ما معنى اللوبيات؟
عندما يتعلّق الأمر بالسياسة كثيرًا ما يتردّد على مسامعنا مصطلح اللوبيات أو مجموعات الضغط، التي تشير إلى مجموعات تقوم بالضغط والتأثير على القرارات الحكوميّة، فما هي اللوبيات وكيف تعمل؟
اللوبيات هم جماعات يمارسون الضغط في محاولة مدروسة وممنهجة للتأثير على القرارات التي تتخذها الحكومة متمثلة في المشرعين أو أعضاء الهيئات التنظيمية.
يُمارس هذا الضغط العديد من الأشخاص والمجموعات المنظمة، بما في ذلك الأفراد في القطاع الخاص والشركات أو المسؤولين الحكوميين أو مجموعات المناصرة.
قد تكون جماعات الضغط من بين النواب المشرعين، بما يعني أنهم قد يكونوا ناخبين داخل دائرة انتخابية، ينخرط بعضهم في ممارسة الضغط كعمل تجاري، ويحاول اللوبيون التأثير على التشريعات النيابية بانتهاج أسلوب من الضغط الممنهج والمحكم.
يمكن للأفراد والمنظمات غير الربحية أيضًا ممارسة الضغط كعمل تطوعي أو كجانب بسيط من وظائفهم في المجتمع المدني.
وتقوم الحكومات في كثير من الأحيان بتحديد وتنظيم جماعات الضغط المنظمة التي أصبحت مؤثرة بشكل كبير، والمعروف أيضًا أن أخلاقيات اللوبي سلاح ذو حدين.
طبيعة جماعات الضغط
غالبًا ما يتم الحديث عن ممارسة الضغط باحتقار، عندما يعني ذلك أن الأشخاص ذوي النفوذ الاجتماعي والاقتصادي المفرط يفسدون القانون من أجل خدمة مصالحهم الخاصة، ولكن هناك جانب آخر مشرق للوبيين يتمثل في الدفاع عن الفئات المستضعفة، وهؤلاء يتم الدفاع عنهم ضد الفساد، أو للتأكُّد من أن مصالح الأقلية يتم الدفاع عنها بشكل عادل ضد الاستبداد والتعسُّف.
على سبيل المثال؛ يمكن لجمعية طبية، أو جمعية تابعة للتأمين الصحي أن تضغط على هيئة تشريعية من أجل مواجهة تأثير شركات التبغ، وفي هذه الحالة يمكن اعتبار الضغط من قبل معظم الناس على أنه ضغط محبذ وإيجابي، وتتفاقم صعوبة الفصل والتفرقة بين جماعات الضغط “اللوبيات الجيدة” و”اللوبيات السيئة” نظرًا لاتقانهم لأساليب المناورة والخداع الأمر الذي قد يحول دون فهم الدوافع المستترة، إلّا أن محاولة التأثير على التشريع هي صراع على السلطة في الأساس كما هو الحال في أشكال أخرى من الصراع السياسي.
اللوبيات والتأثير على قرارات الحكومة
اللوبي أو جماعات الضغط، هو مصطلح سياسي واقتصادي واجتماعي ودينيّ، وهو بشكل بسيط أي تجمّع يعمل لتحقيق فكرة تخدم هذا التجمّع، وبشكل أوسع هو محاولة من قبل الأفراد أو مجموعات المصالح الخاصّة للتأثير على قرارات الحكومة في أي مجال، وكان في معناه الأصلي يشير إلى الجهود المبذولة للتأثير على أصوات المشرّعين، بشكل عام في اللوبي خارج الغرفة التشريعية، وقد أصبحت ممارسة الضغط بشكل ما اليوم أمراً لا مفرّ منه في أيّ نظام سياسي.
