لماذا تطير الطائرات في طبقة الستراتوسفير؟
تقلع الطائرة من مدرج المطار وترتفع حتى تصل إلى الارتفاع المناسب في حركةٍ انسيابيةٍ نحو الأمام والأعلى، وعند وصولها إلى العلوّ المناسب تتخذ الوضع الأفقي وتبدأ بالطيران في وجهتها المحددة. تُحلّق أغلب الطائرات النفاثة التي تُستخدم للأغراض التجارية (نقل البضائع والركاب).
ينقسم الغلاف الجوي إلى أربع طبقاتٍ رئيسيةٍ وذلك اعتمادًا على تغير درجة حرارته، لكن لماذا تطير الطائرات في طبقة الستراتوسفير؟
طبقة الستراتوسفير أو المتكور الطبقي أو الغلاف الجوي الطبقي هي إحدى طبقات الجو، يكون الهواء فيها جافًا وباردًا ودرجة الحرارة ثاتبة ولا تحوي بخار ماء أو تيارات هوائية وهي المكان التي تطير فيه الطائرات.
تعد طبقة الستراتوسفير المكان المثالي لطيران الطائرات وذلك لعدة أسباب أهمها:
- قلة الاضطرابات الجوية التي تحدث هناك مما يعني تجنب العواصف الرعدية وأحوال الطقس السيئة.
- الهواء في طبقة الستراتوسفير جاف بالتالي لا يوجد الكثير من السحب مما يجعل رحلة الطائرة أسهل وأكثر سلاسة وتقطع مسافات كبيرة بدون أية عوائق.
- في الارتفاعات العليا لا يوجد مقاومة هواء كبيرة بالتالي لا تستهلك الطائرات الكثير من الوقود.
- مقاومة الهواء في الستراتوسفير هي نصف المقاومة الموجودة على الأرض مما يعني أن الطائرة قادرة على الحفاظ على سرعة ثابتة مع صرف قليل للطاقة، ولا يدخل الكثير من الهواء إلى محرك الطاقة فيحافظ على سلامته لفترة أطول.
- من خلال الطيران في طبقة الستراتوسفير يتجنب كابتن الطائرة الأجسام والطائرات الصغيرة التي قد تهدد سلامة الطائرة.
- يؤدي الطيران على ارتفاع عالٍ إلى إعطاء كابتن الطائرة متسعًا من الوقت لحل المشاكل أو الطوارئ التي قد يواجهها.
- يوجد كمية أوكسجين مناسبة في طبقة الستراتوسفير
- ممكن أن تزيد التيارات الرياح المتدفقة من سرعة الأرض وبالتالي تجعل الرحلة أقصر وذلك ضمن شروط معينة، تتحرك هذه التيارات من الغرب إلى الشرق، ويوجد ثلاثة أنواع منها في نصف الكرة الشمالي، مما يجعل الرحلات من أمريكا الشمالية إلى أوربا أسرع من الرحلات التي تكون بالعكس.
- ولا يمكن طيران الطائرات في الطبقات الأعلى لأنها تحتاج إلى كمية من الهواء التي تساعدها على الرفع والحفاظ على سرعتها.
- هذا الارتفاع يسمح للطيار باستدراك أي عطل أو خطأ أثناء الطيران.
ما هي طبقة الستراتوسفير؟
تقع طبقة الستراتوسفير وهي الطبقة الثانية من الغلاف الجوي على ارتفاع يتراوح بين 18 و 50 كيلومترًا وتُعتبر هذه الطبقة من أكثر طبقات الغلاف الجوي ملائمة لحركة الطيران إذ تطير في طبقاتها الدنيا أغلب الرحلات التجارية.
طبقة الستراتوسفير هي الطبقة الأهم بالنسبة لنا، فهي طبقة مستقرّة نسبيّاً، وهي الطبقة الثّانية من الغلاف الجويّ كلّما تقدمت للأعلى، تبدأ طبقة الستراتوسفير على ارتفاع عشرة كيلومترات فوق الأرض، وتنتهي على ارتفاع 50 كم (31 ميل).
