مرض نيمان بيك .. أنواعه وأعراضه والتشخيص والعلاج

سالي ديب
سالي ديب

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

مرض نيمان بيك (Niemann-Pick Disease)، هو واحدٌ من الاضطرابات الوراثيّة النادرة التي تشاهد لدى الأطفال، يؤثّر هذا المرض سلبًا على استقلاب الدّهون داخل خلايا الجسم، ممّا يؤدي إلى تخرّبها وموتها مع مرور الوقت. في هذا المقال نتعرّف بشيءٍ من التفصيل عن هذا المرض، أنواعه وأعراضه، وكيفيّة تشخيصه، وخيارات العلاج المتاحة في الوقت الحاليّ.


أنواع مرض نيمان بيك وأسباب كلّ منها

يقسم المرض إلى عدّة أنواعٍ مرمّزة بالأحرف A وB وC. يعتبر النّمطان A وB متشابهين لذلك قد تجدهما في بعض المراجع ضمن تصنيف "النمط الأوّل" للمرض، بينما يكون النّمط الثّاني هو نفسه النّوع C، وقد تجد في بعض المراجع الأخرى نمطًا ثالثًا هو النّمط E، وهو شكلٌ نادرٌ جدًا للمرض يحدث لدى البالغين. كما يذكر في بعض التصنيفات وجود نوع D ولكن تبيّن لاحقًا أنّ هذا النّوع هو مجرّد تصنيفٍ فرعيٍّ ضمن النّمط C من المرض.


النوعان A وB 

ينتج هذان النوعان عن طفراتٍ متعدّدةٍ تصيب الجين (SMPD1)، وهو الجين المسؤول عن إنتاج حمضٍ يعرف "حمض السفينجوميليناز (Acid Sphingomyelinase)" المسؤول عن تحويل الدهون نوع من "سفينجوميلين (Sphingomyelin)" إلى نوعٍ آخر من الدهون يسمى "سيراميد (Ceramide)". إنّ الطفرة السّابقة تؤدي إلى اضطراب عمل هذا الإنزيم وبالتالي تراكم مادّة السفينجوميلين داخل خلايا الجسم المختلفة، ويؤدي ذلك إلى خللٍ في وظائف هذه الخلايا وموتها في النهاية، وما يتبع ذلك من تدهورٍ في صحّة الطّفل المصاب.


النوع C 

في هذا النوع، تكون الطفرات على حساب الجين (NPC1) أو (NPC2)، وهي الجينات المتحكّمة بوظيفة بروتينات أساسيّة مسؤولة عن عمليّة تحريك الدّهون من الخلايا؛ وبالتالي فإنّ الآليّة الأساسيّة للاضطراب الناتج عن الطفرة المذكورة، هي إحداث نقص في البروتينات التي تحرك الكولسترول إلى خارج الخلايا، مما يؤدّي إلى تراكمه وبالتالي أذيّة الخلايا وتلف الأعضاء المصابة. يصنّف هذا النّمط إلى نوعين فرعيين هما C1 أو C2 حسب الجين المصاب.

الجدير بالذّكر أنّ أكثر الأعضاء تضرّرًا من هذه الإضطرابات هي: الدّماغ، والأعصاب المحيطيّة، والعضلات، والطحال، والكبد، ونقي العظم، كما يطال في بعض الأشكال الخطيرة منه الرئتين. ومن الجدير بالذّكر أيضًا أنّ آثار هذه الطّفرات قد تظهر في أيّة مرحلةٍ عمريّةٍ إلّا أنّها أشيع عند الأطفال من غيرهم..


أهم أعراض وعلامات مرض نيمان بيك

تختلف أعراض المرض حسب النوع، وتكون على الشّكل التالي:


أعراض النّوع A

تظهر علامات وأعراض المرض في هذا النّوع خلال الأشهر القليلة الأولى من الحياة وتشمل:

  • انتفاخ البطن بسبب الضخامة الكبدية والطحالية، بالإضافة إلى تضخّم العقد اللمفاوية
  • صعوبةٌ في الرضاعة، وفي أداء المهارات الحركية الأساسية لدى الطّفل بسبب ضعف العضلات.
  • تلف في الدماغ، فقدان المنعكسات العصبية المختلفة.
  • انتاناتٌ رئويّةٌ وتنفسيّةٌ متكرّرة.
  • ظهور "بقعة كرزية حمراء" في فحص شبكية العين.

