ما هي التعرية الجليدية
تتعرض التربة لعديد من المخاطر ومنها الانجراف والتعرية والحت الذي ينجم عن العديد من العوامل، تُشكل التعرية الجليدية سببًا رئيسيًا لانجراف الترب وتغير التضاريس الأرضية في العصور القديمة التي غطا فيها الجليد أغلب مساحة الكرة الأرضية.
الأنهار الجليدية
تتشكل الأنهار الجليدية في المناطق الباردة القريبة من القطبين الشمالي والجنوبي كنتيجةٍ لعددٍ من العوامل الجويّة والخصائص الفيزيائية لحالات الماء السائلة والصلبة، وهي عبارةٌ عن طبقاتٍ من الجليد المتراص فوق بعضها البعض على شكل صفائحٍ تُغطي مساحاتٍ شاسعةٍ في المناطق القطبية وبخاصة على المنحدرات الجبلية الباردة جدًا، تنشأ كنتيجةٍ لضغط طبقات الثلج على بعضها البعض، وتتالي ذوبان وتجمد الطبقات السطحية من الجليد، فعندما تتساقط الهطولات الثلجية تتراكم الطبقات فوق بعضها لتضغط على الطبقات السفلى وبوجود أشعة الشمس يحدث ذوبانٌ للطبقة السطحية من الثلوج التي تعود لتتجمد بمجرّد انخفاض درجة الحرارة.
تقوم الهطولات الثلجية اللاحقة بضغط الطبقات السابقة الذائبة والتي عادت لتتجمد على شكل بلوراتٍ جليدية، وتتكرّر هذه العملية باستمرارٍ لتُغطي مساحاتٍ شاسعةٍ وتُسمى هذه الطبقات عند تشكلها على الأرض المُسطحة بالغطاء الجليدي لكن عندما تتشكل على المنحدرات الجبلية وكنتيجةٍ لضغط ثقل الجليد وعمليات الذوبان تنزلق بشكلٍ تدريجيٍ على المنحدرات وبحركةٍ بسيطةٍ جدًا لذلك تُسمى بالأنهار الجليدية.
التعرية الجليدية
من المعلوم أن التعرية تعني انجراف وازالة الطبقات السطحية من التربة والصخور التي تحتها، قد تنتج هذه العملية عن العديد من العوامل والأسباب ومنها الثلج أو الجليد المُتشكل في الأنهار الجليدية والذي يمكن أن يؤثر بقوةٍ على طبقة الصخور التي تقع تحته،
يتسرب الماء الذائب من الجليد في الفراغات والشقوق الصغيرة بين الصخور ويعود للتجمد ما يُسبّب زيادةً في حجمه، تسبب هذه الزيادة بالإضافة لوزن الجليد الهائل ضغطًا على الصخور فتتحرك وتنزلق الصخور مع حركة الأنهار الجليدية مُسببةً العديد من الأخاديد في طبقات الصخور الأساس التي تقع تحتها، تكون الأخاديد متوازية عادةً وعميقة وتُسمى بالتصدّعات الجليديةٍ.
تترك الأنهار الجليدية الموجودة في المناطق الجبلية آثار انجرافٍ فريدةٍ، فإذا مرت في انحدارٍ ذو زوايا حادّةٍ على شكل حرف V تقوم بحتّ وتعرية الجدران الجانبية والقاع ليصبح المنحدر بشكل حرف U.
نواتج التعرية الجليدية بحسب ترسباتها
تجرف الأنهار الجليدية معها نواتج التعرية الجليدية ومنها الصخور بكافة الأحجام وحتى الطمي التي تتكسر من حواف النهر الجليدي وتسحبها معها خلال جريانها البطيء الذي يستغرق حتى عدّة سنواتٍ ويمكن أن يسحبها النهر لعدة كيلومتراتٍ،
تودع الأنهار الجليدية الذائبة جمع أنواع الترسبات التي تسحبها معها في عدّة أشكالٍ هي الركام الجليدي أوفي تلالٍ تُسمى الدروملين أو ترسبها على شكل حافّة طويلة متعرجة تُسمى إسكير أو ضمن بُحيراتٍ مغلقة تُسمى البحيرات المطيرة أو بحيرات بلوفيال.
