جبل ايفرست

أنس بشناق
أنس بشناق

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

قمة ايفرست تقع على إحدى سلسلة جبال الهيمالايا جنوبي آسيا على الحدود بين دولة النيبال، ومنطقة التيبت ذاتية الحكم من الصين. ترتفع القمة علو 8850 مترًا فوق سطح البحر، لتكون بذلك الأعلى في العالم أجمع.

يقدس السكان المحليون قمة الجبل كغيرها من سلسلة الجبال، ويطلقون عليها اسم تشومولانغما (Chomolungma) أو الآلهة أم الأرض أو ألهة الوادي، واسمها السنسكريتي ساغراماثا (Sagarmatha) يعني ذروة السماء. لم يتم الاعتراف بقمة جبل هيمالايا كأعلى قمةٍ في العالم حتى عام 1852، حين أقرت الحكومة الهندية ذلك في إحصاءٍ رسميٍّ لها، وأطلق على الجبل اسمه الحالي في عام 1865 نسبةً لجنرال الإحصاء البريطاني في الهند السيد جورج إفرست (George Everest)، الذي استمر في منصبه بين عامي 1830 و1843.


بيئة ومناخ جبل ايفرست

تغطي قمة الجبل ثلوجٌ قاسيةٌ كالحجر مغطاةً بطبقةٍ من الثلج الطري تتفاوت سماكتها على مدار العام ما بين الخمس والعشرين قدمًا. ارتفاع الثلج يبلغ أوجه في سبتمبر بعد الهطولات الموسمية، في حين تنقص سماكته في أيار بعد انجرافه مع الرياح الشمالية الغربية الشتوية. الذروة والسفوح العليا تقع على ارتفاعٍ شاهقٍ من سطح الأرض لدرجة أن الأكسجين المتاح للتنفس عندها يصل إلى ثلث نسبته عند سطح البحر، وإنّ نقص الأكسجين، والرياح الشديدة والبرودة القارصة كلها عوامل تحول دون نمو النباتات أو انتشار الحياة البرية. 

يمتاز مناخ جبل أو قمة ايفرست بكلّ السمات التي تعادي الوجود الحيّ، وعلى مدار العام. متوسط درجات الحرارة الأكثر دفئًا منتصف اليوم (في تموز) تصل إلى ْ19- مئوية عند القمة. في كانون الثاني، الشهر الأكثر برودةً، قد يصل متوسط درجة حرارة الذروة حتى ْ36- مئوية في حين تنخفض حتى حدود ْ60- مئوية. قد تهب العواصف أو تنخفض درجات الحرارة فجأةً وبدون أيّ إنذارٍ. تتعرض القمة للرياح بشكلٍ شبه مستمرٍ، وقد تبلغ سرعتها حتى 160 كيلومترًا في الساعة، وتهطل الثلوج في أثناء الصيف بشكلٍ دوريٍّ، ليتعرّض متسلقو الجبال لخطر الإصابة بلذعة الثلج بشكلٍ دائمٍ.


السكان الأصليون

يسكن الوديان أسفل سلسلة الجبال قبائل يتحدثون اللغة التبتية، من بين هؤلاء قوم الشيربا (Sherpa) الذين يعيشون في قرى قد تصل بارتفاعها حتى 4270 مترًا في وادي خومبو في النيبال ومناطق أخرى. مزارعون، رعاة، وتجار، يعيش الشيربا حياةً أشبه بالبدو الرّحل، حيث يتنقلون بين مراعٍ قد تصل بارتفاعها حتى 4880 متر في الصيف، وبين ملاجئ منخفضة الارتفاع قريبةً من مجاري الأنهار في الشتاء.

يعتنق الشيربا الديانة البوذية، وقد قاموا على مر التاريخ ببناء معابدٍ عند قواعد سلسلة الجبال، ورفع رايات الصلاة على سفوحها. مع بداية الحملات البريطانية مطلع القرن العشرين، أصبح متاحًا أمام الشيربا وسكان المنطقة الآخرين العمل كدليلٍ للمنطقة، وحمالة للمتاع كونهم أكثر تكيفًا مع المنطقة من غيرهم من المتسلقين. لا يزال سكان المنطقة إلى الآن يكتسبون رزقهم من السياح والمتسلقين الذين يأتون إلى المنطقة.


تسلق قمة ايفرست

تسلق جبل إيفرست بارتفاعه الشاهق يعد أعظم إنجازٍ لأي متسلق جبالٍ، وكل سنةٍ، يحاول المئات من جميع أنحاء العالم صعود الجبل، إلا أن العديد منهم لا ينجح نظرًا لعلوه ومناخه الخطر. على من يحاول الوصول إلى القمة أن يتمتع بقدرةٍ فيزيولوجيةٍ وسيكولوجيةٍ عاليةٍ، حيث أن خطأً واحدًا قد يودي بحياة المتسلق. من الجدير بالذكر أن أكثر من 300 متسلقٍ قضوا نحبهم على سفوح قمة ايفرست منذ عام 1922.

في العام الماضي، لقي أكثر من 11 شخصًا مصرعهم محاولين صعود الجبل في ما يعد أحد أكثر الحوادث التي شهدتها المنطقة ألمًا، متخلفًا في عدد الضحايا فقط عن الحادث الذي جرى عام 2015 حين توفي 19 متسلقًا بنتيجة انهيارٍ جليديٍّ.

تبعًا لهذه الأحداث، اقترحت لجنةٌ على الحكومة النيبالية فرض مجموعةٍ جديدةٍ من القوانين تجبر الراغبين بتسلق قمة ايفرست على تأكيد أنهم متسلقو جبالٍ محترفون، واقترحت أيضًا ألّا يُسمح بتسلق قمة ايفرست إلا لمن تسلق حتى ارتفاع 6500 متر سابقًا، ومن يستطيع تأمين شهادة تثبت قدراته الفيزيائية، ومن يوظف دليلًا محترفًا يساعده.

إن السبب الأساسي وراء الحوادث التي حصلت مؤخرًا يكمن في الاكتظاظ وكثرة عدد المتسلقين ضمن الحملة الواحدة. حيث يشتكي الكثيرون من الازدحام الذي يحصل في المنطقة بالمسماة المنطقة الميتة، والتي ترتفع على سفح الجبل أكثر من 8000 مترٍ عن سطح الأرض. عند هذه النقطة يصبح الهواء خفيفًا جدًا، ويستعمل عندها العديد من المتسلقين أقنعةَ الأكسجين للتنفس، ومع ذلك يبدأ العديد منهم بالهذيان نتيجة نقص الأكسجين.

في عام 2019، توفي متسلقان اثنان على الأقل نتيجةً للإجهاد في أثناء رحلة النزول. كل هذا لم يثنِ العديد من السياح عن دفع مبالغٍ تتراوح بين 25000$ و75000$ دولار لإتمام رحلة العمر نحو القمة.

لربما كان أسوء ما في الأمر هو حقيقة أن جثث المتسلقين الذين يفقدون حياتهم على سفح الجبل تبقى عالقةً في مكانها، حيث أن إزالة الجثث تكلف الكثير من الوقت والجهد والمال.

هل أعجبك المقال؟