تريند 🔥

📱هواتف
ما معنى القناعة كنز لا يفنى؟

ما معنى القناعة كنز لا يفنى؟

ولاء سليمان
ولاء سليمان

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

5 د

كثيرًا ما يسمع الأبناء مقولة "القناعة كنز لا يفنى"، حين يتذمّرون لأن لدى رفاقهم كل ما يرغبون، لكن ما معنى القناعة كنز لا يفنى؟

إن عبارة “القناعة كنز لا يفنى” كناية عن أنّ الشخص القنوع لن يشعر بالنّقص أبدًا وبالتالي سيعيش وكأنه يملك كنزًا. وهي خصلة مرغوبة جدًا ومحبوبة، إذ تنمّ عن حسن الخلق وعزّة النّفس، وهي نقيض الطمع بما لدى الغير أو الحسد للآخرين على ما يملكون.

كما أنّ القناعة ليست من الصّفات السّهلة التحقيق، وإنّما تحتاج للكثير من النموّ والوعي الداخليّ. فالإنسان القنوع ينظر إلى النصف الممتلئ من كأسه ويمتنّ لوجوده مهما كثرت النّواقص، وبالتالي فإنّ قناعته تمنحه السّعادة والإستقرار والسّلام الداخليّ. ولأنّ كلًّا من السّعادة والإستقرار الداخليّ هي أوّل وأهم ما يسعى الإنسان إليه في حياته؛ فالقناعة وحدها من يضع هذا الكنز بين يديّ صاحبها.

يعدُّ السعي وراء السعادة هو من أحد الحقوق الشخصيّة للإنسان الغير قابلة لتدخل أحدٍ فيها فلكلِّ شخصٍ استقلاليتهُ وحريّتهُ، وليست السعادة هي بالحصول على سيارةٍ حديثة أو منزلٍ كبيرٍ وغيرها من الأشياء التي يعتقد  أغلب الناس بأنها تجلب السعادة، ووفق منظورٍ آخر تعدُّ القناعة هي أفضل وأنسب كلمةٍ لتعريف السعادة، فالإنسان بحاجةٍ إلى نوعٍ عميقٍ من رضا النفس وكما يقول المثل المعروف عند العرب أنّ (القناعة كنزٌ لا يفنى) أي أنّ القناعة هي الكنز الثمين لمن يمتلكها.


وسائل التواصل الاجتماعي ونقص القناعة

وتتمثل تلك المقولةُ بتبسيط الحياة لفهمها بشكلٍ أوضحٍ، فمع ظهور وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت الحياة أكثر تعقيدًا فقد أدت تلك الوسائل لمزيدٍ من الضغوط وبالتالي عدم الرضا، فمن الواجب على كل شخصٍ تطوير ثقافة إرضاء الذات لديه دون اللجوء إلى تلك الأشياء التي تؤدي إلى عدم الأمان وتدمير القناعات.

وإن الحل الوحيد يكمن في نسيان الذات مما يجلب السعادة بأقصى حدودها، والذي يتمثل بمساعدة الآخرين بقدر المستطاع فيؤدي ذلك إلى اكتساب الرضا من سعادتهم والإكتفاء بذلك مما يؤدي إلى الوصول للراحة النفسيّة ولهذا سمّيت القناعة بالكنز، لأنها تعبر عن معنى الإكتفاء الذاتي بأشياء قد تكون قليلة ولكنها تجلب الكثير من المشاعر الجميلة والمريحة التي لاتزول أبدًا بشكلٍ أصدق مما قد تجلبه الأشياء الماديّة القابلة للزوال.


هل القناعة تعني الخنوع؟

وطبعًا، القناعة التي نتحدث عنها لا تعني أبدًا الإكتفاء بما تملك والبقاء في المكان، بل الامتنان لما تملك والسّعي إلى تحسينه وتطويره بعقل منفتح ونفس مرتاحة دون تحمّل الأثقال السلبيّة بعبء التّنافس وترقّب إنجازات الآخرين وآرائهم.