تتألّف هذه الطبقة من عنصر الأوزون الذي يتألّف من ثلاث جزيئات من الأكسجين، وهو يسخّن هذه الطّبقة لأنّها تمتصّ الطّاقة من الأشعّة فوق البنفسجيّة القادمة من الشّمس، فترتفع درجات الحرارة عندما يتحرك المرء إلى أعلى عبر الستراتوسفير، فتطير الطّائرات النفّاثة التّجارية في طبقة الستراتوسفير السفلى لتجنّب الاضطرابات التي يمكن أن تحدث في طبقة التروبوسفير أدناه.
الستراتوسفير جافّ للغاية، الهواء هناك يحتوي على القليل من بخار الماء، وبسبب هذا تمّ العثور على عدد قليل من الغيوم في هذه الطبقة، فتحدث جميع السّحب تقريباً في طبقة التروبوسفير السفلى الأكثر رطوبة. الهواء هنا في السراتوسفير أرّق ألف مرة ممّا هو عليه في مستوى سطح البحر، وبسبب هذا تصل الطّائرات النفاثة والبالونات الجوية إلى ارتفاعاتها التشغيلية القصوى داخل الستراتوسفير.
تؤثر أنواع مختلفة من الأمواج والمد في الغلاف الجوي على الستراتوسفير. بعض هذه الموجات والمد والجزر تحمل الطاقة من التروبوسفير إلى الأعلى إلى الستراتوسفير، أمّا البعض الآخر فينقل الطّاقة من الستراتوسفير إلى الأعلى. تؤثر الموجات والمد والجزر على تدفق الهواء في الستراتوسفير ويمكن أن تسبب أيضًا تسخينًا إقليميًا لهذه الطبقة من الغلاف الجوي.
أسباب اقتصادية لطيران الطائرات في طبقة الستراتوسفير
من الناحية النظرية يمكن للطائرات أن تطير في طبقاتٍ أعلى أو أدنى من ذلك، ولكن أغلبها يُحلق في الستراتوسفير لسببين اقتصاديين:
- يعود الطيران فيها للكفاءة الاقتصادية للطيران حيث أنه وفي طبقة الستراتوسفير الهواء جافٌ وتنخفض الرطوبة النسبية بشكلٍ كبيرٍ بحيث لا تتواجد الغيوم إلا بشكلٍ نادرٍ ما يُيسر الرؤية ويُسهل حركة الطائرة، كما أن كثافة الهواء أقل بكثيرٍ من الطبقات الدنيا ما يُخفّف الاحتكاك وقوى مقاومة الهواء للطائرة، وهو ما يُخفض استهلاك الوقود.
- قد تفترض أنه مع الارتفاع فوق طبقة الستراتوسفير ستنخفض أيضًا قوى الاحتكاك بانخفاض كثافة الهواء ويزداد توفير الوقود، وهو أمرٌ صحيحٌ نسبيًا لكن ينبغي أن تعلم أن حدًا معينًا من الاحتكاك بين الهواء وبدن الطائرة هو العامل الأساسي الذي يُمكّن الطائرة من الحفاظ على ارتفاعها واستقرار الطيران، فلا يُمكن لها أن تطير في منطقةٍ تنخفض فيها كثافة الهواء دون حدٍ معينٍ.
خُلاصة القول أن الطيران ضمن طبقة الستراتوسفير يحقق درجةً من التوازن المهم تتطلب انخفاض كثافة الهواء للدرجة التي تخفف مقاومته لأقلّ درجةٍ ممكنةٍ تستمر عندها قدرة الطائرة على الطيران بثباتٍ.
أما بالنسبة للطائرات المُخصّصة للاستخدامات العسكرية تتغير الأولوية من غرض إنتاج الطائرة وهو ما يُسبب تصميمًا مختلفًا فتكون النسبة بين حجم الجناح وحجم الطائرة في الطائرات العسكرية أكبر بكثيرٍ منها في الطائرات التجارية وهو ما يسمح لها بالتحليق بسهولةٍ في الطبقات العليا من الستراتوسفير وفوقها حيث تنخفض كثافة الهواء بشكلٍ كبيرٍ.