تعريف الاوليغارشية
الاوليغارشية… هل سبق لك أن سمعت بهذا المصطلح؟ إنها كلمة غريبة حقًا، ولكنّ ما هو أغرب أن معناها سهل جدًا، فهي تعني باختصار "القليل"، إذًا من أين أتى هذا المصطلح؟! وهل هو سيّء أم جيد؟ لنتعرّف معًا على الاوليغارشية في المقال التالي.
تعريف الاوليغارشية
الاوليغارشية أو الأوليغاركية والتي تسمى باليونانية (حكم الأقلية)، هي سلطة سياسية تسمح لعدد قليل جدًّا من الأشخاص أو الأسر أو الشركات بتسلّم الحكم. يمتلك بموجبها هؤلاء الأقلّيون قوّة كافية لوضع سياسات خاصة بهم تمكّنهم من حكم المجتمع بما يناسبهم وكما يحلو لهم.
تُدعى الطبقة الغنيّة من الأوليغارشيين (البلوتوقراطية)، إذ لا يجب أن يكون القادة الأوليغارشيون أغنياء، ولكن عادةً ما يكونون كذلك.
يحافظ الأوليغارشيون على مناصبهم وقوّتهم من خلال تقوية علاقاتهم ببعض. وقد بدأ هذا الحكم واستمرّ بشكل وراثي؛ حيث يتم اختيار وتمييز القادة على أساس الدّين أو القرابة أو المكانة أو الوضع الاقتصادي. وهكذا يقودون المجتمع ولا يسمحون لغيرهم بالتّعدي على مصالحهم.
أسباب ظهور الاوليغارشية
زعم عالِم الاجتماع الألماني روبرت ميشيل ضرورة وجود مجموعة محدودة من الأفراد في مركز القيادة، حتى يتمكنوا من توجيه وتنفيذ الأوامر بحكمة وكفاءة وإنجاز الأمور من خلال طاقم إداري، بغض النظر عن المساواة في اختيار الحكّام بين أفراد المجتمع أو عدم المساواة والتحيّز.
حاول لاحقًا العديد من الكُتَّاب المثقفين وبعض المعارضين انتقاد رأي ميشيل وتقييده، كما حاولوا إقناعه بالتوسّع في إدارة الحكم ليشمل الهيئات التشريعية والمنظمات والنقابات وغيرها من المراكز ذات الأهمية، فقد كانت الاوليغارشية برأيهم قانونًا حديديًّا لا يمتُّ للعدل بصلة.
على الرغم من انتشار الديمقراطية في القرن العشرين، استمرّ وجود وتطبيق الاوليغارشية في بعض البلدان بما فيها بلدان ادّعت الديمقراطية اسميًا فقط.
سلبيات وإيجابيات الاوليغارشية
قد يتّضح لك من تعريف الاوليغارشية أنها سيئة بالمطلق، ولكن الأمر ليس بهذا الشكل، وهذا ما تثبته النقاط التالية:
السلبيات
- سيطرة الطبقة الحاكمة على كل شيء من السياسات وسَنّ التشريعات ووصولًا إلى القوانين، وينتهي الأمر في تنفيذ كل ما يصبّ في مصلحة القادة وجنيهم لثروات هائلة تفوق مكاسب الطبقة العاملة بدرجات.
- كما قلنا، فالطبقة الحاكمة تميل إلى تسليم الحكم بالوراثة، بالتالي مع سنين القيادة الكثيرة؛ يكتسب القادة خبرة ويصبح من الصعب إبعادهم عن السلطة، مما يسبب فجوة بينهم وبين الناس.
- منع وجهات النظر الجديدة والاقتراحات والتنويع، مما يؤدي إلى وقوف الشعب في مكانه ومنع التقدّم.
- التمرّد والتفكير بالقيام بثورات وانقلابات، فعندما يشعر الشعب بعدم قدرت على التقدم أو الوصول إلى مكانة في الحكم، سيتمرد مبررًا ذلك بعدم اضطراره على اتباع القواعد التي أملتها عليه الطبقة الحاكمة.
- عرقلة الاقتصاد بسبب تقييد السلطة لكميات العرض والطلب وتحديد الأسعار، واقتصار إمداد بعض المواد على القادة فقط، أيمما ينجم عنه عدم المساواة في الدّخل.
الإيجابيات
- السلطة مقرونة فقط بفريق القيادة، بدلًا من إشراك الجميع في اتخاذ القرارت، وهذا شيء جيد لأن إشراك الشعب في ذلك يؤدي إلى صعوبة اتخاذ قرار معين وجازم.
- يمكن لأفراد المجتمع المشاركة في الأنشطة والأعمال، بينما اتخاذ القرار يكون بيد السلطة.
- تساهم الاوليغارشية في الحفاظ على نظام سياسي معيّن وبالتالي الحفاظ على مستوى حياة كريمة معينة، بدلًا من القيام بمشاريع قد تدهور الأوضاع باحتمالية فشلها.
- تعزيز الابتكار والإبداع وإبداء الرأي بغض النظر عن عدم تنفيذه، مما يشعر الناس بعدم مسؤوليتهم عن اتخاذ قرارات مصيرية بشأن إدارة المجتمع.
تاريخ وجود الاوليغارشية واستمراريتها
يعود هذا المصطلح إلى حوالي 600 عام قبل الميلاد، عندما حكم مدينتي سبارتا وأثينا نخبة من الارستقراطيين المثقفين. وفي القرن الرابع عشر؛ خضعت مدينة فينيسا لسيطرة النبلاء الأثرياء هم الأرستقراطيون.
في الآونة الأخيرة، بقيت جنوب إفريقيا تحت حكم الفصل العنصري الأبيض حتى عام 1994، وهو ما كان خير مثال على الاوليغارشية العنصرية.
لم ينتهِ عصر الأوليغارشية بعد، فهو موجود حتى يومنا هذا، وإليك بعض الدول كأمثلة:
روسيا
على الرغم من أن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ينكر ذلك إلا أنه يطبّق الاوليغارشية بشكلٍ فعليّ في دولته، حيث يسمح بوتين باستثمار ثرواته في البلدان الديموقراطية وذلك لحماية ممتلكاته بموجب القانون.
الصين
عام 1976، وبعد وفاة رئيسها "ماو تسي تونغ"، استعادت الاوليغارشية الصينية القائمة على الدين سيطرتها، مبررين ذلك بأنهم أحفاد الثمانية الخالدين.
المملكة العربية السعودية
يجب على الملك الحاكم في السعودية أن يسلم حكمه إلى أولاده وأحفاده من بعده، وهذا ما يحصل، فقد حكم الملك عبد العزيز آل سعود مابين 1853-1953، ثم استلم بعده ابنه الملك الحالي؛ سلمان بن عبد العزيز الذي يجهّز بدوره ابنه الأمير محمد بن سلمان للاستلام من بعده، فقد عيّنه حاليًّا وزيرًا للدفاع في المملكة ومشرفًا على شركة أرامكو السعودية.