العوالق البحرية

وائل سليمان
وائل سليمان

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

يذخر العالم الذي نعيش فيه بكائناتٍ صغيرة الحجم تؤدي دورًا هامًّا في السلسلة الغذائية الموجودة على هذا الكوكب؛ ولعل أبرزها ما يُدعى بالعوالق التي تعيش في المياه المالحة والعذبة على حدٍ سواء، وتُعتبر غذاءً أساسيًّا لكثيرٍ من الأسماك والكائنات البحرية الكبيرة؛ فإن كنت لا تعلم ما هي العوالق البحرية (Plankton)، وما هو دورها عليك بقراءة السطور التالية.


تعريف العوالق البحرية

يطلق اسم العوالق البحرية على الكائنات الحية من حيواناتٍ ونباتاتٍ التي تعيش في مياه البحار والمياه العذبة، وتتحرك مع التيارات المائية دون أن تتمكن من مقاومتها كونها كائناتٍ غير متحركةٍ أو صغيرة الحجم، بحيث لا يمكنها مقاومة تلك التيارات.

يعود مصطلح بلانكتون (Plankton) إلى اللغة اليونانية القديمة وتحديدًا إلى كلمةٍ تعني الشيء المنجرف (Drifter)، ويشمل الطحالب (Algae) والبكتيريا و الحيوانات الأولية (Protozoans) والقشريات (Crustaceans) والرخويات (Mollusks) والجوفمعويات (Coelenterate) وغيرها الكثير من الكائنات الحية.


دور العوالق البحرية

تُعتبر العوالق البحرية عنصرًا أساسيًّا منتجًا في النظم البيئية في البحار والمياه العذبة، فهي المسؤولة عن تأمين الغذاء للحيوانات الأكبر وبشكلٍ غير مباشرٍ للإنسان، الذي ما لبث أن بدأ بتنميتها والاستفادة منها على نطاقٍ واسعٍ كأحد الموارد البشرية نظرًا لتمتعها بإنتاجيةٍ بيولوجيةٍ مرتفعةٍ واسعة النطاق حيث يستخدم مثلًا الكلوريلا وهو أحد أنواع الطحالب الخضراء أحادية الخلية لإنتاج بيئاتٍ خاصةٍ بالطحالب.

يفكر الإنسان بإمكانية الاستفادة من العوالق النباتية بشكلٍ كبيرٍ خلال الرحلات الفضائية واعتبارها مصدرًا هامًّا للطعام وتبادل الغازات، فمن المعروف أن الطحالب قادرةٌ على تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن تنفس البشر إلى مركباتٍ عضويةٍ، وإطلاق غاز الأوكسجين بدلًا منه.


أنواع العوالق البحرية

يوجد نوعان من العوالق البحرية؛ وهما العوالق النباتية والعوالق الحيوانية. بعضها قد يتطور إلى كائناتٍ قادرةٍ على الحركة والسباحة، والبعض الآخر يبقى عوالقَ طيلة حياته.


العوالق النباتية (Phytoplankton)

يتكون هذا المصطلح من الكلمتين اليونانيتين Phyto؛ وتعني النبات، وPlankton؛ وتعني المنجرف مع التيار، ويشمل الكائنات الحية المجهرية التي تعيش في البيئات المائية سواءً المالحة أو العذبة مثل البكتريا والطلائعيات (Protist) وهي في معظمها نباتاتٌ وحيدة الخلية ومن أشهر أنواع العوالق النباتية البكتيريا الزرقاء (Cyanobacteria) أو كما تعرف الزراقم، والدياتومات المتضمنة السيليكا والسوطيات الدوارة (Dinoflagellates) والطحالب الخضراء والطحالب المجهرية أحادية الخلية المغلفة بالطباشير.

تعتمد العوالق النباتية على عملية التركيب الضوئي للحصول على غذائها حيث تستخدم مادة الكلوروفيل القادرة على امتصاص ضوء الشمس وتحويله إلى طاقةٍ كيميائيةٍ، وبالتالي تمتص غاز ثاني أوكسيد الكربون وتطلق الأوكسجين، ومع ذلك تعتمد بعض أنواع تلك العوالق على الكائنات الأخرى للحصول على طاقةٍ إضافيةٍ.


العوالق الحيوانية (Zooplankton)

هي كائناتٌ حيةٌ صغيرةٌ تطفو على سطح الماء غير قادرةٍ على مقاومة التيارات المائية ما يجعلها عرضةً للانتقال معها أينما اتجهت، وتشكل مصدرًا غذائيًّا هامًّا تعتمد عليه غالبية الكائنات البحرية بشكلٍ كبيرٍ، تتضمن العوالق الحيوانية أنواعًا مختلفةً مثل الشعوعيات أحادية الخلية (Radiolaria) وبيوض سمك الرنجة (Herrings) والسرطانات (Crabs) والكركند (Lobster).

تبقى بعض أنواع العوالق الحيوانية كذلك طيلة فترة حياتها وتدعى الهوائم الحيوانية الدائمة (Holoplankton) كالأوليات Protozoa ومجذافيات الأرجل (Copepods)، بينما تعتبر بعضها عوالقَ مؤقتةً وتدعى Meroplankton، حيث تبقى بداية حياتها كعوالقَ قبل أن تصل إلى مرحلة البلوغ، وتتحول إلى كائناتٍ أخرى مثل نجم البحر الصغير والمحار والديدان وكثيرٍ من الحيوانات البحرية التي تعيش في قاع البحار والمحيطات.


تأثير العوالق النباتية على شبكة الغذاء المائية

تعتبر العوالق النباتية على اختلاف أنواعها عنصرًا أساسيًّا في شبكة الغذاء المائية باعتبارها مصدرًا هامًّا يوفر الغذاء لكافة الكائنات الحية البحرية، بدءًا من العوالق الحيوانية المجهرية وصولًا إلى الحيتان الضخمة، حيث تلتهم الأسماك الصغيرة تلك العوالق لتأمين الأسماك الكبيرة وتتغذى عليها.

لكن هذا لا يعفي العوالق النباتية من دورٍ سلبيٍّ تؤثر به على الكائنات البحرية من خلال إنتاجها موادًا حيويةً سامّةً تظهر على هيئة ما يعرف بالمد الأحمر مسببةً مقتل كثيرٍ من الكائنات البحرية، وكلِّ من يتغذى على المأكولات البحرية حتى الإنسان.

وعند موت العوالق النباتية المائية تغرق إلى قاع البحار والمحيطات لتبدأ البكتريا بتحليلها وتفكيكها مستهلكةً كميات كبيرة من الأوكسجين في الماء، ما يؤثر بدوره على الكائنات الحية في المنطقة وقدرتها على البقاء على قيد الحياة.

هل أعجبك المقال؟