ما هو تعريف الرفق

ليال عبد الله
ليال عبد الله

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

الرفق هو الرَّحمة والعطف، والإنسان الرَّحيم هو امرؤٌ رقيقُ القلب يتمتع بأسمى قيم الإنسانية، فيتعاطف مع الآخرين ويرعاهم، ويحاول أقصى المحاولة أن يخفف معاناتهم.


الفرق بين الإنسان والإنسانية

إنّ لكلمتَي إنسان وإنسانية أصلًا واحدًا، لكن يختلف معناهما إلى حدِّ كبيرٍ، ففي حين تبدو بعض الكلمات متشابهةً، إلا أن لها أحيانًا معاني مختلفة، وهاتان الكلمتان خيرُ مثالٍ على ذلك؛ فكل منهما مرتبطٌ مثلًا بالكلمة اللاتينية Homo؛ والتي تعني الرَّجل أو الإنسان.

الفرق هنا أن كلمة "إنسان" تُستخدَم للدَّلالة على شخصٍ معينٍ وللإشارة إلى الأشياء التي تتعلق حرفيًّا بكلمة إنسان، والتي تُبعد الشخص عن مفهوم الحيوان أو الجماد، أي لتمييز الإنسان عن الأشياء الأخرى ليس إلَّا. أمَّا كلمة "إنسانية"، فتُستخدم للإشارة إلى السِّمات الإنسانية الإيجابية؛ مثل التعاطف والّلطف والرَّحمة والرِّفق بالغير، وإنَّه لمن المحزن فعلًا أن تتعرف على إنسانٍ ليس على الإنسانية في شيءٍ. .


بعض الأقوال عن الرفق والرَّحمة

هناك حكمةٌ إنكليزيةٌ تقول"اترك القليل من الخير أينما حللت، تلك الأشياء الصغيرة الجيدة مجتمعة هي التي تطغى على العالم". الآن فكر للحظة بموقفٍ ما كنت فيه لطيفًا مع شخصٍ آخر، تذكَّر ردَّة فعله على رفقك به وإحسانك، ومن بعدها انتقل إلى قلبك واستمتع بشعور الرِّضا عن النَّفس الَّذي ستشعر به حتمًا. لقد أثبتت الأبحاث النفسية أن الرِّفق يؤثِّر على المُعطي أكثر ما يؤثر على المُتلقي، ولهذا السلوك علاقة وثيقة بالرفاهية العقلية والعاطفية والجسدية.

من جهةٍ أخرى، وللأسف، فإن الرفق والرَّحمة يحتلَّان مقعدًا خلفيًّا لالتقاط صور السيلفي، وتمشية المصالح الشَّخصية ليس إلَّا.

يقول أستاذ الدراسات البيئية والسياسية، ديفيد دبليو أور (David W. Orr):

"الحقيقة التي باتت واضحة في أيامنا هذه، هي أن كوكبنا لم يعد بحاجة إلى المزيد من الأشخاص الناجحين بقدر حاجته إلى المزيد والمزيد من صنَّاع السَّلام والمرمِّمين ورواة القصص والعشَّاق من كل نوع، إنَّنا بحاجة إلى أناس يتمتعون بشجاعة أخلاقية تكفي للانضمام إلى النِّضال لجعل العالم صالحًا وإنسانيًا".

يقول مارك توين (Mark Twain):

"الُّلطف لغة يمكن أن يسمعها الأصم ويراها المكفوف، إذ إنّ الرفق شكل سامٍ من أشكال الإنسانية، يزود المُتلقي بكثير من الدَّعم النَّفسي والجسدي والمعنوي، ويتسرب إلى روحنا بكل سهولة".


فوائد اللطف والرحمة

كما ذكرنا سابقًا، إنّ للرِّفق والرَّحمة فوائدَ جسديةً ومعنويةً تتجلى في:

  • زيادة مستويات السَّعادة.
  • الحفاظ على صحَّة القلب.
  • تأخير الشيخوخة نفسيًّا وجسديًا.
  • تحسين العلاقات والرَّوابط الاجتماعية.

يعتقد البعض أن الرفق هو صفةٌ مرتبطةٌ بالدِّين والمتديِّنين فقط، لأنَّه سمةٌ دينيةٌ في المقام الأول، لكن الحقيقة غير ذلك؛ فلا يجب أن تكون متديِّنًا وروحانيًّا لترأف بغيرك، وقد لوحظ الرِّفق في الكلاب والقطط حتى..


الرفق بالحيوانات

قد يتعدَّى مفهوم الرفق عند البعض ممارساته مع الإنسان إلى الرِّفق بالحيوانات كذلك، وتعمل جمعيات الرفق بالحيوان للقضاء على القسوة تجاه الحيوانات ورعايتها، وقد حدَّدت الجمعية الأمريكية للطب البيطري (AVMA) مجموعةً من المبادئ المتعلقة بالرِّفق بالحيوان، وهي:

  • الموازنة بين المعرفة العلمية والحكم المهني، مع مراعاة القيم الأخلاقية المجتمعية لاتخاذ القرارات المتعلقة بالرفق بالحيوان.
  • يجب تزويد الحيوانات بالطعام والشراب والرعاية الصحية مع مراعاة السلوك الخاص لكل نوعٍ على حدة.
  • يجب مراعاة حرمة الموت لهذه الحيوانات، أو بعبارةٍ أخرى الحرص على القتل الرَحيم لها، لأيّ سببٍ، كالغذاء مثلًا..

كيف نعلِّم أطفالنا أسس الرفق والرَّحمة

إن تطوير الأسس النفسية والروحية لدى أطفالنا في المراحل المبكرة من حياتهم يشبه تطوير العضلات، فكلما استخدمت عضلاتك ومرَّنتها أكثر، كلَّما أصبحت أقوى.

يتعلم الأطفال التعاطف من خلال العديد من التجارب، كرعاية الحيوانات الأليفة مثلًا، وهناك منهم من يشارك في برامجَ لتعليم اللطف والاحترام والتعاطف، وفي حال كان لديهم أسر تعزز ما تعلموه، فإنهم سيصلون إلى أعماقهم في مرحلة المراهقة، أي أنهم سيعرفون تمامًا قيمة ما يملكون داخلهم من قيمٍ إنسانيةٍ كالرفق والرَّحمة والإحسان. كما تظهر الأبحاث أن الرَّحمة تلعب دورًا هامًّا في مساعدة الأطفال على التطور ليصبحوا بالغين متفائلين.

الحديث عن الرِّفق لا يكفي لتعليمه للطفل؛ بل يجب أن يمارس الطفل ذلك في حياته اليوميَّة، من خلال تعويده على العطاء دون انتظار مقابل، وجعله يختبر إحساس الرِّفق بالآخر، وهذا الآخر يمكن أن يكون أخاه الصغير أو حيوانًا أليفًا ما، وذلك ليلتمس معنى المكافأة الداخلية، والشعور بتقدير الذات..

هل أعجبك المقال؟