ما هي حضارة دلمون
إذا لم تكن من المهتمين بالتاريخ فإن اسم دلمون سيكون مفاجأةً غريبةً تمامًا، وحتى نكون منصفين فإن الاسم غريب حتى لكثيرٍ من دارسي التاريخ!
لمعرفة بعض الحقائق عن حضارة دلمون تابع معنا قراءة هذا المقال.
حضارة دلمون
وُجدت حضارة دلمون أو تلمون في الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية عام 2000 قبل الميلاد، وعلى الرغم من قدم هذه الحضارة، إلا أنها أقل شهرةً من الحضارات الأربع في العالم القديم المتمثلة في حضارة بلاد ما بين النهرين وحضارة مصر القديمة وحضارة وادي السند وحضارة النهر الأصفر.
موقع حضارة دلمون
نشأت معظم الحضارات في العالم القديم (إن لم نقل كلها) حول وديان الأنهار، إلا أن حضارة دِلمون تُعتبر استثناءً فقد وجدت هذه الحضارة في دولة البحرين حاليًا.
تطورت حضارة دِلمون كمركزٍ تجاريٍّ وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي على الخليج العربي؛ فكانت بذلك على اتصالٍ مع اثنين من مهد الحضارات الأربع، وهما حضارة بلاد ما بين النهرين وحضارة وادي السند.
حضارة دلمون في الأساطير القديمة
ملحمة جلجامش
من منا لم يسمع بملحمة جلجامش الشهيرة والتي تُعد من أعظم الأعمال الأدبية التاريخية. في الجزء الثاني من ملحمة جلجامش يضطر بطل الملحمة جلجامش للبحث عن سر الخلود بعد وفاة صديقه الحميم، وللقيام بذلك عليه البحث عن رجلٍ يدعى آت نابشتيم وهو الوحيد الذي وصل لسر الحياة الأبدية، حيث تذكر الملحمة أن آت نابشتيم يسكن بعيدًا عن مصب الأنهار، الأمر الذي فسره معظم علماء الآثار بدلمون.
أسطورة إنكي
إنكي (المعروف أيضًا باسم Ea و Enkig و Nudimmud و Ninsiku) هو إله الحكمة السومرية والمياه العذبة والذكاء والخداع والأذى والحرف اليدوية والسحر وطرد الأرواح الشريرة والشفاء والإبداع والخصوبة.
ذُكرت دلمون في الأساطير السومرية على أنها الأرض المشرقة والنقية وهي جنة الفردوس التي تخلو من المرض أوالموت.
امتلأت أرض دِلمون وفق الأساطير السومرية بمصادر مياهٍ إلهيةٍ وفيرةٍ وعذبةٍ، أخرجها من عالم تحت الأرض إله الشمس أوتو ( شماش) بناءً على طلب إله الحكمة إنكي، فحولت هذه المياه أرضًا جافةً في السابق إلى حديقةٍ للآلهة، حيث كانت الإلهة الأم نينهوراساج تميل إلى النباتات المقدسة. ويعتقد أن آلهةً مختلفةً جعلت دلمون وطنها، بما في ذلك إنكي (Enki) نفسه.
حضارة دلمون كمركز للتجارة
لم تكن دِلمون فقط مكانًا أسطوريًا يذكر في الملاحم والأساطير بل كانت مركزًا تجاريًا بحسب النصوص التي وجدت في السجلات المسمارية السومرية والبابلية.
يتحدث أحد أقدم النقوش المعروفة التي تشير إلى دِلمون عن الجزية التي أحضروها إلى أور نانشي، أول ملوك الأسرة الأولى في لاغاش.
كما أن هناك نقشٌ آخر من عهد سرجون الكبير يفتخر بسفن دٍلمون التي ترسو في أغادي "… السفن من دلمون، قام بربطها بجانب رصيف أغادي". مما يدل على أن سفن حضارة دلمون سهلت العمليات التجارية بين بلاد ما بين النهرين وبلاد وادي السند.
وقد اكتشفت البعثات الأثرية أختامٌ دائريةٌ من الخليج العربي (من دلمون) في كلٍ من وادي السند وبلاد ما بين النهرين، وهذا يدل على أن التجارة ازدهرت بين هذه الحضارات الثلاث.
أما أهم السلع التي تاجر بها تجار دلمون فهي النحاس المستخرج من مناجم عُمان، حيث شحن تجار دِلمون النحاس إلى مدن بلاد ما بين النهرين واحتكروا هذه التجارة.
آثار حضارة دلمون
كانت المعضلة الأولى بالنسبة لعلماء الآثار هي تحديد مكان حضارة دِلمون بشكلٍ دقيقٍ وذلك بعد أن تأكدوا من وجدوها من خلال النقوش والرقم الأثرية.
تكهن العلماء الأوائل بأن دلمون تقع في الكويت وشمال شرق المملكة العربية السعودية والقرنة بالقرب من البصرة بالعراق.
انتهت مشكلة تحديد الموقع مع اكتشاف الحفريات والبقايا الأثرية في قلعة البحرين في خمسينيات القرن الماضي. وقد حدد علماء الآثار والحفريات المرفأ القديم في البحرين عاصمةً لحضارة دلمون، حيث اكتُشف في هذا الموقع العديد من الآثار التي يعود تاريخها للعام 2300 قبل الميلاد كما اكتُشفت العديد من المدافن في قلعة البحرين.