طريقة صنع البخور العدني

علا ديب
علا ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

لكلّ مقامٍ بخورٌ، وللبخور اليمني حِصّةٌ في كلّ مناسبةٍ، فبالرغم من بساطة تحضيره، إلا أنّه من الصناعات اليمنية الأصيلة، كما نسائها التي امتهنتها عير الأجيال المتتابعة، واستطاعت أن تحافظ على جودتها وتميّزها ومكانتها كأحد أهم أنوع البخور حول العالم، ولربما أستطيع في هذا المقال من الإضاءة على البخور العدني كأحد الفنون اليمنية العريقة.


البخور العدني

في البداية هل تعلم ما هو البخور؟ هو مادةٌ نباتيةٌ عطرية وذات رائحة مميزة، تنتج عن الأشجار بعض إصابتها بمرض داخليٍّ، وأفضل أنواعه ما يُسمى بالعود والمستخرج من الأشجار المعمرة ما بين 70-150 عامًا، أشهر من استخرجه الهنود والصينيون لاعتقادهم بقدرته على طرد الأرواح الشريرة، ومنها صدر إلى اليمن حيث ُصنع منه البخور العدني.

نسبةً إلى مدينة عدن اليمنية، والتي كانت في يومٍ من الأيام أحد الممرات الرئيسية للبخور عبر كلٍّ من البحرين الأحمر والمتوسط، فازدهرت فيها صناعة وتجارة البخور إلى أغلب أنحاء العالم، لما يتمتع به من مزايا خاصة زادت من الإقبال العربي عليه، وبشكل خاصٍّ من قبل المملكة العربية السعودية وجيرانها العرب، ليكون الراعي الرسمي لمناسبات الذكر الدينية والأعياد والاحتفالات والأعراس المآتم وغيرها، حتى وصل إلى العالمية.

أما البخور العدني، فهو خليطٌ من مواد نباتية، احتفظت نساء عدن بسر مكوّناتها ومقاديرها، وامتهنّ صناعتها واحترفن تجارتها، لينتج عن طبخها مادة صلبة قابلة للتدخين ولكن ليس للاشتعال، فبمجرّد وضع بضع حباتٍ منه على الجمر المشتعل، يشتعل البخور ضمن المبخرة مُصدرًا الدخان الزكي الرائحة فقط دون لهيب.


أنواع البخور العدني

للبخور العدني أنواع عديدة، وفقًا لنوع المواد المستخدمة في الخليط النباتي، وهي ما يحددّه الغرض من استخدامه، فهناك الأنواع الباهظة الثمن وهي ذات الجودة العالية لمكوناتها، وأخرى متوسطة، بالإضافة للأنواع الرخيصة، ويمكن تقسيمها إلى ما يلي:

  • البخور العرائسي (الأبيض): أغلى أنواع البخور وأجودها، تستخدمه العروس بشكلٍ خاصٍّ، وهو السبب في تسميته، فتلجأ له لتعطير وتبخير ملابسها وجسدها ومنزلها، وتدوم رائحته لفترة طويلةٍ، لذلك حظي بشعبيةٍ كبيرةٍ في معظم دول الخليج، أمّا سعره الغالي والذي يتراوح بين 25-40 ألف ريال يمني فيعود لاستخدام أفضل أصناف المسك وعود الند والعنبر.
  • البخور العدني الممتاز: يأتي في المرتبة الثانية بعد البخور العرائسي من حيث الجودة والنوعية، ويُصنع للاستخدامات اليومية غالبًا.
  • البخور العدني المنزلي: أرخص ثمنًا من الأنواع السابقة، وأقلّ جودةً منها ومن حيث المكونات الداخلة في تصنيعه.
  • البخور العادي: بسبب الحاجة لبعض الأنواع في الحمامات والمطابخ، يُصنع هذا النوع الرخيص من البخور العدني.

وهناك البخور العدني البني والذي ويحتوي على المكونات ذاتها المستخدمة في البخور العادي، ولكن يختلف عنها بطريقة صنعه، فتُطحَن نصف كمية المواد ويبقى القسم الآخر كما هو، والبخور الأسود الذي يماثل النوع البني، ولكن يُستخدَم العفص الأسود في تصنيعه؛ فيضفي عليه اللون الأسود.


طريقة صنع البخور العدني

تتشابه طريقة التصنيع لأغلب أنواع البخور والمواد الداخلة في تصنيعها، ويحدث الاختلاف فقط في نوعية وجودة هذه المواد، مع فروقات بسيطة في طريقة التحضير، وبعض الإضافات والمكملات التزيينية، تختلف صناعة وتحضير البخور العدني بحسب نوعية المواد المستخدمة التي تنعكس على جودته وسعره.

