سماعة الطبيب وأنواعها وكيف تعمل

دراسة الطب
سالي ديب
سالي ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

يعود اختراع سماعة الطبيب إلى عام 1816 على يد الطبيب الفرنسي رينيه لينيك (René Laennec)، وذلك عندما لجأ إلى استخدام أنبوب ورقيّ للإصغاء لصوت قلب امرأة شابة بدلًا من وضع أذنه مباشرة على صدرها بسبب خجله الشديد. ثمّ طوّر الطبيب نفسه لاحقًا سمّاعة على شكل أنبوب خشبي يوضع أحد طرفيه على صدر المريض بينما يوضع الطرف الثاني على أذن الفاحص، وقد أطلق على اختراعه لاحقًا اسم السمّاعة الطبيّة (Stethoscope) المشتقّة من اللغة اليونانيّة؛ إذ أن كلمة Stethos تعني الصّدر، وكلمة Scopus تعني الفحص (أو الإصغاء).

مرّت السماعة بعد ذلك بعدّة تطوّرات حتى وصلت إلى الشكل الذي نعرفه اليوم، كما أصبح لها عدّة أشكال وأنواع حسب الغرض من استخدامها. سنتحدّث في هذه المقال عن السّماعات الطبيّة، ومبدأ عملها وأهم أنواعها.

أوّل سماعة طبية مستخدمة في التاريخ، صمّمها لينيك عام 1820

أوّل سماعة طبية مستخدمة في التاريخ، صمّمها لينيك عام 1820

مبدأ عمل سماعة الطبيب

يعتمد مبدأ عمل سماعة الطبيب منذ أوّل سماعة مستخدمة وحتى أحدث الأجيال على مبدأ بسيط وهو الاهتزاز (Vibration).

يسمّى الجزء المعدني الذي يوضع على جدار صدر المريض مباشرةً بالجرس (Bell)، ويتألّف هذا الجرس من إطار معدني مصنوع عادةَ من التيتانيوم أو الزنك، يغطّيه غشاء رقيق من البلاستيك يدعى بالحجاب أو الغشاء (Diaphragm)، وهو غشاء رقيق جدًا ويستجيب للأصوات الصادرة عن أحشاء الجسم الداخليّة للمريض عن طريق الاهتزاز.

تنتقل اهتزازات الحجاب إلى أذن الفاحص عبر الأنبوب البلاستيكي المجوّف والذي يتفرّع بعد مسافة معيّنة إلى جزأين ثم يصبّ في أنبوب معدني مصنوع غالبًا من الألمنيوم أو الستانلستيل، ثم إلى أذنيّ الفاحص.

من الجدير بالذّكر أنّ للتواترات التي يصدرها الجسم وتلتقطها سماعة الطبيب نوعان؛ التواترات العالية التي تكون قويّة بما يكفي لتسبّب اهتزاز غشاء الجزء الصدري من السمّاعة وانتقال الصوت إلى الأذن بوضوح، والتواترات المنخفضة التي لا توصل الاهتزاز إلّا إلى الجلد وبالتالي لا تسمع بشكل واضح عبر الحجاب وإنّما تحتاج إلى تضخيم، هذا التضخيم هو تمامًا ما يقوم به الوجه الآخر قمعيّ الشكل الموجود على بعض أنواع السماعات الطبية.


أنواع السماعات الطبية ومميزاتها

حاليًا، هناك العديد من الأنواع المختلفة من السمّاعات، تتشابه فيما بينها بمبدأ العمل ولكن تختلف في بعض الجزئيّات المتعلّقة باستخداماتها، هذه الأنواع هي:


سماعة فحص الأطفال وحديثي الولادة

تتميّز سماعة الطبيب من هذا النوع بصغر قطر الجزء الصدري منها (2سم إلى 3 سم حسب العمر)، وبأن المعدن المستخدم لصناعة الإطار من النّوع العازل للصوت بهدف تقليل الضوضاء وبالتالي سماع الأصوات بأفضل جودة ممكنة ودون تشويش، بالإضافة إلى ذلك يتم اختيارها بحيث لا تكون من المعادن الخازنة للبرودة لتجنّب إزعاج الطفل أثناء الفحص. أيضًا، يتم تجنّب استخدام اللاتكس في هذا النوع من السمّاعات المخصّصة لفحص الأطفال لتجنّب الارتكاسات التحسّسية نظرًا لرقّة جلد هذه الفئة العمريّة وتأهّبها الشديد للارتكاس التحسسي.


