ما هو التحلل الإشعاعي؟
اعتدنا جميعًا أن الذرة تتكون من نواة يدور حولها إلكترونات سالبة، والنواة ذاتها تتكون من بروتونات موجبة الشحنة ونيترونات متعادلة الشحنة، يمكن أن تتساوى البروتونات الموجبة في عدة أشكال من العناصر، لكن مع ذلك نرى اختلف واضح في عدد النيترونات المتعادلة، فيما يعرف بالنظير.
فمثلًا، من المتعارف عليه أن الحديد ذو الرمز Fe، يحتوي على 26 بروتون موجب بينما يحتوي على 30 نيوترون متعادل، لكن!
فما هو التحلل الإشعاعي؟
عملية التحلل الإشعاعي هي الإنهيار الذاتي للنواة الذرية للعنصر، أو فقدان النواة لبعض جزيئاتها، والذي ينتج عنه خروج كمية من الطاقة والمادة من داخل نواة الذرة، حيث تبحث الذرة دائمًا على الاستقرار.
وبالتأكيد أهم عوامل هذا التحلل هو الوقت! فيما يعرف بـ “زمن عمر النصف – Half life time”، وهو الزمن الذي تحتاجه نص كتلة ما من هذا النظير المشع الغير مستقر لتحوله إلى عنصر مستقر، وفي الحديد زمن عمر النصف الخاص به هو ثمانية دقائق ونصف.
ففي المثال السابق نجد أن هناك نظائر أخرى للحديد، حيث تحتوي على نفس نسبة البروتونات أي 26 بروتون موجب، لكن أحد تلك النظائر يحتوي على عدد مختلف من النيترونات، إما 27 أو 31 نيترون متعادل الشحنات الكهربية.
لذا يجب أن نسترجع قيمة وجود النيترونات متعادلة الشحنة داخل النواة، النيترونات تعمل على استقرار النواة الذري، فوجود بروتونات موجبة الشحنة، يولد قوى تنافر بين بعضها البعض ويزيد منها، لكن البروتونات تعادل هذا التنافر، حتى تحقق الترابط الذري لنواة هذا العنصر باختلاف نظائره.
إذًا يمكننا أن نفترض أن نظير الحديد الذي يحتوي على 26 بروتون موجب و27 نيترون متعادل، غير مستقر ذريًا، لأن نسبة النيترونات قليلة مما يعني قلة الارتباط النووي مع البروتونات، وهنا يطلق على تلك النواة الغير مستقرة؛ “النواة المشعة – Radioactive nucleus”.
لذا تلجأ النواة دائمًا إلى الاستقرار! وهذا يحدث في تلك الحالة بتحول إحدى بروتونات تلك النوة إلى نيوترون، حتى يخرج من النواة إلى “بوزيترون – positron”، وهو إلكترون لكن على غير العادة فهو يحمل شحنة موجبة.
والآن قد أصبح لذرة الحديد تلك 25 بروتون موجب، بالإضافة هذا البروتون الموجب الذي تحول إلى نيترون، يصبح إجمالي عدد النيترونات 28 نيترون متعادل الشحنة، لكن هذه المواصفات هي ما تحملها ذرة المنجنيز، لذا يتحول نظير الحديد إلى ذرة منجنيز Mn وهي تُمثل ذرة مستقرة.
أنواع التحلل الإشعاعي
- تحلل ألفا: ويقتصر هذا التحلل على العناصر الأثقل في جدول التصنيف الدوري، حيث تغير النواة أحد نيوتروناتها إلى بروتون مع الانبعاث المتزامن للالكترون، ينحصر غالباً هذه التحلل على الهيليوم، فجزيء ألفا يتكون من بروتون موجب واحد فقط مع اثنين من النيوترونات المتعادلة، كما يحدث في اليورانيوم ويتحول إلى الثوريوم.
- تحلل بيتا : وهو العملية التي يتم فيها إخراج الإلكترون من النواة، عند حدوث هذا التحلل تزداد شحنة النواة بمقدار واحد، وتظهر بواعث الإلكترون من العناصر الأخف وزناً إلى العناصر الأثقل في الجدول الدوري للعناصر، ويكون العدد الكتلي للمنتجات مساوياً العدد الكتلي للنوية الأم والشحنات الناتجة أيضاً تساوي شحنة الأم، ويمكن أن تتحلل النوى أيضاً عن طريق التقاط أحد الإلكترونات المحيطة بالنواة حيث يؤدي التقاط الإلكترون إلى انخفاض واحد في شحنة النواة. كما يحدث في عنصر الكربون 14، فينقسم نيترون متعادل إلى؛ بروتون موجب وإلكترون سالب، فتتحول ذرة الكربون المشعة إلى ذرة نيتروجين.
