تريند 🔥

📱هواتف

ما هو ضرر النفايات الالكترونية على البيئة

سها ديوب
سها ديوب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

8 د

منذ بدأ الإنسان بتطوير الأدوات والتقنيات وهو يتدخل بحياة النباتات والحيوانات من حوله، ويتكاثر وينشر تقنياته الجديدة حول العالم على حساب باقي الكائنات والموارد البيئية. فالأنشطة البشرية واختراعاتها لم تقلل مما هو موجود طبيعيًا فحسب، بل أضافت عناصر جديدة لا تخلو من الضرر والسمّية. ومن الكوارث التي خلّفها البشر عدا الإحتباس الحراري وندرة المياه وفقدان التنوع البيولوجي، هناك أيضًا مشكلة النفايات، والتي تطورت مع تطور الصناعة البشرية، فلم تعد مقتصرة على النفايات المنزلية والمعدنية والزجاجية والبلاستيكية وغيرها، بل ظهر مؤخرًا النفايات الإلكترونية، وعلى الرغم من حداثة عهد هذه المشكلة إلا أن ضرر النفايات الالكترونية على البيئة يشكّل تهديدًا حقيقيًا لكوكب الأرض.


النفايات الالكترونية

يُستخدَم مصطلح النفايات الالكترونية (E-waste) للإشارة إلى مختلف المعدات والأجهزة الإلكترونية التي وصلت أو قاربت الوصول إلى نهاية عمرها الافتراضي. وفي الحقيقة، لا يمكن القول أن هناك تعريفًا واضحًا لهذه الأجهزة، لكن طالما أنّها موصولة بمآخذ للتيار الكهربائي، أو تحتوي داخلها على لوحة دوائر أو رقائق فهي غالبًا من النفايات الإلكترونية.

تحتوي هذه المنتجات على العديد من المعادن الثقيلة كالرصاص والنحاس والكادميوم والكروم والتي تشكل خطرًا حقيقيًا على البيئة كما سنرى لاحقًا. أما الأمثلة على هذه الأجهزة فلا حصر لها وعلى سبيل المثال نذكر: أجهزة التلفزة والحواسيب والهواتف النقالة، بالإضافة إلى الآلات الحاسبة والكاميرات الرقمية وكاميرات الفيديو ولوحات الدوائر وأجهزة الراديو والطابعات والماسحات الضوئية ومشغلات DVD وMP3 وCD وغيرها.

كما تشمل الأدوات المستخدمة في المطابخ كالبرادات وأفران المايكروويف وآلات تحضير القهوة وغيرها. بالإضافة إلى المستلزمات المستخدمة في المختبرات مثل المجاهر والموازين والأتوكلافات، وما إلى ذلك.


إحصائيات حول كمية النفايات الإلكترونية

في عام 2016، أُنتج حوالي 44.7 مليون طن متريّ من النفايات الإلكترونية في العالم، وهذا الوزن يعادل وزن 9 أهرامات من أهرامات الجيزة، أو لنقل وزن 4500 برجٍ كبرج إيفل. زادت هذه الكمية عما أُنتج في 2014 بمقدار 3.3 مليون طن متريّ، وهي زيادة نسبتها 8%. ويتوقّع الخبراء زيادةً أُخرى بنسبة 17% بحلول عام 2021، وهذا يعني إنتاج 52.2 مليون طن متري من النفايات الإلكترونية حول العالم.

أما بالنسبة للمساهمة الفردية في هذه الكميات، فقد بلغ معدل إنتاج الفرد الواحد من النفايات الالكترونية عام 2016 6.1 كيلوغرام، بزيادة نسبتها 5 % عن معدل إنتاجه عام 2014 والذي بلغ حينها 5.8 كيلوغرام.

ربما نستطيع تفسير هذه الزيادة ولو بشكل جزئي بانخفاض أسعار الأدوات الإلكترونية والكهربائية، مما يجعلها في متناول الجميع في معظم أرجاء العالم، كما أنّ الشركات المصنعة تشجع دومًا على استبدال المعدات في وقتٍ أبكر من موعد انتهاء عمرها الإنتاجي، وتساهم أيضًا زيادة عمليات الشراء والاستحواذ في البلدان الأكثر ثراءً في تضخم هذه المشكلة.


ضرر النفايات الالكترونية على البيئة

على الرغم من أنّ النفايات الالكترونية لا تشكّل أكثر من 2% من مجمل القمامة الموجودة في مكبّات النفايات، إلّا أنّها تعتبر مصدرًا رئيسًا لأكثر من 70% من المعادن الثقيلة السامة الموجودة في هذه الأماكن. بالتالي فإنّ ضرر النفايات الالكترونية على البيئة -سواءً في مكبات النفايات، أو في الأماكن غير المجهزة جيّدًا لهذا الغرض- يشكّل خطورةً كبيرةً على البيئة والصحة العامة للإنسان. وسنوضح فيما يلي كيف يحصل تلوّث الهواء والتربة والماء بها، وماذا يؤثر كل تلوّثٍ منها على النظم البيئية.