السماعة الجنينية

في البداية، استُخدمت أداة تُعرف بقرن الأذن بهدف رصد ضربات قلب الجنين وفعاليّته ضمن الرّحم، فكان هذا القرن مصمّمًا على شكل مخروط يوضع على بطن الحامل ويضع الفاحص أذنه على الجهة الأخرى. مؤخرًا، تمّت صناعة سمّاعة طبيّة مخصّصة لسماع ضربات قلب الجنين بكلتا الأذنين باستخدام معدن عازل للضجيج، بالإضافة إلى شكل قمعي ومميّز للجزء الصدري من السمّاعة بهدف رصد أدق الأصوات. كذلك الأمر، هناك بعض السّماعات الجنينيّة عاليّة الدقة بحيث أنّها قادرة على فصل الأصوات الناتجة عن النّبض ضمن المشيمة عن أصوات قلب الجنين.


السماعة القلبية

تختلف السمّاعة القلبيّة عن سماعة الطبيب التقليديّة بقدرتها على نقل أدّق الأصوات الصادرة عن القلب كالنّفخات وغيرها، وتتميّز من ناحية التصميم بقصر الأنبوب الواصل بين الجزء الصدري وأذني الفاحص بهدف تقليص الضياع في الاهتزازات وإيصال الصّوت بأفضل دقّة ممكنة، كما تكون الأجزاء المعدنيّة والبلاستيكيّة فيها أكثر سمكًا من السمّاعة العاديّة ومن مواد عازلة للصوت بشكل أفضل من السمّاعة العاديّة.


سماعة الطبيب البيطري

للتعامل مع الحيوانات عدّة خصوصيّات فيما يتعلّق بالفحص، أهمّها أن احتكاك الجزء الصدري من السمّاعة بفراء الحيوانات يؤدي إلى تشويش كبير للأصوات المسموعة من جوف الصّدر، مما دفع الشركات المصنّعة إلى تصميم نوع خاص من حجاب السمّاعة بحيث يكون قابل للضبط وقابل لزيادة شدة الأصوات ذات التواتر المنخفض وتخفيض التشويش، بالإضافة إلى الحاجة إلى مسافة طويلة نسبيًّا بين الجزء الصدري و أذني الفاحص خاصّة عند التعامل مع حيوانات كبيرة الحجم أو المتهيّجة.


سماعة الطبيب الإلكترونية

تتألّف سماعة الطبيب الإلكترونية من جهاز يقوم بتحويل اهتزازات حجاب الجزء الصدري من السمّاعة إلى موجات الكترونيّة تظهر ضمن نسق معيّن على شاشة السمّاعة، ولهذه السمّاعة نوعان:

  1. نمط السمّاعة المضخّمة (Amplifying): تسجّل هذه السمّاعة الموجات الصوتيّة وتقوم بتضخيمها لجعلها أوضح للسّامع، وهي مفيدة بشكل خاص للأطباء الذين يعانون من نقص في السّمع. كما تتمتّع بإمكانيّة التعديل على نوعيّة الصوت وحجب الضوضاء.
  2. نمط السمّاعة المرقّمة (Digitizing): تتمتّع هذه السمّاعة بميّزة تحويل التردّدات الصوتيّة إلى موجات رقميّة يمكن سماعها و حتى إظهارها على شاشة أيّ جهاز ذكي، وغالبًا ما تكون مزوّدة ببطارية قابلة للشحن.
 الجزء الصّدري من السمّاعة الألكترونيّة العاديّة وعليه الشاشة التي تقيس التردّاد والأزرار التي تتحكّم بالصوت

الجزء الصّدري من السمّاعة الألكترونيّة العاديّة وعليه الشاشة التي تقيس التردّاد والأزرار التي تتحكّم بالصوت
سماعة الطبيب الرقبيّة القابلة للوصل مع أي جهاز ذكي والرسم البياني للموجات الصوتية التي تسجّلها

السماعة الرقبيّة القابلة للوصل مع أي جهاز ذكي والرسم البياني للموجات الصوتية التي تسجّلها

على الرغم من جميع التحسينات والتغييرات، والأنواع المختلفة التي أصبحت موجودة من سماعة الطبيب، فإن المبدأ الأساسي لعملها - كما سبق وذكرنا - هو ذاته، والهدف منها واحد، وهو منح الطبيب أو مقدّم الرعاية الصحيّة إمكانيّة الإصغاءللأصوات المختلفة للصدر والقلب، وكذلك إمكانيّة فحص أصوات الأمعاء والنّبض أثناء قياس الضّغط، وبالتالي منح إمكانيّة رصد أي شذوذ في وظيفة أيّ عضو في الجسم والتوجّه نحو استقصاءات أخرى بهدف تشخيص حالة المريض وعلاجه بالشكل الأمثل.

هل أعجبك المقال؟