- تحلل غاما : وهو المسؤول عن إنبعاث الإشعاعات كأشعة جاما، وهي إحدى الموجات الكهرومغناطيسية، والتي تمتاز بطاقة عالية، وتحدث في الطبيعة عكس أشعة أكس والتي يتم توليدها صناعيًا. يتم إطلاق الطاقة الزائدة عندما تصدر النواة فوتوناً من الطيف الكهرومغنطيسي، وفي بعض الحالات يتأخر تحلل غاما ويتكون نوكليد قصير العمر وغير مستقر، وذلك لأن الإشعاع الكهرومغناطيسي لايحمل أي كتلة أو شحنة.
- الانقسام: من خلال الانشطار التلقائي وغالباً ما يرتبط بهذه الأحداث إطلاق فوتونات بطاقة عالية أو أشعة غاما.
وتتميز كل مادة مشعة بفترة تحلل مميزة تسمى بعمر النصف، وهي الفترة اللازمة لتحلل نصف النوى الذرية إلى عينات مشعة، وفي بعض الأحيان بعد التحلل الإشعاعي تبقى الذرة على صورتها المشعة مما يعني أنها ستخضع للتحلل مرة أخرى ضمن محاولات الاستقرار.
إن أول شخص اكتشف هذه الظاهرة كان العالم “هنري بيكريل – Antoine Henri Becquerel” وهو أحد أشهر علماء الفيزياء الفرنسيين، وجاء من بعده كل من العالمين: “ماري كوري – Marie Curie”و” رذرفورد – Ernest Rutherford” مؤكدين على فرضيان العالم هنري في نظرية التحلل الإشعاعي.
نتائج التحلل الإشعاعي وطريقة القياس
التحلل الإشعاعي هو تحول نووي تلقائي تنهار فيه نواة الذرة وتفقد طاقتها مما يؤدي إلى إطلاق الطاقة والمادة من النواة، ولا يتأثر بالضغط ودرجة الحرارة والشكل الكيميائي، حيث تتناقص طاقة النواة سعياً منها للاستقرار مع محافظتها على كتلتها وشحنتها ورقم البروتون في جميع حالات التحلل. تسمى النواة قبل التحلل بالنواة الأم، وبعد التحلل تسمى النواة الوليدة، ومكونات النواة من بورتونات ونيترونات تسمى بالنويدات.
يتم قياس التحلل الإشعاعي باستخدام واحدة الكوري والتي تقيس عدد الذرات التي تتحلل في كل ثانية وذلك نسبة إلى ماري كوري وزوجها بيير اللذان اكتشفا عنصر الراديوم. وأكدا أنّ النظائر المشعة تمتلك نوى غير مستقرة، ولا تحتوي على طاقة ربط كافية لتماسك النواة، لذا تود هذه النظائر دوماً الوصول إلى حالة الاستقرار .
وفي عام 1896 اكتشفت أول ظاهرة تحلل إشعاعي من قبل الفيزيائي هنري بيكل ثم تابعت ماري كوري وزوجها دراسة مفاهيم التحلل الإشعاعي. و الذي يكون عادة على شكل جسيمات ألفا وبيتا وجاما.
فإذا ظاهرة التحلل الإشعاعي هي ظاهرة تتميز بطبيعتها الإحصائية فلا يمكن تحديد زمن التحلل لأي نواة ويعتمد ذلك على الاحتمالات. وتستخدم الإشعاعات الناتجة عن التحلل الإشعاعي في حياتنا في الكثير من الجوانب كالأشعة السينية والطب وتوليد الطاقة وقتل الجراثيم، لكن تعتبر خطرة ولا يجب التعرض لها بشكل مباشر لأنها تغير بنية الخلايا في أجسامنا وقد ينتج عنها انقسامات في خلايا أجسامنا يمكن أن تتحول إلى سرطانات.