ما المقصود بالجبال الالتوائية؟

لطالما تواجدت الجبال في الكرة الأرضية ودومًا رافقت الحضارات البشرية. مهما تعددت الشعوب التي تتعاقب على منطقة ما تبقى الطبيعة بأنهارها وجبالها باقيةً تنتظر القادم من البشر. بالرغم من قِدم تعايش الإنسان مع الجبال إلا أنه بدأ قبل وقتٍ ليس ببعيدٍ في دراستها ومعرفة أسرارها وظروف تشكلها وأنواعها. ربما تكون الجبال البركانية هي محط اهتمام الكثيرين من علماء البيئة والجيولوجيا إلا أن الجبال عمومًا قيد الدراسة والتحليل لفهم تاريخها وبنيتها.

الجبال الالتوائية أو الملتوية (Fold Mountains) هي واحدة من أضخم أنواع الجبال وأكثرها شيوعًا في العالم، تتشكّل بشكل رئيسي من اصطدام اثنتان من الصفائح التكتونية الأرضية أو أكثر، والصفيحة الأرضية بشكل عام هي لوح أو قطعة صخرية سميكة من الغلاف الصخري المُحيط بالقشرة الأرضية تتحرّك كل صفيحة بشكل مستقلّ عن الأخرى لتَتشكّل تضاريس سطح الكرة الأرضية ومن هذه التضاريس الجبال.

وبالعودة إلى آلية تشكّل الجبال الالتوائية، وكما ذُكِر للتوّ فإنّ هذه الجبال تتشكّل في البداية من اصطدام الصفائح الأرضية المُتجاوِرة ومن ثمّ يولّد هذ الاصطدام انزلاقًا للصفيحة الأثقل تحت الصفيحة الأقل وزنًا، ومع تكرار هذه العملية على مدار ملايين السنين وتعرّض المنطقة للزلازل والحركات الأرضية الأخرى، يزداد الضغط من الأسفل باتّجاه الأعلى على الطبقات الرسوبية والصفائح المتراكبة فوق بعضها البعض والتي تُشكّل طيّات متتالية يرتفِع مستواها وتشكّل سلاسل جبلية ضخمة تُسمّى بالجبال الالتوائية، قد يحدث الاصطدام بين صفيحتين متعادلتين بالكثافة، عندها تتفتّت كِلتا الصفيحتين وتنزلقان تحت الصفائح المتراكِمة الأخرى وتسير آلية التشكُّل بشكلها الطبيعي.

تُعرَف آلية تشكّل الجبال الالتوائية بالاندساس أو الغوص، وقد اشتُقَّ هذا الاسم تِبعًا لانزلاق الصفائح تحت بعضها البعض، ويُسمى النطاق الذي يشهَد غوص الصفيحات الأرضية بـ”نطاق الاندساس”، كما قد يُطلَق على هذا النوع من الجبال اسم جبال الطيّ أو الطيّات أيضًا إلى جانب الجبال الالتوائية.

تتميّز الجبال الالتوائية في أغلب الأحيان بشكلها المُقوّس أكثر من أنواع الجبال الأخرى وذلك بسبب الفارق الكبير نسبيًا بين طول الجبل وعرضه، كما تقع غالبية هذه الجبال على طول هوامش القارات مُقتربة من حواف المُحيطات، ومن أشهر هذه الجبال:

تُصنّف الجبال الالتوائية حسب عمرِها أو الإطار الزمني الجيولوجي إلى نوعين:

تقسم الجبال عمومًا إلى 4 أنواعٍ وهي:

وهي كما ذكرنا الجبال الأكثر ضخامةً وشيوعًا على سطح الأرض ومن أمثلتها: جبال الألب والهيملايا والإنديز. لفهم آلية تشكّل هذه الجبال لابد من فهم خاصية التكتونية للصخور. كما هو معروفٌ فإنّ الطبقة الصخرية في الأرض تتكون من صفائحٍ متحركةٍ بشكلٍ مستقلٍ. عدد هذه الصفائح 7 بالإضافة الى أنواعٍ صغيرةٍ أخرى. عند اصطدام الصفائح تتدرج الصفيحة الأثقل أسفل الصفيحة الأخف. في حال كان للصفيحتين نفس الكثافة فإن اصطدامهما سيؤدي إلى تفتتهما وتندفع بعضٌ من هذه الصفائح للأعلى مشكلةً ما يسمى ب”الجبال الملتوية”. طبعًا هذه العملية لا تحدث بسرعةٍ وإنما تحتاج إلى ملايين السنين لاكتمالها.

 تشكلت نتيجة تحرك الصخور فوق بعضها البعض صعودًا ونزولًا. وهي تعدّ أيضًا نتيجةً لما يحدث في حالة الجبال الملتوية ولكن هنا تبرز فقط القطع الصخرية الضخمة جدًا والتي قد تبلغ أبعادها: الطول 650 كم وعرض 80 كم. كمثال على هذه الجبال لدينا: Vosges وRhine Valley في قارة أوربة، وجبال Sierra Nevada. هناك حالةٌ أخرى تسبب ظهور هذه الجبال وهي تصدع الوديان كما في قارة إفريقيا. كما تتميز هذه الجبال بانحدار جزءٍ منها بشكل حادٍ وبشكلٍ متدرجٍ في الجزء الآخر.

 وهي ما يعرف أيضًا بالبراكين. وهي أكثر الجبال إثارةً بسبب الحمم البركانية والنشاط الخطير التي يرافق هذه الأنواع من الجبال. تتشكل هذه الجبال عند اندفاع المواد المنصهرة من باطن الأرض إلى السطح لتنفجر على شكل حممٍ وعند تبريدها تتراكم فوق بعضها البعض لتشكل جبلًا.

ومن أمثلتها جبل Fuji في اليابان وجبل Rainier في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يعدُّ شديد النشاط. المثير للانتباه هو أن قمة إيفرست هي أعلى قمةٍ موجودةٍ في العالم فوق سطح البحر إلا أن جبل Mauna Kea البركانيّ الخامد (الموجود في جزر هاواي) هو أعلى جبلٍ في العالم عمليًا بطولٍ يبلغ 10000 متر إلا أن جزءًا كبيرًا منه مغمور وفقط ما يقارب ال 4000 متر هو ما يعلو منه فوق مستوى سطح البحر.

 تشكلت نتيجة ارتفاع حرارة الماغما تحت القشرة الأرضية، حيث تشكل الصهارة الموجودة في باطن الأرض كتلًا وانتفاخاتً لدى اندفاعها إلى السطح ومع الزمن تتعرض للتآكل والتقشير وتأخذ شكل القبب عند تبريدها وتصلبها.

ويعتبر كل من جبل Black Dome وجبل- Round: وهما من جبال سلسلةٍ بركانيةٍ تشكلت قبل 1.6 مليون سنة تقريبا في كندة-هما أحد أمثلة هذه الجبال.

وهذه كانت أهم أنواع الجبال الموجودة في كرتنا الأرضية ولكن بالطبع هناك أنواعٌ أخرى، إلا أنها أقل دراسة وشهرة من التي ذكرناها، فدراسة الجبال كغيرها من الدراسات الجيولوجية التي تحتاج إلى عشرات السنين للوصول الى الأجوبة الكافية التي تفسر الظواهر المدروسة.