ما قصة إيفار الكسيح؟
على الرغم من الحديث عن إعاقته، إلا أن إيفار ريجارسون والشهير بإيفار الكسيح قد قاد جيوش الفايكنج الوثنية المرعبة، فما قصة إيفار الكسيح؟
كان إيفار ريجارسون أو كما يُعرف باسم إيفار الكسيح يُقدس كمحاربٍ إلهي في الأساطير الإسكندنافية القديمة نظرًا لقوته وذكائه، ويُعرف كشيطان خارج من أعماق الجحيم بحسب الرواية البريطانية نظرًا لما فعل بهم.
يُحكى أن إيفار ذو الأصول النرويجية هو نجل محارب الفايكنغ الشهير راجنار لودبروك وزوجته أسلاوج، استفاد إيفار من ولادته كابن لأبٍ أسطوري بالفعل عن طريق الذهاب ليصبح واحدًا من أشرس المحاربين وأكثرهم تخويفًا في تاريخ الفايكنج.
تمت تسمية ريجارنوس بإيفار الكسيح نتيجة عدم وجود أي عظمة في جسده، وبحسب الأسطورة الإسكندنافية فأن والديه راجنار وأسلاوج كانا مصابان بلعنة تجبرهما على الابتعاد عن بعضيهما لمدة 3 ليالِ بعد زواجهما، وإن لم يستمعا للنصيحة سيرزقان بطفلٍ مشوه، وبالرغم من ذلك لم يكترث راجنار لكلام السحرة وأتى ابنه مشوهًا بالفعل.
بالرغم من عدم امتلاكه للعظام في جسده، كان إيفار شابًا ضخمًا ذو عقلٍ ورأي.
في القرن السابع عشر تم ظهور نظرية جديدة والتي تفيد باكتشاف أحد المزارعين بقايا جثة محارب فايكنغ يبلغ طولها تسعة أقدام، وقد افترض البعض أنه ربما كان إيفار، ولا بد من الإشارة إلى أن هذه النظرية تدعم حقيقة أن إيفار الشهير كان ذو جسد وحجم كبير.
وأيًا كانت النظرية الصحيحة، قد لا نعرف أبدًا حقيقة اعتبار إيفار بدون عظم، لكن كل ما نعرفه أنه لم يخض المعارك.
إيفار في الأساطير الاسكندنافية
بينما تصف الأساطير الإسكندنافية إيفار بأنه ضخم مثل الدب، إلا أنهم يصفونه بأنه كان بارعًا مثل الثعلب.
كان إيفار محبًا لعائلته ومخلصًا لها، وكانوا إخوته يبادلونه ذات المشاعر ويحترمونه ودائمًا ما ينفذون أوامره ويأخذون بنصيحته.
ظهرت وحشية وعنف إيفار عندما عِلم بوفاة والده على يد أحد ملوك مملكة نورثمبريا ميدفيل والذي يدعى بالملك إيلا، حيث قام برمي والده في حفرةٍ تملأها الأفاعي السامة، بعد القبض عليه على شواطئ بريطانيا الشمالية.
عمد إيفار على معرفة كافة التفاصيل الخاصة بقضية مقتل والده حتى يتمكن من رسم خطة الانتقام بأكبر قدرٍ من الكراهية.
في النهاية وبعد تخطيطٍ عميق شكّل إيفار جيشًا يُعرف باسم ” الجيش الوثني العظيم” لينتقم من ملك نورثمبريا، وقام المحاربين بحمله ورفعه فوق درع من أجل محاربة عدوه.
وبالرغم من عقد هدنة بينه وبين الملك إيلا، إلا أن إيفار قد نقض العهد ولم يلتزم بالهدنة وقام بغزو نورثمبريا وقتل الملك إيلا بأكثر الطرق وحشية، حيث قام بتمزيق قفصه الصدري وسحب رئتيه ورش الملح على جروحه ليزيد من ألمه.
ولم يكتفِ إيفار بهذا القدر من الانتصار، بل قام بغزو ما تبقى من إنكلترا، لكنه واجه العديد من الصعوبات عند محاولته السيطرة على مملكة مرسية، واستغرق الأمر حوالي عامٍ من الهجمات المدبرة بعناية وتمكّن أخيرًا من السيطرة عليها.
وفي عام 870 ميلادي، قام إيفار بتوسيع سيطرته، وامتدت الأراضي التي قام باحتلالها من بريطانيا إلى دبلن.
وبحسب الأسطورة توفي إيفار الذي كان يُعرف آنذاك بـ “ملك نورسيمين” عام 873 ميلادي، وعند وفاته طلب إيفار من محاربيه وإخوته بدفنه في المواقع التي كان يشن الغارات عليها ظنًا منه بإن لن يتمكن أحد من هزيمتهم.