كما أنّ القناعة ليست نقيض الاجتهاد أبدًا بل عرّابة له، وتساعد على تقليل الضّغط المصاحب للسير في طريق النّجاح الذي غالبًا ما يكون شائكًا ومتعبًا؛ فقناعتك بأنّك لن تنال إلّا ما فيه الخير لك سيخفّف من ألم عدم الوصول ويدفعك للإنجاز من حيث أنت حتى لو لم تكن في القمّة، كما سيخفّف عليك تعب منتصف الطريق وسيعطيك الدافع للاستمرار.


القناعة هي الثروة الحقيقية الوحيدة

القناعة كنز لا يفنى جاءت هذه العبارة من أهمية أن يكون الفرد مقتنعًا وراضيًا بما قسمه الله له في حياته، وعما يملكه، ويحدث معه خلال حياته الدنيا من رزق ومال وشكل وجميع ما يملك، وبذلك يشعر بالرضى والسعادة خلال حياته ويكسب رضى الله في الحياة الآخرة. حيث أن الشخص الغير مقتنع والغير راضي يسعى دائمًا إلى المزيد والمزيد، وبالتالي قد يبقى مستاءًا من وضعه مما يؤثر على مزاجه وتفكيره، الأمر الذي يقوده إلى اليأس واللامبالاة والتوتر وأحيانًا يودي به إلى العداء والعنف لتحسين وضعه.

يقول ألفريد نوبل عن القناعة بأن “القناعة هي الثروة الحقيقية الوحيدة”، بالطبع هذه المقولة صحيحة حيث أن القناعة وسيلة للسعادة كالثروة وأكثر، كما يقول المثل أيضًا أنه “لا يوجد طعام جيد مثل السعادة”، أي أن القناعة والرضى اللذان يجلبان هذه السعادة، وهما كالطعام الذي يعد رفاهية جسدية يسعى لها الشخص. وبالطبع هذه القناعة لا يجب أن تقودنا إلى التخلي عن طموحاتنا وأهدافنا في هذه الحياة وعدم تحسين واقعنا بحجة الرضى والقناعة وبأن هذا نصيبنا وهذا ما قسمه الله لنا، فالله جعلنا مخيرون وليس مسيرون والله يعلم خياراتنا ويسيرها لنا بلطفه ورحمته.


الحمد والقناعة

إنّ من أعظم النعم التي قد ينعم الله تعالى بها عباده هي القناعة بما قسمه الله تعالى لهم والرضا والتسليم لقدرهم ونصيبهم من الحياة. فقد دعا الله سبحانه وتعالى عباده إلى الرضا بالمُقدّر لهم و التحلّي بالعفاف والقناعة حين قال: (للفقراء الذين أُحصروا في سبيل الله لايستطيعون ضربًا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفّف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافًا وما تنفقوا من خيرٍ فإن الله به عليم).

فالقناعة في مفهومها العام تعني رضا العبد بقسمة الله له وبالنعم التي أعطاه إياها من الصحة والعافية والمال والبنون والمسكن والشريك، وأن يقتنع بما أعطاه ربه ويداوم على ذكر المولى وشكره وحمده على نعمه.

حين يتحلّى المؤمن بالقناعة والرضا فإنّه يستغني عن الكفر والصفات السلبية التي قد تدفعه للرذيلة وتودي به إلى الجحيم، فالقناعة تعكس الكثير من الآثار الإيجابية كراحة البال وسكينة النفس وطمأنينة الروح والسلامة من الوسواس والقلق والكآبة والحسد والنكد والغم.

كما حثت السنة النبوية الشريفة على التحلي بالصبر ورضا النفس والاقتناع بالنصيب من الدنيا، وأكّد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القناعة صفة جليلة ودواء للنفوس وزينة للإيمان وسبيل لشكر الله في السراء والصبر على الضراء حين قال: (قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا، وقنعه الله بما أتى).

كما ربط رسول الله (ص) القناعة والرضا بالشكر والحمد على القليل والكثير وعلى النادر والوفير حين قال: ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها).

وهكذا فإنّه لا بد للإنسان المؤمن أن يتحلى بهذه الصفة الجليلة وأن يرضى بقسمته لتهنأ عيشته، وأن يرضى بنصيبه من الحياة فيكون بذلك عبدًا مطيعًا مُحَبّبًا ومقربًا من الله عز وجل فالقناعة كنز لا يفنى.

بعد أن عرفت كلّ ذلك، هل مازلت تتساءل لما القناعة كنز؟!

هل أعجبك المقال؟