الركام الجليدي
الركام الجليدي هو الشكل الأكثر شيوعًا من أشكال التعرية الجليدية، ويتكون عادةً من الصخور والأتربة التي تتجمّع بعد ذوبان النهر الجليدي وتمتد على امتداد عدة كيلومتراتٍ بدون وجود نمطٍ محدد لتجمعها وتقسم إلى أربعة أنواعٍ هي:
- الركام الجليدي الجانبي: تتواجد هذه الترسبات على حواف النهر الجليدي بارتفاعاتٍ متماثلةٍ كون النهر يدفع الترسبات نحو جوانب مجراه بنفس القوة تقريبًا.
- الركام الجليدي الوسطي: والذي يحدث عادةً عند التقاء نهرين جليديين إذ يحدث انجرافٌ للركام الجانبي من أحد النهرين ليتجمع في وسط مجرى النهر الآخر ويستمر التجمع باستمرار التقاء النهرين.
- الركام فوق الجليدي: هو الترسبات التي تتواجد فوق جليد النهر الجليدي، سواء نتجت عن انجراف الصخور بفعل الجليد نفسه أو عن ترسب الترب والغبار على النهر الجليدي وتجلدها فوقه، وعند ذوبان النهر يتوزع الركام الفوق جليدي بالتساوي على ضفاف وقعر النهر.
- الركام النهائي: وهو الركام الذي يتواجد عند نهاية النهر الجليدي والذي يترسب عادةً في كتلةٍ واحدةٍ كبيرةٍ من الصخور والتربة والرواسب، ومن خلال دراسة الركام النهائي يتمكن العلماء معرفة كل المعلومات عن النهر الجليدي الذائب في منطقةٍ ما مثل مكان نشوئه ومساره وعمر الترسبات وغيرها الكثير.
تلال الدروملين
هي ترسبات نتائج التعرية الجليدية على شكل تلالٍ يصل امتداداها حتى 1-2 كم وارتفاعها بين 15-30 مترًا وعرضها بين 400-600 مترًا، وعادةً ما تتكون من الحتات الجليدي ( وهو عبارةٌ عن ترسباتٍ من الرمل والصخر والطين والحصى الناتجة عن النهر الجليدي)، لكنها تختلف عن بعضها من ناحية مكونات الحتات والتي يمكن أن تكون أغلبها من الحصى في بعض التلال في حين أن بعضها الآخر قد تسود فيه الصخور وفي بعض الأنواع قد تسود الترب المختلفة الممزوجة بالصخور. غالبًا ما تتواجد هذه التلال متجمعةً بالقرب من بعضها بالآلاف وعلى مسافاتٍ شاسعة وتتوزع ضمن نطاقاتٍ أو أحزمةٍ، فيما تتجمع المياه فيما بين البعض المنها لتشكل بعض البحيرات الصغيرة كما في إيرلندا.
تلال إسكير
هي تلالٌ ضيقةٌ وطويلةٌ ومتعرجةٌ تبدو مثل سكة القطار الحديدي تتألف من الحصى الطبقي والطمي والرمال، وهي عبارةٌ عن ترسباتٍ وسطيةٍ في مجاري الأنهار الجليدية أو تحت المسطحات الجليدية غير المتحركة يمكن أن يصل طولها لعدّة كيلومتراتٍ وتبدو من الجو كالثعابين الملتوية.
بحيرات بلوفيال
تشكلت معظم البحيرات الجليدية في مناطق قاحلةٍ حيث لا كمية مناسبة من الهطول المطري، ومع بداية التغيرات المناخية القديمة وتدفق التيارات الهوائية الباردة التي سببتها الصفائح الجليدية القاريّة وزيادة هطول الأمطار ازداد الجريان ومن ثم ذوبان أغلب الانهار الجليدية المتشكلة في العصور السابقة، بدأ ملء الأحواض في المناطق الجافة، بالتالي تشكلت هذه البحيرات كنتيجةٍ لترسبات العصر الجليدي والأنهار الجليدية.