وعمومًا، يمكن إيجاز الطريقة المُتبعة لدى أغلب النساء في عدن بعدة خطواتٍ تبدأ بإحضار المواد والمكونات الأساسية، وهي العود والعطر والمسك والعنبر والظفري والعفص والسكر والماء، أما المقادير والمعايير فتبقى جزءًا من سرّ المهنة.

تُسحق جميع المكونات مُشكّلةً خليطًا يدعى (الحوائج)، ثم يغلى هذا المسحوق على نارٍ هادئةٍ، مع الماء العادي أو ماء الورد ويضاف لهم السكر ثم المسك والعنبر وحتى يتماسك المزيج، ويُسكَب في وعاءٍ مدهونٍ بالعطر، ثم يُترك ليجف، وبذلك نصل إلى الخطوة النهائية في صنع البخور العدني وهي تقطيعه إلى قطعٍ صغيرةٍ ثم التعبئة والتغليف لتكون جاهزةً للبيع، وعلى الرغم ممّا توحيه الطريقة من سهولةٍ، إلا أنّ الأمر يحتاج إلى حرفيةٍ وخبرةٍ في اختيار المواد ومعاييرها.

طريقة صنع البخور العدني

بخور العرائس

أما بخور العرائس العدني فيُصنَّع كما يلي:


المكونات

  • نصف كيلو من الخشب.
  • نصف كيلو من العفص.
  • دنة.
  • ربع أوقية من المسك السويسري.
  • ربع زهرة تولا العطر الطائفية.
  • ربع زهرة تولا المدخن برائحة العنبر.
  • كيسان من العنبر.
  • أوقية الزباد.
  • كيسان من البخور.
  • كوب من مسحوق السكر النباتي.
  • نصف كوب ماء الورد.

طريقة التحضير

  1. نبدأ في طحن المواد وتحويلها إلى مسحوقٍ ناعمٍ، ومن الممكن هنا استخدام طاحونة القهوة المنزلية.
  2. وبكمية ماءٍ معادلةٍ لكمية السكر، نسخّن الماء حتى الغليان.
  3. بعد الغليان يضاف كلٌّ من اللدنة والزباد للماء ويخلط المزيج جيدًا.
  4. في وعاء آخر، يُخلط كلٌّ من السكر والماء وعطر الورد مع العنبر، وصولًا للمزيج المتماسك.
  5. يخلط المزيجان معًا، فيتشكل مزيجٌ جديدٌ أكثر سماكةً، ويخلط جيدًا حتى تظهر الفقاعات.
  6. يُسكب المزيج في صينيةٍ عميقةٍ، أو قوالب الكيك المدهونة بالعطر، أو في قوالب خاصة بالبخور، ويترك حتى يتماسك ويجف.
  7. بعد التصلب يقطع الخليط إلى أشكالٍ خاصةٍ وجاهزةٍ للاستخدام.

فوائد البخور العدني

للأبخرة والمواد العطرة فوائد عديدة على الدماغ، والبخور أحدها، فيتميز بما يلي:

  • يحسن العملية الإدراكية، والقدرات الذهنية: فتساعد أبخرة البخور على تنبيه الجسم للتخلص من المواد الضارة، ويساعد على التركيز وتعميق الوعي وتحفيز التفكير.
  • علاج الضعف الجنسي: لأنه يعزز إفراز بعض المواد العصبية المسببة للإثارة الجنسية لكلٍّ من الرجال والنساء، ويساعد الرجل على الانتصاب.
  • يحفز الإبداع: يوزان البخور طاقات الجسم ويجددها له، الأمر المساعد على تنشيط الدماغ، وزيادة القدرة على الابتكار والإبداع.
  • التطهير: والقضاء على المكروبات الضارة المنتشرة في الهواء، فيحمي من انتشار العدوى.
  • الاسترخاء: وتخفيف آلام الصداع لأنه ينشط الدماغ على إفراز بعض الهرمونات كالدوبامين والسيروتونين، وهي بدورها توسّع الجيوب الأنفية وتنظّم ضربات القلب وضغط الدم فنساعد على الاسترخاء.

على الرغم مما حملته الحرب من ويلات على اليمنيين إلا أنهم حافظوا على جذورهم، وبقي التراث اليمني جزء متأصلا في أرواح أهله، كما تعبق بيوته بروائح البخور الزكية في المناسبات والأعياد والاحتفالات.

هل أعجبك المقال؟