ضرر النفايات الالكترونية على الهواء

يحصل تلوّث الهواء بشكل رئيسي في البلدان التي تُنقل هذه النفايات إليها، والتي غالبًا ما تقوم بإعادة تدويرها وفق عملياتٍ سيئة التنظيم والتنفيذ، مثل التفكيك والحرق والمعاملة بالأحماض. فتفكيك هذه النفايات وتقطيعها يؤدي إلى إطلاق كمية كبيرة من الغبار والجسيمات كبيرة الحجم إلى البيئة المحيطة.

كما قد تحرق بعض النفايات الالكترونية منخفضة القيمة، والتي غالبًا ما تحوي كمية كبيرة من البلاستيك، وبشكلٍ غير منظّم وعلى درجات حرارة غير كافية. مما يؤدي إلى إطلاق بعض المواد السامة كالدايوكسين، وبعض الجزيئات الدقيقة الضارة التي تستطيع الانتقال عبر مسافات كبيرة، وتسبب أضرارًا كبيرة للجهاز التنفسي، بالإضافة إلى أنّها ترفع خطر الإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات.

والسبب الأخير هو العمليات السيئة المُتّبعة في استخراج المواد عالية القيمة كالذهب والفضة من بعض الإلكترونيات والنفايات الالكترونية، وذلك باستخدام الأحماض والمواد الكيمائية والتقنيات الأُخرى، والتي تسبب إطلاق الأبخرة الضارة إلى البيئة المحيطة. وعلى الرغم من أنّ العمال الذي يتعاملون مع هذه النفايات هم الأكثر عرضةً للخطر الناتج عنها، لكن هذه المواد تستطيع الانتقال عشرات أو مئات وأحيانًا آلاف الأميال بعيدًا عن مواقع إعادة التدوير هذه.

لا يقتصر الأمر على تلوث الهواء، حيث تتأثر بعض الأنواع الحيوانية بتلوث الهواء أكثر من غيرها، بل قد يُهدَّد التنوّع الحيوي في الأماكن الملوّثة بشكل كبير ومزمن. وعلى المدى الطويل، فإنّ تلوّث الهواء قد يلحق الضرر بنوعية المياه وكيمياء التربة والأنواع النباتية، مما يخلق تغييرات ضارة في النظم البيئية لا رجعة فيها.

وعلى سبيل المثال، فإن مستوى الرصاص الموجود في الهواء عند الأماكن القريبة من الموقع الصيني Guiya - وهو موقع غير رسمي لإعادة التدوير- أعلى بثلاثة أضعافٍ تلك الموجودة في المواقع الصناعية الأوروبية. بالتالي قد تستنشق الكائنات هذا الرصاص مباشرةً من الهواء، أو تبتلعه بعد وصوله إلى الماء أو التربة، ثم يتراكم بشكلٍ حيوي في السلاسل الغذائية، مسببًا أضرارًا عصبية متفاوتة للحيوانات الكبيرة وحيوانات الغابة وكذلك البشر.


ضرر النفايات الالكترونية على التربة

يحدث تلوث التربة بطريقتين أساسيتين، الطريقة الأولى هي التماس المباشر مع الملوثات الناتجة عن النفايات الالكترونية، أو التلوث بالمنتجات الثانوية الناتجة عن إعادة التدوير. أما الطريقة الثانية غير المباشرة فهي ناتجة عن ري التربة بالمياه الملوثة.

يحدث التلوث المباشر بالمواد الناتجة عن النفايات عند التخلص منها بطريقة غير مدروسة أو غير قانونية في مكبات النفايات، وذلك بسبب ترسب المواد الضارة الموجودة فيها إلى التربة مباشرةً. ومن هذه المواد هناك المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والكادميوم وغيرها، بالإضافة إلى المواد المثبطة للهب التي تحتويها. قد تصل هذه المواد والمعادن إلى المياه الجوفية وتلوثها، بالإضافة إلى تلوث المحاصيل التي قد تُزرَع في هذه التربة عاجلًا أم آجلًا.

أما بالنسبة لعمليات إعادة التدوير غير الصحيحة فهي تسبب إطلاق العديد من المواد الضارة الملوّثة للتربة، حيث أنّ تقطيع وتفكيك وحرق هذه النفايات يسبب إنتاج الفضلات السائلة المرتشحة من النفايات إلى التربة، وكذلك إطلاق بعض المواد الضارة كالجزيئات الكبيرة والرماد والدايوكسينات والمواد المعروفة بالإيثرات ثنائية الفينيل متعددة الكروم. كما قد تتلوث التربة بالمواد الضارة الناتجة عن عمليات استخراج الذهب والفضة وغيرها من المواد القيّمة الموجودة في النفايات الالكترونية. بالإضافة إلى التلوث ببعض المواد الإضافية الناتجة عن دمج الزئبق أو رش السيانيد، وذلك نتيجة استخدامها في عمليات استخراج العناصر القيمة.

