نهر النيل
تغنى الكثيرون بجمال نهر النيل وعظمته، ولطالما ارتبط هذا النهر بمصر رغم أنه يجري في الكثير من البلدان الأخرى، وقد كان له الأثر الكبير في ازدهار الحضارات التي جاورته. ونظرًا لأهميته الكبيرة سنقدم في هذا المقال بعض المعلومات عن نهر النيل.
ما هو نهر النيل
يُعتبر نهر النيل أطول أنهار العالم، وقد لقّب بأبي الأنهار الأفريقية. ينبع من جنوب خط الاستواء من نهر كاجيرا في بوروندي ويتجه شمال شرق أفريقيا ليصب في البحر الأبيض المتوسط، بطولٍ يصل إلى حوالي ٦٦٥٠كم ويروي منطقة تقدر مساحتها ٣٣٤٩٠٠٠كم٢، ويضم حوضه مناطقَ من كينيا وجنوب السودان تنزانيا وبوروندي ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وأوغندا والسودان والمناطق الزراعية من مصر.
كان لهذا النهر الفضل في تحويل المناطق الجافة حوله إلى أراضٍ زراعيةٍ منذ ٤٠٠٠ عامٍ، وما زال حتى الآن أهم مصادر التروية في مناطق جريانه إضافةً إلى كونه طريقًا للتجارة والنقل.
روافد النيل
لنهر النيل رافدان أساسيّان وهما:
- النيل الأبيض الكبير، ويعتبر المنبع الأساسي للنيل. يبدأ هذا الرافد من منبع النيل من بحيرة فيكتوريا، ولكنها لا تعتبر المصدر الأساسي للنيل لأن النهر يتشكل من عدة روافدَ قادمة من الجبال المجاورة. وحسب المستكشف البريطاني نيل مكريغور (Neil McGrigor) فإن أبعد مصادر النهر الأساسية موجود في بداية نهر كاجيرا.
- النيل الأزرق، ويحتوي هذا الرافد على ثلثي حجم مياه النيل ومعظم الطمي، ومنبع هذا الرافد هو بحيرة تانا في أثيوبيا، ويلتقي مع النيل الأبيض قرب الخرطوم عاصمة السودان، ويتابع النهر من هناك جريانه شمالًا عبر الصحراء المصرية، وينتهي في الدلتا حيث يصب في البحر المتوسط.
دلتا النيل
يبلع حجم جريان مياه نهر النيل في اليوم ٣٠٠ مليون كم٣، أي ستحتاج المياه ثلاثة أشهرٍ تقريبًا لتصل إلى المصب في المتوسط بدءًا من نقطة خروج النيل من بحيرة فيكتوريا.
ويتفرع نهر النيل إلى فرعين هما فرع دمياط في الشرق وفرع الرشيد في الغرب، ويصبان في البحر الأبيض المتوسط عند بورسعيد في الشرق والإسكندرية في الغرب لتتشكل منطقة دلتا تمتد على الساحل بطول ٢٤١كم، ويبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب ١٦١ كم.
تُعتبر دلتا النيل من أخصب المناطق بسبب ما يخلفه النيل من الطمي أثناء جريانه إلى مصبه، إضافةً إلى الفيضان السنوي للنهر. ويظهر أثر النيل جليًّا في جعله للمناطق التي يرويها مخضرةً ونضرةً مقارنةً بالصحراء المحيطة بها.
فيضان نهر النيل
كان نهر النيل يمتلئ سنويًّا بكميات مياه تفوق طاقته الاستيعابية بسبب الأمطار الصيفية الغزيرة وذوبان الثلوج فوق الجبال الأثيوبية، فيفيض بمياهه على المناطق الجافة من صحراء مصر مخلفًا وراءه -بعد انحسار مياهه- الكثير من الطمي والرواسب التي تغذي التربة، ومن هنا تكمن أهمية فيضانه وخاصةً أن الأمطار في هذه المنطقة الصحراوية نادرةٌ جدًا.
لكن في عام 1970 بُني سد أسوان العالي فلم يفض بعدها النهر كما كان قديمًا، حيث يتحكم هذا السد بجريان مياه النهر لتوليد الكهرباء وسقاية الأراضي الزراعية وتأمين مياه الشرب.
أهمية نهر النيل قديمًا
شكل نهر النيل لغزًا غامضًا لدى اليونانيين والمصريين القدماء لأنه يتجه من الجنوب إلى الشمال على خلاف الأنهار التي عرفوها، إضافةً إلى فيضانه في أكثر أوقات السنة دفئًا، وقد سماه المصريون القدماء Aur أو Ar بمعنى الأسود بسبب لون الرواسب التي يخلفها النهر بعد فيضانه.
يغطي حوض النيل عِشر مساحة القارة الإفريقية، ولذلك فقد شهد نهوض وسقوط حضارات متقدمة في العالم القديم، وسكن على ضفافه أوائل الشعوب التي عرفت أساليب الزراعة واستخدام المحراث.
ووُلدت على ضفافه الخصبة أكثر حضارات العالم القديم تميزًا وهي حضارة مصر القديمة. وقد عُرف هذا النهر باسم "أب الحياة" و"أم البشرية"، مما يشير إلى قيمته الكبيرة لدى هذه الحضارة خاصةً وأنه كان المساهم الأكبر في ازدياد ثروتها وقوتها، وقد عوضها فيضان النهر عن طبيعة الأرض الجافة وقلة الأمطار.
رُبط النيل قديمًا مع الآلهة المسؤولة عن مباركة الأرض ولعنتها وأحوال الطقس وازدهار أحوال الناس، فقد مثّل في إحدى الأساطير الإله هابي (Hapi) الذي بارك الأرض وسبب ازدهارها، كما ارتبط بالإلهة إيزيس (Isis) إلهة النيل ومانحة الحياة. أما الطمي والرواسب التي تُغني الأرض بعد فيضان النيل فقد اعتُقد أن الإله خنوم (Khnum) حاكم الماء في الأرض من بحار وبحيرات وأنهار ومياه جوفية، وهو المسؤول عن كميتها.