أعراض النّوع B

تبدأ أعراض النوع B من مرض نيمان بيك بالظهور عادةً في أواخر مرحلة الطفولة أو في المراهقة، وتشمل أهم علاماته وأعراضه ما يلي: 

  • قصر القامة نتيجة تأخر النمو أو فشل النمو بمعدلٍ طبيعيٍّ.
  • اضطراباتٌ نفسيةٌ وتأخر عقلي.
  • ضعف التنسيق في حركات الجسم، واضطراب أداء الأعصاب المحيطية.
  • تضخم الكبد والطحال، والذي غالبًا ما يظهر باكرًا في سياق المرض وقبل العلامات الأخرى.
  • تشوّهاتٌ في العين ومشاكلُ في الرؤية.
  • تشوّهاتٌ في الرئتين و تكرار الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي.
  • انخفاض عدد الصفيحات الدموية، وارتفاع نسبة دهون الدم.

أعراض النّوع C

لا يخضع ظهور أعراض هذا النّوع لوقتٍ محدّدٍ، فيمكن أن يظهر في الطفولة الباكرة أو عند البالغين، لكنّ الأشيع أن يحدث لدى الأطفال في عمر الخمس سنوات، وتشمل أهم هذه الأعراض كلًّا مما يلي:

  • صعوباتٌ في التعلم وانخفاض درجة الذكاء.
  • صعوباتٌ في الكلام، والبلع.
  • الارتعاش وفقدان الفعالية العضلية، وبالتالي صعوبة في تحريك الأطراف والمشي. 
  • صعوبةٌ في تحريك العينين، خاصةً للأعلى والأسفل وفقدان البصر في بعض الحالات.
  • فقدان السّمع.
  • تلف في الدماغ. 
  • بالإضافة إلى ضخامة الكبد والطحال..

تشخيص مرض نيمان بيك

إنّ ندرة مرض نيمان بيك وتشابه أعراضه مع العديد من الأمراض الأخرى التي غالبًا ما تكون أكثر شيوعًا منه، تؤثّر بشكلٍ سلبيٍّ على سرعة تشخيص المرض. يتم التوجّه إلى تشخيص نيمان بيك من خلال الفحوص السريريّة السابقة المفصّلة للمريض، والتاريخ الطبّي الدقيق للطفل ولعائلته (خاصّةً وأنّ المرض وراثي فيمكن أن يصاب به أفرادٌ آخرون من العائلة). يأتي بعد ذلك، الفحص السّريري وملاحظة أعراض المرض من الضخامات الكبدية والطحالية، اضطرابات النمو وغيرها من العلامات والأعراض المذكورة في الأعلى.

أمّا تأكيد التشخيص فهو يعتمد على التحاليل والفحوصات المخبريّة ويكون على الشّكل التّالي:

  • يكون تشخيص النوع A أو B من خلال تحليل عينةٍ من الدم أو خزعةٍ من الجلد، وقياس كمية إنزيم السفينجومياليناز في كريات الدم البيضاء أو خلايا الجلد.
  • أمّا تشخيص النوع C فيكون من خلال دراسة حركيّة جزيئات الكوليسترول وآليّات تخزينها ضمن خزعةٍ مأخوذةٍ من الجلد..

*ملاحظة: يستخدم الجلد كمصدرٍ للخزعة في الأمراض الوراثيّة كون الاضطراب يشمل DNA كافّة الخلايا (بما فيها الجلد)، وكون الحصول عليها أسهل من الأعضاء الأخرى وأقل إيذاءً للمريض.


علاج مرض نيمان بيك

للأسف، فإنّ العلاج الشّافي من مرض نيمان بيك غير موجودٍ، وإنّما يتركّز تدبير الأطفال على الأعراض ودعم الحياة قدر الإمكان، وغالبًا ما يموت الأطفال في النّهاية نتيجة إنتانٍ أو كنهايةٍ للتلف التدريجي الذي يطال الجهاز العصبي المركزي.

أُجريت محاولة زرع نخاع العظم عند عددٍ من الأطفال المصابين بالنوع (B) من المرض، وأعطت بعض التجارب أملًا فيما يتعلّق بهذا النّوع في حال نجاح عمليّة الاستبدال الإنزيمي أو العلاجات الجينيّة المختلفة.

في الختام، من المهم التنويه إلى أنّ تراكم الدّهون في الخلايا في سياق هذا المرض يحدث بشكلٍ تلقائيٍّ في الجسم، ولا دور لكميّة الدّهون والكولسترول عند إجراء الحمية في إحداث أو التقليل من حدوث المرض..

هل أعجبك المقال؟