ما المقصود بخطوط الحرارة المتساوية؟
خطوط الحرارة المتساوية أو ما يُعرف بـ Isothermal lines هي عبارة عن خطوط وهمية يتم رسمها على أي خريطة تمثّل سطح الأرض لمنطقة ما، بحيث تصل هذه الخطوط بين الأماكن التي تتمتّع بدرجات حرارة متساوية نسبيًا فتتساوى بمعدّل درجات الحرارة الشهرية أو السنوية؛ ذلك نسبة لارتفاع هذه المعدّلات عن سطح البحر.
فتكون هذه الخطوط مؤشرات لطيف درجات الحرارة في المنطقة وتغيّراتها بين خط وآخر، بالتالي مصطلح Isothermal lines هو مصطلح جغرافي وفيزيائي أيضًا، ففي الفيزياء يعرّف خط الحرارة المتساوي بأنه الخط المنحني الذي يمثّل العلاقة بين متغيرين مثل الضغط والحجم وفقًا لعامل درجة الحرارة الثابت.
طريقة رسم مخطط البيانات Isogram
مخطط البيانات Isogram لدرجة حرارة الهواء أو التربة أو الماء لأي منطقة يرسم عادة بشكل خرائط من النوع السابق أي Isothermal maps بحيث توضّح درجة الحرارة الشهرية الوسطية لكل خط حراري متساوي في هذه المنطقة على مدى عدّة أعوام، أو درجة الحرارة في يوم محدد لأي خط منها، ومعاين التنوع الحراري في مختلف الأوقات والفصول والأعوام. ولإلغاء تأثير الارتفاع عند رسم هذه الخطوط على الخريطة يتم تخفيض درجات الحرارة لكل خط وفقًا لارتفاعها عن سطح البحر؛ باعتبار أن درجة حرارة الهواء تنخفض بمقدار 0.6 درجة مئوية مع كلّ 100 متر ارتفاع عن سطح البحر.
خطوط الحرارة المتساوية ليست خطوطًا مستقيمة بالطبع فهي تتماشى مع التضاريس الجغرافية أحيانًا ومع الارتفاع بالنسبة لسطح البحر أحيانًا وغيرها من الاعتبارات، بل هي خطوط منحنية قد تكون شديدة الانحناء في أماكن أو قليلة الانحناء في أماكن أخرى، توضّح انحناءاتها وتعرّجاتها أثر العوامل الجغرافي العديد كالغطاء النباتي ونوعه، وتوزع اليابسة والماء، والتيارات البحرية والرياح وغيرها.
أمّا اتجاه هذه الخطوط على الخرائط فهي عادة ما تتّجه من الشرق إلى الغرب وفقًا لاتجاه خطوط العرض، والسبب في ذلك أن هذه الخطوط تؤثّر على التوزع الحراري أو بالأحرى تقسّم الكرة الأرضية إلى مناطق حرارية أكبر ذات طيف حراري واسع أكثر من المناطق التي تصل بينها خطوط الحرارة المتساوية.
المناطق التي تقع في خط عرض محدد يصيبها القدر ذاته من الإشعاع الشمسي تقريبًا، وهو ما يفسّر قلّة تعرّج وانحناء الخطوط الحرارية المتساوية السنوية عند الاقتراب من الدائرة القطبية الجنوبية التي يتفوّق فيها امتداد الماء على اليابسة كثيرًا، ونلحظ العكس تمامًا عند الاقتراب من الدائرة القطبية الشمالية التي تتفوق فيها اليابسة، وتكون فيها الانحناءات أكثر تعرجًا من غيرها في أي مكان على الأرض.
طريقة الحصول على Isothermal maps
للحصول على Isothermal maps أي الخرائط السطحية متساوية الحرارة؛ قام علماء الأرصاد الجوية والباحثون في مجال الطقس بجمع البيانات الحرارية من كل مكان منذ فترات طويل لتحديد الخطوط المتساوية الحرارة وإسقاطها على الخرائط الطبيعية، ذلك بعد أن قام العالم الطبيعي ألكسندر فون همبولت بوضع أول خريطة من هذا النوع عام 1913 في بحثٍ كان يجريه لأكاديمي باريس للعلوم.
وقد شكّلت خريطة فون همبولت علامة فارقة في مجال رسم الخرائط الموضوعي واتّباع نهجه وتطويره للحصول على خرائط أدقّ وأكثر تطورًا، فاليوم يتم إدخال متغيرات الطقس في كل أرجاء العالم إلى الحواسيب التي تقوم بتطوير هذه الخرائط وتوظيفها لمعرفة التغيرات الحرارية لنفس الأماكن بين الماضي والحاضر لتنبؤ المستقبل، كما تستخدم في نشرات أخبار الطقس حيث توضع الأحوال الجوية اليومية على هذه الخرائط (أي درجات الحرارة اليومية)، وأحيانًا ما يتم مقارنتها مع درجات الحرارة لذات التاريخ في العام الفائت، لذا تعدّ Isothermal maps أفضل الطرق لمقارنة المناخات الحرارية.