إن ممارسة الضغط التي حظيت باهتمام خاص في الولايات المتحدة، تتّخذ أشكالاً عديدة، فقد يَمثُلُ ممثّلو المجموعة أمام اللجان التشريعية، وقد يتم “تلوين” الموظّفين العموميّين في المكاتب التشريعيّة أو الفنادق أو المنازل الخاصة، ويمكن كتابة الرّسائل أو إجراء مكالمات هاتفيّة للموظّفين العموميّين ، ويمكن تنظيم حملات لهذا الغرض.
قد تقدم المنظّمات للمرشّحين المفضّلين المال والخدمات، ويمكن إطلاق حملات علاقات عامة ضخمة تستخدم جميع تقنيات الاتصال الحديثة للتأثير على الرأي العام، أو قد يتم توفير أبحاث مكثّفة في المقترحات التشريعية المعقدة للجان التشريعية من قبل المدافعين عن مصالح مختلفة ومتضاربة في كثير من الأحيان، وقد يتمّ تقديم مساهمات كبيرة في الحملة الانتخابيّة أو مساعدة أخرى للمشرّعين أو التنفيذيين المفضّلين، وقد يكون الأشخاص الذين يمارسون الضّغط بهذه الطرق مسؤولين بدوام كامل في جمعيّة تجاريّة أو زراعيّة قويّة أو نقابة عمّاليّة، أو جماعات ضغط مهنيّة فرديّة مع العديد من العملاء الذين يدفعون مقابل خدماتهم، أو مواطنين عاديين يأخذون الوقت الكافي للتعبير عن آمالهم أو شكاويهم.
كما وتحتفظ المدن والولايات، وحماية المستهلك وحماية البيئة وغيرها من مجموعات “المصلحة العامة” ، والفروع المختلفة للحكومة الفيدرالية بأعضاء جماعات الضّغط في الولايات المتحدة، وقس على ذلك العديد من الدول.
تنظيم عمل جماعات الضغط
يعتبر معظم الباحثين القانونيين والقضاة ممارسة الضغط من أجل الحماية بموجب التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، الذي يضمن الحق “في تقديم التماس إلى الحكومة من أجل معالجة المظالم”. ومع ذلك ، فإن الحكومة الفيدرالية وأغلبية الولايات تنظم الضغط. تتطلب معظم هذه القوانين ، بما في ذلك قانون التنظيم الفيدرالي للضغط (1946) ، أن تسجل جماعات الضغط تقارير المساهمات والنفقات وتبلغ عنها وأن المجموعات التي يمثلونها تقدم تقارير مماثلة.
غير أن فعالية تلك القوانين أمر مشكوك فيه. من الصعب بشكل خاص تنظيم أي نوع من أنواع الضغط غير المباشر – مثل النشاط الجماعي المصمم للتأثير على الحكومة من خلال تشكيل الرأي العام.
السلطة التي تتمتع بها اللوبيات
اللوبيات، أو ما يعرف بجماعات الضغط، هي عبارة عن مؤسسات تعمل على الضغط على الحكومات والأنظمة من خلال الحملات الإعلامية، أو المشاريع الاقتصادية، أو من خلال تمويل جماعات معينة تتشارك معها بنفس العقيدة، وهي بالتالي لا تملك سلطة على هذه الأنظمة، وهي تندمج بالنظام السياسي والمدني للدولة من خلال الاستثمار بالعديد من المجالات الاقتصادية والثقافية والإعلامية في دولة ما.
قد تستند جماعات الضغط في تشكلها أو تكونها إلى اتجاه سياسي أو عقائدي أو اقتصادي، وتستخدم أساليب مختلفة، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الأساليب غير أخلاقية وغير إنسانية، كما تعتمد بمشروعها على الحملات الإعلامية والدعائية، وتموّل مراكز أبحاث تابعة لها لإجراء استفتاءات معينة تخدم أهدافها الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية.