أما عن ضرر النفايات الالكترونية على البيئة العامة عند تلوث التربة بها، فالحديث يطول! إذ تحصل تغييرات معقدة وغير متوقعة في تركيب التربة نتيجة وصول المركبات السابقة إليها، كالمعادن الثقيلة والإيثيرات ثنائية الفينيل متعددة الكروم والديوكسينات والنفايات السائلة والأحماض وغيرها. ومن الطبيعي أن يكون لهذه التغييرات تأثيرٌ ضارٌ للغاية على الأحياء الدقيقة والنباتات الموجودة في هذه التربة، وبالنتيجة على الحيوانات العاشبة والبرية التي تعتمد على هذه النباتات للبقاء على قيد الحياة. حيث تعاني النباتات التي تنمو في هذه التربة من خلل على مستوى بنية الخلايا، وتغيرات في عمليات الأيض والنمو الضعيف وغيرها.

وقد تعاني بعض النباتات القريبة من مكبات النفايات من تلوث مضاعف نتيجة امتصاصها الملوثات من التربة من جهة، ومن جهة أُخرى نتيجة الاحتكاك المباشر مع أسطحها، حيث يمكن للرصاص تغطية أسطح الأوراق مسببًا انخفاضًا في معدّل التمثيل الضوئي، بالتالي إلحاق الأذى بهذا النبات أو موته.

إنّ تلوث النباتات والغطاء النباتي يفاقم من خطر تعرض الكائنات الأُخرى لهذه المواد الضارة، وذلك كون الحيوانات لا تستنشق الملوثات من الهواء فقط بل تبتلعها عن طريق تناول النباتات الملوثة. ونظرًا لأنّ هذه الملوثات تتراكم بشكل حيوي في السلاسل الغذائية، لذا فكلما زاد حجم الحيوان كلما زاد تأثره بها. وهذا ما قد يسبب اضطرابات معقدة ومربكة في التنوع البيولوجي وتوازن النظم البيئية في هذه المناطق الملوّثة.


ضرر النفايات الالكترونية على الماء

يتلوث الماء بالنفايات الإلكترونية كما في حالة التربة من مصدرين أساسيين، إما من خلال المكبّات غير المجهزة مسبقًا لاحتواء هذه النفايات، أو عن طريق عمليات إعادة التدوير غير الصحيحة، والتي تحصل خصوصًا في بعض المجتمعات الفقيرة في البلدان النامية. حيث تتأثر المياه السطحية على وجه الخصوص بنواتج العمليات الكيميائية المستخدمة في استخراج المعادن الثمينة من النفايات الالكترونية، والتي تعتمد على الأحماض وبعض المركبات الكيميائية السامة في نزع أو كشط المعادن الثمينة عن المكونات الأُخرى الأقل قيمة كالبلاستيك. وحالما يتم الانتهاء من هذه العمليات، يتم رمي هذه المركبات الكيميائية في مصادر المياه المحلية كالبرك والجداول والأنهار، مسببةً تحمّضها وتسميمها. كما يمكن أن تتلوث المياه الجوفية بالمعادن الثقيلة وغيرها من المواد الكيميائية المتسربة من هذه الأماكن إلى مناطق المياه الجوفية.

و ينتج التأثير الأكبر للمياه الملوثة على النظم البيئية أساسًا عن تحمّض (ارتفاع الحموضة) المجاري المائية السطحية. فقد يؤدي التحمّض إلى قتل الكائنات الحية الموجودة بالمياه العذبة أو البحرية على السواء، ويحدث خللًا في التنوّع البيولوجي، بالإضافة إلى تمكين بعض الأنواع من الانتشار والسيادة على حساب غيرها من الأنواع. هذا التأثير قد يخلق ضررًا غير قابلٍ للعكس في الأنظمة البيئية، وقد يمتد على مسافات بعيدة جدًّا عن الأماكن التي تُعالَج فيها هذه النفايات.

بالإضافة إلى التحمّض، هناك مشكلة المعادن الثقيلة والتي تصل إلى المياه السطحية ومنها إلى الكائنات المائية. حيث يؤدي ابتلاع الزئبق إلى تلف عصبي وخلل في الجهاز المناعي وغيرها من الأضرار عند الأسماك المتنوعة. كما أنّ تأثير هذه المعادن الثقيلة يتعدى الكائنات البحرية والنهرية وينتقل عبر السلاسل الغذائية، وصولًا إلى البشر.


التخلص الصحيح من النفايات الالكترونية

لا بدّ أن نعي جميعًا خطورة النفايات الالكترونية، ونحاول الحد منها قدر المستطاع، وذلك باتخاذ بعض التدابير الاحتياطية مثل:

  • إصلاح المعدات الكهربائية واستخدامها طالما لا يزال ذلك مكنًا.
  • التبرع بالأدوات المراد تبديلها طالما لا زالت في حالة صالحة للاستعمال.
  • إعادة تدوير هذه النفايات وفق طريقة صحيحة وممنهجة وفي الأماكن المُجهّزة جيّدًا لهذا الغرض.
هل أعجبك المقال؟