آليات كوكب الأرض لتنظيم الحرارة
تشمل الأرض تقلبات مناخية شديدة، وتتصف بتنوع كبير في درجة الحرارة بين مختلف المناطق على سطحها، حيث تكون المناطق القريبة من خط الاستواء ذات درجات حرارة عالية جداً، وقد تصل درجة الحرارة فيها إلى 53 درجة مئوية، على العكس من مناطق القطب الشمالي والقطب الجنوبي والتي تعتبر من أكثر المناطق انخفاضاً في درجات الحرارة على الكوكب، حيث سجلت أدنى درجة حرارة فيها 56.5 درجة مئوية تحت الصفر.
الحرارة شكل من أشكال الطاقة فهي تتبع لقانون الطاقة لا تفنى ولا تخلق من العدم، فعند انخفاض درجة الحرارة تتنتقل إلى جسم آخر، وتستمر بالانخفاض ما لم يوجد مصدر مغذي لها، وجسم الإنسان خير مثال على ذلك فهو يملك آليات فائقة الدقة قي التنظيم الحراري التي تتمثل في عمليات الاستقلاب وإنتاج الطاقة.
كوكب الأرض يشمل أيضاً عدة آليات لتنظيم الحرارة على سطحه أو بمعنى أدق التنظيم المناخي حيث تقوم المحيطات بامتصاص ما يقارب من 25% من كمية غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي ينبعث من مخلفات البشر على الأرض، ويتم هذا الامتصاص في السبعمئة متر الأولى من أعماق المحيط، وخاصة المحيط الهادي والأطلسي نظراً للمسطحات الهائلة التي تغطيها على سطح الأرض بما يقارب النصف.
التصنيف الحراري للأرض
إلا أن عدة دراسات أشارت إلى احتمالية عودة إطلاق هذه الحرارة المخزنة في أعماق المحيطات مرة ثانية إلى الجو، مما قد يسبب كارثة مناخية تضرب بالكوكب.
قسمت الأرض إلى عدة مناطق حسب التصنيف، إلا أن التصنيف المعتمد على خطوط الحرارة كان أكثرها شمولاً، حيث يتم حساب درجات الحرارة بالنسبة إلى الارتفاع عن سطح البحر حيث يعتبر العلامة المرجعية لها، فعند القياس نقوم بإضافة درجة مئوية واحدة لكل 150 متر ارتفاعاً عن سطح البحر، بالإضافة إلى درجة الحرارة الأصلية المقاسة.
إذاً خطوط الحرارة المتساوية هي الخطوط التي تشير إلى المناطق المتساوية فيدرجة حرارتها المعدلة بالنسبة إلى سطح البحر. ويشمل التقييم يوم أو شهر أو سنة، فنستطيع من خلالها معرفة كمية التوزع الحراري على الأرض بمختلف الأوقات والفصول.
تتأثر خطوط الحرارة المتساوية بعدة عوامل قد تؤدي إلى تعرجها وانثنائها، منها اختلاف التوزع بين اليابسة والماء حسب المنطقة وسرعة الرياح والتيارات البحرية، بالإضافة إلى وجود نباتات من عدمها.
تشير الخرائط الحرارية إلى أن خطوط الحرارة السنوية المتساوية في النصف الجنوبي للأرض أقل تعرجاً، وذلك لكثرة الماء فيها على العكس من النصف الشمالي، حيث تتوزع اليابسة بشكل كبير، وتكون التعرجات على أشدها.
تفيد خطوط الحرارة المتساوية بشكل كبير في دراسة التغيرات الحرارية على الأرض، ونستطيع من خلالها معرفة المناطق الأشد حرارة والتي تكون متركزة في القطب الشمالي نظراً لتوزع اليابسة فيها، كما نستدل من خلالها على أن الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية لا يؤثر على خطوط الحرارة المتساوية.
أيضاً نلاحظ أن أكثر المناطق برودة تقع في النصف الشمالي للكرة الأرضية، حيت تصل درجات الحرارة هناك إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر.
نستطيع من خلال خطوط الحرارة المتساوية دراسة تأثير التيارات البحرية على الحرارة، فنلاحظ انحناء شديد ومفاجئ في خطوط الحرارة المتساوية في النصف الشمالي للكرة الأرضية، نتيجة تأثرها بكل من تيار الخليج الدافئ في المحيط الأطلسي، وتيار اليابان الدافئ في المحيط الهادي.