لماذا تكون درجات الحرارة في المناطق القريبة من البحار معتدلة صيفا شتاء؟
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
بفرض أنّ لدينا مدينتين تقعان على دائرة العرض ذاتها وفي نفس الدولة من الطبيعي أن تفترض أنّ كلا المدينتين لديهما المناخ ذاته، ولكن ماذا إن قلت لك أن إحدى هاتين المدينتين تتمتع بمناخٍ أبرد من الأخرى التي تتمتع بمناخٍ معتدل وأنّ درجات الحرارة وهطول الأمطار تتفاوت كثيرًا بين هاتين المدينتين فكيف ستفسر الأمر؟ التفسير الأكثر منطقية لهذه الحالة سيكون أنّ إحدى هاتين المدينتين ساحلية في حين أنّ الأخرى لا يُجاورها بحرٌ أو محيط.
تأثير المسطحات المائية على المناخ
يمكن للمسطحات المائية الكبيرة المجاورة لليابسة أن تؤثر بشكل كبير على مناخ المناطق المحيطة بها وعلى درجات الحرارة أيضًا فتتغير درجات حرارة المناطق الساحلية مع تغير درجات حرارة المحيطات والبحار، أي أنّها تتغير بشكل بطيء ودون التقلبات الحادة التي يمكن لك أن تشاهدها بكثرة في المناطق الداخلية البعيدة عن البحر.
وتحمل التيارات البحرية (مثل تيار الخليج) الحرارة معها من المناطق المدارية وبذلك تؤثر على مناخ المناطق البعيدة وتؤثر على نسبة هطول المطر لأنّ الماء الدافئ يزيد من نسبة تبخر الماء فيزيد احتمالات الهطول بالمحصلة.
فأحد الخصائص التي يتميز بها الماء هي قدرته على تخزين الطاقة أفضل بكثير من العديد من المواد الأخرى إذ أنّ كمية الطاقة اللازمة لزيادة درجة حرارة كمية معينة من الماء بمقدار 1 سيليزيوس تساوي تقريبًا 4 مرات ونصف مقدار الطاقة اللازمة لتسخين كتلة مساوية لها من الأرض ونتيجةً لذلك فإنّ المساحات المائية تسخن وتبرد بشكلٍ أبطأ من اليابسة المجاورة لها وبذلك فإنّ درجات حرارة هذه المساحات تتغير بشكل أقل من تغيرات حرارة اليابسة.
ففي المناطق الواقعة شمال أو جنوب المناطق الاستوائية تطلق المسطحات المائية الضخمة (مثل المحيطات) كميات كبيرة من الحرارة خلال فصل الشتاء وفي المقابل فهي تمتص كمياتٍ كبيرة من الحرارة أيضًا في فصل الصيف، مما يُساعد على الحفاظ على درجات الحرارة معتدلةً بعض الشيء في المناطق القريبة منها.
المحيط كمخزن للحرارة
يمكنك وصف الأمر وكأن المحيط هو مخزن للحرارة (مخزن شديد الفعالية في الواقع) حيث يمكن لطبقة المياه في المحيط على عمق 3 أمتار فقط أن تحتفظ بكمية حرارة تُعادل الحرارة التي يحتفظ بها الغلاف الجوي للأرض بالكامل.
تلعب التيارات البحرية أو تيارات المحيط هي الأخرى دورًا كبيرًا ومعقدًا في التأثير على المناخ في المناطق الساحلية فهي تعمل كأحزمة حرارية تنقل الحرارة بعيدًا عن المناطق الاستوائية نحو القطبين، غالبًا ما يتسبب الأمر في رفع درجة حرارة المناطق الساحلية عما ستكون عليه بشكل طبيعي. ومثال ذلك هو تيار الخليج الذي ينقل الحرارة على طول الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية وصولًا إلى أوروبا مما يمنح أوروبًا مناخًا أكثر اعتدالًا مما سيكون عليه دون وجود هذا التيار.
لتتأكد من الأمر بشكلٍ أسرع يمكنك استخدام نسيم البر ونسيم البحر اللذين نشهدهما بشكل كبير قرب المسطحات المائية في فصلي الربيع والصيف، ففي فترة الظهيرة تسخن اليابسة بشكلٍ أسرع من البحر وبذلك ينخفض الضغط الجوي فوقها، وهذا الفرق في الضغط الجوي يتسبب في ظهور نسيم البحر الذي يعمل يُساهم بشكل واضح في تبريد الجو وإنعاش الأشخاص المتواجدين قرب الشاطئ.
وفي المقابل يحدث نسيم البر بعد الغروب حين تبرد اليابسة بسرعة أكبر من البحر فيصبح الضغط الجوي فوق الماء أعلى فيهب النسيم من اليابسة باتجاه البحر.