ما هو السبي البابلي
لا يزال التاريخ يبحث في قصة السبي البابلي أو الأسر والنفي البابلي، وهي من القضايا الغامضة نوعًا ما في التاريخ القديم.
ما هو السبي البابلي
السبي البابلي الذي يُطلق عليه أيضًا اسم المنفى البابلي، هو الاحتجاز القسري لليهود في بابل بعد غزو الأخيرة لمملكة يهوذا في 598/7 و 587/6 قبل الميلاد، وقد انتهى الأسر رسميًا في عام 538 قبل الميلاد عندما أعطى الفاتح الفارسي لبابل قورش الكبير أو قورش العظيم لليهود الإذن للعودة إلى فلسطين.
يتفق المؤرخون على أن العديد من عمليات الترحيل حدثت (كلها نتيجةً للانتفاضات في فلسطين)، وأنه لم يتم إجبار جميع اليهود على مغادرة وطنهم وأن اليهود العائدين غادروا بابل في أوقاتٍ مختلفةٍ، وأن بعض اليهود اختاروا البقاء في بابل، وبالتالي شكلوا بداية العديد من المجتمعات اليهودية التي تعيش بشكلٍ دائمٍ في الشتات.
بداية السبي البابلي
حدث الترحيل الأول من يهوذا في عام 597 قبل الميلاد نتيجةً لغزو القدس من قبل نبوخذ نصر الثاني، وكان الغرض من هذا العمل هو معاقبة نجل الملك يوشيا يهوياقيم- الذي كان تابعًا لبابل في السابق- على التحالف مع مصر والتمرد ضد الهيمنة البابلية.
لم يحتفظ يهوياقيم بأية منطقة باستثناء القدس عندما توفي لأسبابٍ طبيعية، وقد واصل ابنه يهوياكين- المعروف أيضًا باسم جيكونيا- المقاومة حتى اضطر إلى الاستسلام بعد حكمٍ دام ثلاثة أشهر فقط.
أمر نبوخذ نصر الثاني بطرد وترحيل جيكونيا سابق الذكر مع كافة مواطنو يهوذا من النخبة، إلى جانب أغلى كنوز المعبد والقصر.
أحداث الترحيل التالية
كان هنالك معارضةٌ وخطةٌ للانتفاض ضد نبوخذ نصر الثاني بعد حملة السبي البابلي الأولى، وعندما شهد التمرد نفد صبره وقرر إطلاق حملة ضد فلسطين، لكنها لم تكتمل بسبب انشغاله بالمصريين الذين كانوا حلفاء اليهود، والذين لم يقفوا بوجهه طويلًا، إذ سرعان ما تغلب عليهم وأكمل حملته على فلسطين واخترق جدرانها في تموز/ يوليو 586 قبل الميلاد.
في آب/ أغسطس من نفس العام، وبينما كانوا يشاهدون بأعينٍ روحيةٍ رؤى مضطربةٍ من بابل، أشرف القائد نرغال شراصر بأوامر من نبوخذ نصر الثاني على تدمير وحرق معبد القدس والقصر الملكي والمدينة بأكملها تقريبًا، وتم ترحيل المئات من السكان الباقين على قيد الحياة إلى بابل، ولكن تم قتل 70-80 مواطنًا بارزًا ، بمن فيهم رئيس الكهنة سرايا حتى الموت.
عين نبوخذ نصر الثاني المتعاون جيداليا لحكم ما تبقى من يهوذا، ولكن بعد مرور سبعة أشهر تم اغتيال جيداليا واندلع تمردٍ آخر.
هرب العديد من اليهود إلى مصر خلال هذا الوقت، وردًا على المتمردين أمر نبوخذ نصر الثاني بعملية ترحيلٍ ثالثةٍ في حوالي 582-581 قبل الميلاد.
إحصائيات السبي البابلي
وفقًا لسفر إرميا، تم ترحيل 3023 يهودي في الموجة الأولى و 832 في الثانية و 745 في الثالثة، مما يعني 4600 في المجموع الإجمالي.
ومع ذلك، من المحتمل أنه قد تم حساب الرجال فقط في هذه الإحصائيات، فعند إضافة ما تم ترحيله من النساء والأطفال، من المتوقع أن يصل العدد الإجمالي إلى ما يتراوح بين 14000 و 18000 شخصٍ.
هذا وفي تقديرات أخرى تم تسجيل أعدادٍ أكبر بكثيرٍ مما ذكر في سفر إرميا، فهنالك إحصائياتٌ مختلفةٌ تشير إلى ترحيل قرابة 10 آلاف رجلٍ في الموجة الأولى وغيرها يذكر 8 آلاف رجل.
يميل المؤرخون إلى اعتبار الإحصائيات المذكورة في البداية هي الأكثر دقة، نظرًا لأنهم يقدرون إجمالي عدد سكان مملكة يهوذا خلال هذا الوقت بما يتراوح بين 120000 و 150000 وقد تم نقل أقل من ربع السكان فعليًا إلى المنفى.
لكن بخلاف الأرقام، بما أن ذلك تضمن نسبةً عاليةً من مسؤولي المحاكم والكهنوت والحرفيين المهرة وغيرهم من المواطنين الأثرياء، فقد شكل المنفيون غالبية النخبة الثقافية للأمة.
بعد الإطاحة ببابل من قبل الفرس، أقام قورش العظيم نقلةً كبيرةً في السياسة الدينية وشجع الكهنة الذين أُجبروا على النفي على العودة إلى بلادهم الأصلية وتثبيت عقائدهم الدينية في معابدهم المناسبة، وخدمة الاحتياجات الروحية للشعوب.