قوة الطرد المركزية
قد تكون كلمات العنوان مألوف بالنسبة لك، ولكن ليس الجميع يدرك ما هي قوة الطرد المركزية هذه، ولكي نبسطها سننطلق لرحلةٍ عبر الفضاء لكي نرى تأثيرها، ونستوعب أهميتها، بالأخصّ وأنها قوة وهمية، هل أنت مستعد؟ إذن فلننطلق.
تخيل نفسك الآن تخرج من الغلاف الجوي للأرض، وها أنت ذا تبتعد شيئًا فشيئًا حتى رأيت الأرض من بعيد، وأصبحت بقية الكواكب الموجودة بالمجموعة الشمسية في متناول بصرك، هل تلاحظ شيئًا؟ حسنًا، ستلاحظ أن كواكب المجموعة الشمسية جميعا تدور حول الشمس، بفعل جاذبية نجم الشمس الكبيرة، ولكنها لا تقترب من الشمس إلا بمسافةٍ محددةٍ لكل كوكب، وكأنما هنالك ما يمنع هذه الكواكب من الاقتراب أكثر.
بالطبع؛ ذاك الأمر يحميها من خطر الشمس، فإذا اقتربت هذه الكواكب من الشمس ووقعت في مركز الشمس، فإنها ستُدمر، أي أنّ ما يحمي الكواكب من الشمس هو عنوان مقالنا هذا (قوة الطردة المركزية)، فلنستفيض الآن ببعض المعلومات المفيدة عنها.
تعريف قوة الطرد المركزية
عبارةً عن قوةٍ وهميةٍ تنشأ كرد فعل مقابل لقوة الجذب المركزية، مثل تلك القوة التي تبقي الجسم في مسارٍ دائريٍّ، تمامًا كوجود الكواكب حول الشمس دون أن تسقط في مركز جذب الشمس.
مُكتشف قوة الطرد المركزية
إنه عالم الفيزياء الإنجليزي المعروف إسحق نيوتن، إليك نبذة بسيطة عن حياته. ولد إسحاق نيوتن في 4 يناير عام 1643 م، في لندن، وكان والده مزارعًا، وقد توفي والده قبل ولادة إسحاق بأشهرٍ قليلة، وظهر تفوقه الدراسي، واستطاع أن يجتاز اختبارات الجامعة ودخل جامعة كامبريج في يونيو عام 1661 م، ومن هنا بدأ مشواره العلمي الذي أثمر عن عدة نظريات أهمها نظرية الجاذبية، والتي خلدت ذكراه في تاريخ العلم. تُوفي نيوتن في 31 مارس عام 1727 م.
متى اكتشف نيوتن قوة الطرد المركزية!؟
في عام 1666 م، عندما حدثت قصة التفاحة الشهيرة، وبدأ نيوتن يتساءل حول سبب وقوعها وعدم رفعها، وتوصل إلى مفهوم الجاذبية، فلم يضع تركيزه على الجاذبية فقط، وتساءل، إذا كان هناك أجسامٌ تنجذب لأجسامٍ أخرى أكبر في الكتلة، فلمَ لا تصطدم الشمس بالكواكب؟ نعم، توجد قوة جذب مركزية تشد الكواكب حول الشمس، لكن لا يمكن تجاهل القوة التي تبقي هذه الكواكب على مسافاتٍ مختلفةٍ من الشمس، وهنا جاء نيوتن بمصطلحٍ آخر يعبر عن قوة تعاكس قوة الجذب المركزية، وأطلق عليها (قوة الطرد المركزي) وهي قوةٌ تعاكس قوة الجذب في المقدار وفي الاتجاه.
حساب قوة الطرد المركزية
يمكن حساب القوة الطاردة المركزية من خلال القانون التالي:
Fc = −mv^2/r
حيث إنّ Fc هي القوة الطاردة المركزية، m هي كتلة الجسم، v هي سرعة دوران الجسم، r هي نصف قطر الدائرة التي تمثل المسافة بين الجسم، والمركز، ومن ذلك القانون يتضح أن قوة الطرد المركزية تتأثر بعدة عواملٍ منها كتلة الجسم، والمسافة بين المركز والجسم، وأيضا سرعة دوران الجسم.
تطبيقات القوى الطاردة المركزية
توجد العديد من التطبيقات للقوة الطاردة المركزية في حياتنا اليومية، قد تكون تستخدمها ولكنك لا تعرف أن هذه ما تسمى القوة الطاردة المركزية، إليك بعض من هذه التطبيقات.
- إذا كنت تسير بسيارتك وفجأة أخذت اتجاه اليمين، فستجد جسمك تلقائيًا يأخذ اتجاه اليسار. هذا حدث نتيجة لتأثير القوة الطاردة المركزية، وعندما تقود سيارتك في المرة القادمة انتبه ولاحظ هذا الأمر.
- عندما تريد تحريك دلو ماء مملوء على آخره، فإنك لا تجازف وتحركه بشكلٍ مستقيمٍ الى الأمام او الخلف، ولكنك ببساطةٍ تقوم بتحريكه بشكلٍ دائريٍّ، حتى لا تفقد الماء الموجودة به، والحقيقة هي أن كتلة الماء التي تملأ الدلو تكون متوازنة بفضل قوة الطرد المركزية التي تؤثر عليها.
- فكرة الأرجوحة، إذا لاحظت الأطفال الذين يمرحون بها؛ فستجد أنهم يدورون حول المحور الأفقي الموجود في المنتصف؛ وهذا نتيجة تأثير قوة الطرد المركزية على الأطفال.
- إذا كنت قد استخدمت عملة أو غطاء زجاجة المشروبات الغازية، وربطتها في حبل وأخذت تديرها بقوة فإن سرعة دورانها ستزداد، وهذا نتيجة تأثير قوة الطرد المركزية على العملة.
- تفلطح الأرض عند خط الاستواء، وتسطّحها عند القطبين، الذي يجعل الأرض تبدو في شكلٍ كرويٍّ، يرجع أيضا لتأثير القوة الطاردة المركزية على الأرض.
- عندما تشغل آلة الغسل التي بمنزلك، ويأتي دور التجفيف، فستلاحظ وجود جدران مثقبة، هذه الثقوب مسؤولة عن إخراج المياه بعد عملية الغسل، وبالتالي تجفيف الملابس الرطبة، التي تؤثر عليها القوة الطاردة المركزية وتدفعها، فتخرج المياه التي بها عبر الثقوب.
- في التجارب العلمية، يتم فصل الجزيئات عن بعضها باستخدام القوة الطاردة المركزية، عن طريق ضبط جهاز الطرد المركزي على سرعات محددة، وكل سرعة تكون مسئولة عن فصل جزيئات محددة، وبأحجام محددة.