كما أنها تعمل في كثير من الأحيان على التلاعب بالقوانين والدساتير للدول من خلال إلغاء بعض القوانين والإبقاء على أخرى، في أغلب الأحيان تسيطر هذه اللوبيات على موارد مالية ضخمة تكون تحت تصرفها، إنَّ المجال الحيوي لهذه الجماعات هي الأنظمة الليبرالية التي تتمتع بهامش لا بأس به من الديمقراطية، فهذه الدول بالرغم من اعتمادها النظام الديمقراطي الليبرالي إلا أنه يشوبه جانب سلبي هو البيروقراطية، مما يجعل اللوبيات تستغل هذا الجانب لأنه عامل مساعد لها في اتخاذ القرارات من خلال التأثير على أعضاء السلطة التشريعية لتمرير قرار يكون لصالحهم.
كيفية عمل اللوبيات
يدل مصطلح اللوبيات على مجموعة من الأفراد الذين يتحدون معاً، ويحاولون التأثير على شخصيات في مناصب عليا وعامة وسياسيين، وعادةً ما يتم تشكيل لوبي من أجل التأثير على المسؤولين الحكوميين للتصرف بطريقة تعود بالمنفعة على أعضاء هذا اللوبي ومصالحه وصناعته، إما عبر تشريعات مؤيدة لسياساتهم أو عبر منع التدابير غير الملائمة لهم، كما يستخدم هذا المصطلح كفعل من أجل وصف التأثير الذي تمارسه مجموعة من الأفراد على شخصيات أخرى.
وتعمل جماعات الضغط السياسي بطرق عدة بعضها قانوني ولبعضها ليس كذلك، وتكمن عدم قانونية عملها من تلاعب تلك الجماعات بالأنظمة والقوانين وإيجاد مخارج تلائم مرادهم أو حتى يلتفون عليها لمصالح معينة، حتى إن كان ذلك بالرشوة والفساد. غالباً ما ينخرط في هذه الجماعات مسؤولين سابقين يقومون بتسخير علاقاتهم مع أصحاب القرار، أو حتى مسؤولين حاليين مرشحين لمناصب عليا بالدولة ونفوذ أكبر داخل وخارج الدولة.
تطور نفوذ اللوبيات
دخل هذا المصطلح حيز الاستخدام الفعلي في المشهد السياسي الأمريكي خلال القرن التاسع عشر، وتمثلت أول جهة ضغط في كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية بحجرة موجودة خارج الكونغرس، يتداول فيها أعضاؤه مع أصحاب النفوذ أو الشخصيات المؤثرة جدوى إصدار بعض القوانين والأنظمة وتعديل بعض المواقف السياسية تبعاً لمصالح تلك الشخصيات، فكانت واحدة من أسهل الأماكن للقاء نواب المجلس، والسياسيين وإبداء آرائهم ومحاولة إقناعهم بالتصويت بطريقة معينة.
على الرغم من عدم عقد أي اجتماعات فعلية في تلك الأماكن بعد الآن، إلا أن معنى المصطلح قد تغير وتحولت لمجموعة الضغط تلك من أفراد وشركات تستخدم نفوذها على مسؤولين حكوميين . كما أصبحت تعني محاولة ممارسة التأثير على أفراد آخرين.
إن مجموعات الضغط ما تزال موجودة ونشطة ويتم تمويلها بشكل جيد من قبل صناعات محددة، خاصةً صناعات الأدوية والنفط والغاز والتأمين والطيران والدفاع والمرافق والبنوك و العقارات.
وتتلقى جماعات الضغط أموال طائلة من قبل عملائها من أجل التأثير على قرارات المشرعين في سبيل تمرير تشريعات مفيدة لصناعاتهم والتي تخدمهم بشكل مباشر، إن نفوذ هذه اللوبيات وصل حد الالتفاف على العمليات الديمقراطية وإحراء ما يسمى بصفقات المكتب الخلفي وذلك للحفاظ على مصالح الجهات التي يخدمونها ويعملون من أجلها.