مسلسل الفايكينج
ومن الجدير بالذكر أن إيفار الكسيح اشتهر بعد عرض مسلسل الفايكينغ الشهير على قناة History بمواسمه الستة، والذي أثار فضول مشاهديه بدمويته وقوّته وحنكته. فظهر القائد ايفار الكسيح (Ivar the Boneless)، كأحد أبناء ملك الفايكنغ راجنار لوثبروك (Ragnar Lothbrok)، وحاكم يورك (York) في القرن التاسع، وقيل أنّه كان يتحرّك مُتنقلًا على عربةٍ أو على عكازين بسبب عجزه، وهو ما كثرت الأقاويل حوله واختلطت بين ما هو خيال وما هو واقعي، فاتُقد أنه ولِد من دون عظامٍ؛ بسبب لعنةٍ حلّت على والده لعدم انتظاره ثلاثة أيامٍ بعد الزواج لملامسة زوجته أسلوج (Aslaug)، واعتقد البعض وفقًا لما ورد في السجلات التاريخية أنّه عانى من مرض هشاشة العظام.
ويروي المسلسل أن ايفار قاد جيوش الفايكينغ مع إخوته بيورن أيرونسايد (Bjorn Ironside) وهفيتسرك (Hvitserk) وسيغورد سنيك (Sigurd Snake)، واستطاع مع هينجوار (Hingwar) وأومار (Ímar) أحد قوّاد الفايكينغ دخول بريطانيا والسيطرة على دبلن (Dublin) في الفترة الممتدة بين 853 -873 م، وهي الفترة النشطة للفايكينغ والتي شكّلت مادةً دسمةً لنسج الأساطير والقصص الخيالية حول الفايكينغ وتصويرهم كأحد القوى البشرية الخارقة.
والديّ إيفار الكسيح
وقد اختلطت الحقائق بالأساطير بنظرة المخرج في القصة، ونظرًا لارتباط اسم ايفار الكسيح مع أسطورة والده الأيسلندية راجنار لوثبروك، فيمكن معرفة قصته بتتبع أصوله، فدعني أبدا لك مع والدته أسلوج التي تيتمت بعمر الثالثة بعد مقتل والدها المُلقّب بقاتل التنين الأسطوري، لتتبناها إحدى العائلات في النرويج والتي أسمتها بالغراب، أمّا والده فقد كان قد التقى بزوجته الأولى ثورا وأنجب منها أخوي ايفار ايريك (Eirek) وأغنار (Agnar).
أمّا لقائه بوالدة ايفار فكان بعد إحدى الغارات على النرويج، حين طلبها لتكون زوجته على الرّغم ممّا أخبرته به حول تلك اللعنة المرافقة لها والتي تنبأ بولادتها لطفلٍ بلا عظام، لتلد له ايفار الصغير ذو الغضاريف الضعيفة، والذي كبر ليصبح الأقوى والأضخم والأجمل والأكثر دهاءً بين ما تبعه من أخوةٍ له، فكان القائد لهم والمخطط لغزواتهم وحروبهم، والمرجع الأول في استراتيجياتهم، ورامي السهام ذا البنية القوية على الرغم مما ذيع عن خلوه من العظام.
ومن القصص المروية عن قوّته في مواجهة ملك السويد ايستين (Eystein)، الذي واجه جيش ايفار الكسيج ببقرةٍ تتمتّع بقوى سحريةٍ خارقةٍ، حيث انطلق ايفار وأخوته في حملة غزواتٍ ضدّ رغبة والدهم بحثًا منهم عن السمعة والشهرة التي حظي بها، ولكنم وقعوا ضحية الملك مما أدى لمقتل أخويه أغنار وايريك، فما كان من ايفار إلا أن قام بصنع قوسٍ عملاقٍ من أحد جذوع الأشجار ليصيب البقرة السحرية بسهمه الضخم، فيقضي عليها مع باقي جنوده، مُحققًا نصرًا تاريخيًّا على ملك السويد.
لاحقًا قضي على راجنار والد ايفار في انجلترا برميه في حفرة من الثعابين من قبل ملك نورثمبوريا ايلا (Ælla)، مما أجّج نار الغضب والرغبة في الانتقام لدى ايفار وأخوته، ليقودهم في جيش أسماه جيش الوثنيين.
وروت الملاحم عن إيفار الكسيح تخليه عن أخوته في انجلترا ممّا تسبب في انهزامهم أمام الملك ايلا، وعودتهم بأذيال الهزيمة لموطنهم، ولكن ذلك لم يكن إلّا خطةً ماكرةً أخرى من إيفار الذي ادعى تخلّيه عن رغبة الانتقام مقابل تعويض ايلا له بأرضٍ تماثل مساحة جلد أكبر ثورٍ يمكن لإيفار اصطياده، وهنا استطاع ايفار تأسيس مدينة يورك بتقطيعه جلد الثور إلى قطع صغيرةٍ، ويكوّن شبكة علاقاته وحلفائه ودعوة أخوته إليه، مُحققًا بعدها انتقامه الدموي مع إخوته ومناصريه، بتمثيلهم بجثة ايلا، وتحكي الأسطورة لاحقًا عن استقرار ايفار في انجلترا وحيدًا دون أولاد، ووفاته فيها إثر شيخوخته.
هذا ما روته الأساطير والحكايا التي تناقلتها الأجيال عن قصة ايفار الكسيج من الفايكينغ، وتبقى قصته الحقيقية مخفية بين سجلات التاريخ وروايات الأجداد.