المستخدمة في قياس سرعة الرياح، مع التركيز على تلك المتعلقة بخصائص الاستجابة التي تؤثر على أداء جهاز قياس سرعة الرياح:
- مسار الرياح (الدرب) ويقاس بالمتر ورمزه L: هو المسافة التي تقطعها كتلة الهواء خلال فاصل زمني محدد.
- السرعة اللحظيّة للرياح رمزها Vi: وهي حاصل قسمة مسار الرياح خلال زمنٍ قصيرٍ على قيمة هذا الزمن، وانطلاقًا من هذا التعريف يمكنك أن تستنتج أنّ السّرعة اللحظيّة القصوى هي أعلى قيمة للسرعة اللحظيّة خلال مدة القياس.
- السرعة المتوسطة ورمزها Vm: وهي متوسط السرعات اللحظية خلال فترة زمنية مقدارها 10 دقائقٍ.
- سرعة عتبة البدء رمزها V0: هي أدنى سرعة للرياح تبدأ عندها مروحة مقياس الرياح بالدوران المستمر.
- طول الاستجابة ld: وهي المسافة التي تتحركها كتلة من الهواء خلال مقياس شدّة الرياح انطلاقًا من عتبة البدء، حتى يصل مستشعر القياس إلى 63% من معدل سرعة الرياح المسجلة.
- التخميد الحرج: يتفعل التخميد عندما تبدأ مروحة الجهاز بتغيير اتجاه الدوران، بناء على تغيير اتجاه هبوب الرياح.
يستخدم عدد من الوحدات لقياس سرعة الرياح منها المتر بالثانية ورمزه m ∕ s، أو كيلو متر في الساعة ورمزه km ∕ h، أو الميل في الساعة ورمزه mph، أو القدم في الثانية ورمزها ft ∕ h ، أو العقدة ورمزها kt.
تُسجّل سرعة الرياح في التقارير العامة خلال فترة 10 دقائق، حيث تقريبًا كل 0.5 متر في الثانية تعادل عقدة، ويبين الجدول التالي آليّة التحويل بين وحدات قياس السرعة:
طريقة تسجيل سرعة الرياح
تٌسجّل الرياح اعتبارًا من الجهة التي تهبّ منها الرياح، وتستخدم بوصلةٌ مقسمةٌ إلى 8 جهات اعتبارًا من الشمال الحقيقي.
كما تُقاس سرعة الرياح باستخدام جهازٍ مخصصٍ لهذا الغرض، ولكن في حال عدم توفر الجهاز يمكنك تقدير جهة الرياح من خلال النظر لأعمدة الدخان، أو رايات الأعلام في مكان تواجدك، وتُستخدم هذه الطريقة فقط في حال كانت شدّة الرياح ملحوظة.
اعتبارات مهمة عند قياس سرعة الرياح
عند تقييم اتجاه الرياح بهذه الطريقة لا بد من مراعاة النقاط التالية:
- قف مباشرة تحت الراية؛ لتجنب الأخطاء الشخصية الناتجة عن النظر.
- لا تخطئ في الأخذ بعين الاعتبار الدوامات الهوائية الناتجة عن وجود مباني مرتفعة أو عن الأشجار المحيطة.
- لا تستخدم حركة الغيوم كمؤشرٍ على اتّجاه الرياح حتى لو كانت منخفضةً.
لماذا يحرص الإنسان على قياس سرعة الرياح؟
ولقياس سرعة الرياح أهمية في العديد من الأمور مثل:
- القدرة على التنبؤ بحالة الطقس المختلفة.
- إمكانية نقل حبوب اللقاح للنباتات من مكانٍ إلى آخر.
- وكذلك إمكانية تحديد بداية المواسم الجديدة.
ومن أهم العوامل التي تؤثر على سرعة الرياح:
- الاختلاف في الضغط الجويِّ.
- الأعاصير.
- الرياح الموسمية.
- قوة الاحتكاك التي تواجهها الرياح.
- التضاريس.
وبهذا نكون وصلنا إلى نهاية إجابتنا عن سؤال بماذا تقاس سرعة الرياح؟، وأهمية قياسها وما الفوائد التي تعود على الإنسان من هذا القياس.